سجاد الجامع الأموي في دمشق.. تفاصيل خاصة حول المبادرة التركية لاستبداله

Main Image
Thumbnail 1

تقارير وتحقيقات | 3 02 2025

إيمان حمراوي دمشق: محمد سليمان

يجذب الجامع الأموي بصفته رمزاً وطنياً ودينياً في العاصمة دمشق، الأنظار إليه منذ لحظة سقوط النظام السوري السابق وهروب بشار الأسد، بعد أن تحول إلى مزار للقادمين إلى البلاد والصحافة العربية والأجنبية، لما يحمله من قيمة لدى السوريين وأهالي العاصمة.

وعلى هامش التظاهرات التي شهدها والأحداث المؤسفة في ما وصف بـ"فاجعة وليمة" التي راح ضحيتها مدنيون عند جدرانه الخارجية، برز الحديث عن مباردة تركية لاستبدال سجاد الجامع الأموي، دون تفاصيل واضحة حولها.

توجهت "روزنة" إلى الجامع الأموي، للاستفسار عن صحة المعلومات حول استبدال السجاد، فقدم لنا عصام سكر مدير المسجد الأموي بدمشق (مسجد بني أمية)، معلومات نرفقها لكم في المادة التالية.

تبرع وخطوة مرحب بها

قال عصام سكر لروزنة إنّ لجنة تركية زارت بالفعل المسجد الأموي خلال الآونة الأخيرة لمعاينة سجاد المسجد، وجرى الحديث عن تصنيع سجاد من أفضل الموجود في تركيا.

وأكد سكر أن تركيا تبرعت بتبديل سجاد الأموي، "وهي خطوة مرحّب بها، لكون السجاد أصبح قديماً جداً وبعضه مهترئ".

وأعلنت فاطمة شاهين، رئيسة بلدية غازي عنتاب جنوبي تركيا، مبادرة لتجديد سجاد المسجد الأموي بدمشق باستخدام السجاد التركي الفاخر، بعدما طالب أكاديمي تركي بذلك عقب زيارته للمسجد.

وسرت إشاعات بعد إعلان "شاهين" أن استبدال السجاد وأعمال الترميم الحاصلة حالياً في الجامع الأموي، ستكون تمهيداً لزيارة مرتقبة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى دمشق، والصلاة في الأموي، بشهر رمضان المقبل.

ولم يصدر تصريح رسمي من وزارة الأوقاف السورية حول المبادرة وقبولها أو كما ترى بعض الآراء التي رصدتها "روزنة"، أن تبديل الجامع "يجب أن يكون برأس مال وطني سوري، لما يمثله الجامع من رمزية وطنية لسوريا والسوريين".

ودلل ناشط سياسي فضل عدم ذكر اسمه، أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أصر على أن يكون سجاد جامع آيا صوفيا تركياً مئة بالمئة، حتى أنه لم يقبل أن يكون القطن نيوزلندياً حسب ما عرض بعض التجار "فلماذا لا يكون سجاد الأموي بتبرعات سورية أو من الدولة".

لجنة للمعاينة

لفت عصام سكر إلى أنّ السجاد القديم للمسجد الأموي الذي كان مصنعاً من قبل شركة محلية، رجّح أن تكون في السويداء، سيوزّع على عدة مساجد. وتحدث أنه سيكون هناك بعض الترميمات للمسجد غير المتعلّقة بالبناء.

من جهتها فاطمة شاهين، رئيسة بلدية عنتاب، أوضحت عبر منشور على منصة "إكس"، في التاسع من الشهر الجاري، أن شركة رائدة في صناعة السجاد من غازي عنتاب ستتكفل بكامل التكلفة، قائلة: "نأمل أن يكون سجاد المسجد الأموي جاهزاً لصلاة التراويح الأولى".

"درة بلاد الشام.. يستحق"

أبو محمد، أحد زوار المسجد الدائمين، قال لروزنة: "إن المسجد الذي يعتبر درة بلاد الشام يستحق هذه المبادرة التركية لإعادة استبدال السجاد المتهالك".

وأشار أبو محمد إلى أن "الناس تتهافت على المسجد الأموي بالآلاف لزيارته بعد سقوط النظام السوري، كمعلم سوري وديني، لهذا تعتبر هذه المبادرة جيدة، لاستبدال السجاد لصالح المسجد".

وفي الثامن من كانون الأول الفائت، عند سقوط النظام السابق، زار أحمد الشرع قائد "إدارة العمليات العسكرية" حينها، الأموي، وألقى أول كلمة وخطبة له هناك، لما يحمله الجامع من رمزية لدى السوريين دينياً ووطنياً، إضافة للمظاهرات التي شهدها بداية الثورة السورية.

القصة وراء المبادرة التركية

بدأت القصة في 24 كانون الأول الماضي عندما صرحت فاطمة شاهين، عن استعداد بلدية غازي عنتاب وجمعية مصدري السجاد في جنوب شرق الأناضول لتجديد سجاد المسجد الأموي.

وفي منشور عبر "إكس" قالت فاطمة: "نحن على استعداد لتجديد سجاد الجامع الأموي في دمشق، تتشرف عاصمة السجاد العالمية غازي عنتاب بتجديد سجاد المسجد الأموي في دمشق".

جاءت هذه المبادرة استجابة لطلب الأكاديمي التركي الدكتور عبد القادر شان، الذي دعا إلى تجديد السجاد بعد زيارته للمسجد في 22 كانون الأول.

وأوضح في مقطع فيديو أن السجاد الحالي بحالة متدهورة، ويحتاج إلى تجديد، حيث يظهر على أطرافه التمزق والقدم، وهو ما لا يليق بالمسجد، في ظل عدم وجود جهة تعتني به أو تعمل على ترميم السجاد، وفق قوله.

وقبل ذلك، أعلنت فاطمة شاهين، افتتاح "أكبر معرض للسجاد في العالم" (Carpet & FlooringExpo Expo) في غازي عنتاب، موضحة أنّ تركيا تصدّر 70 بالمئة من السجاد الآلي في العالم، إلى 173 دولة.

ماذا نعرف عن سجاد المسجد الأموي؟

خلال حكم النظام السوري السابق، تعرض المسجد الأموي لإهمال كبير شمل آثاره وسجاده الفاخر.

عام 2009، نشر الصحفي السوري أيمن الشوفي، تحقيقاً على جريدة "الخبر" الاقتصادية، عن "سرقة السجاد الفارسي من المسجد الأموي وساعة المرجة".

وقال إن جميع السجاد القديم والثمين في المسجد (العجمي والشيرازي والأصفهاني) الذي يعود تاريخه إلى القرون الأولى للإسلام استبدل بسجاد جديد عام 2004، من إنتاج "الشركة العامة للسجاد" التابعة لوزارة الصناعة، مع اختفاء السجاد الأصلي.

وأوضح التحقيق، أن الجامع الأموي احترق بالكامل عام 1891، وبقي أهل دمشق يرممونه لمدة 6 سنوات، بمساندة من السلطان العثماني عبد الحميد الذي أهدى الجامع آنذاك سجادة مساحتها 100 متر مربع.

وفي ذات التحقيق، يقول، محمد الجيرودي المشرف العام على المسجد، إنه جرى استبدال سجاد الجامع القديم بسجاد محاريب من صنع الشركة العامة للسجاد، ومدت كل أرض الجامع بها، أما السجاد القديم فقد ذهب إلى المستودع.

وقد تبين أن عمره 40 إلى 50 عاماً، أي ليس له أي قيمة أثرية، باستثناء السجادة التي أهداها السلطان عبد الحميد، وعمرها أكثر من مئة سنة.

ويضيف الجيرودي: "قد يكون السجاد القديم موزعاً بين جوامع دمشق" ويؤكد أن مستودع الجامع الأموي لا يتضمن سوى سجادة السلطان عبد الحميد وسجاد آخر عمره نحو 50 عاماً، وفق التحقيق المنشور عام 2009.

الكاتب والمؤرخ السوري، سامي مروان مبيض، اكتفى بالرد على سؤال لروزنة إنه أثار ذات القضية عام 2017 بمقال نشره على موقعه الإلكتروني، تحت عنوان: "مفقودات دمشق: مخطوطات ثمينة وثريات فاخرة وسجاد الأموي النادر أين المصير؟".

وقال مبيض في مقاله: "استبدل سجاد جامع بني أمية الكبير ببسط حديثة، وقبل الحرب شكلت لجنة لمعاينة ممتلكات الجامع في دمشق، وقررت إرسال سجاده الفاخر إلى متحف الأموي، تحت إشراف العلامة الشيخ الراحل، عبد الرزاق الحلبي.

وأضاف متسائلاً: "قد تكون السلطات المعنية نقلته إلى مكان آمن، حفاظاً عليه، ولكن من حقنا أن نعرف ذلك، ما مصيرها وماذا حل بها".

تاريخ الجامع الأموي

يعتبر الجامع الأموي الكبير بدمشق، وفق منظمة الأمم المتحدة "اليونيسكو"، أحد أكبر المساجد في العالم، وأحد أقدم مواقع الصلاة المستمرة منذ ظهور الإسلام. ويشكل تطوراً ثقافياً واجتماعياً وفنياً مهماً.

وقالت "اليونيسكو"، كانت دمشق، كعاصمة للخلافة الأموية، أول خلافة إسلامية، ذات أهمية كبيرة في تطوير المدن العربية اللاحقة.

مع مسجدها الكبير في قلب خطة حضرية مستوحاة من الشبكة اليونانية-الرومانية، قدمت المدينة النموذج المثالي للعالم العربي الإسلامي، تضيف المنظمة.

وشيّد الجامع في موقع ذي تاريخ ديني عريق، إذ كان معبداً للإله الآرامي "حدد" في الألفية الأولى قبل الميلاد، ثم تحوّل إلى معبد روماني للإله "جوبيتر"، ولاحقاً إلى كنيسة القديس يوحنا المعمدان في العهد البيزنطي.

ومع الفتح الإسلامي لدمشق، قسّم الموقع بين المسلمين والمسيحيين، حيث استخدم المسلمون الجزء الشرقي كمسجد، والمسيحيون الجزء الغربي ككنيسة.

و في عهد الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك (705-715م)، تم تحويل الموقع بالكامل إلى مسجد، حيث بُني الجامع الأموي بتصميم فريد يجمع بين الفنون المعمارية الإسلامية والتأثيرات البيزنطية.

وحول بناء المسجد، ذكر موقع "middleeasteye"، بأن الوليد كان يريد شيئاً يعكس الجنة التي يعد بها الإسلام المؤمنين، فأمر بتغطية كل مساحة متاحة فوق الألواح الرخامية للجدران السفلية بالفسيفساء، داخل المسجد وخارجه.

غطت الفسيفساء كامل المسجد بصور لحدائق الجنة الرائعة، أو كما يقال، المناظر الطبيعية الواسعة والمتنوعة التي كانت تحت حكم الأمويين، واستخدم حوالي 40 طناً من مكعبات الزجاج والحجر، تم توجيه كل مكعب بعناية ليلتقط الضوء عند رؤيته من الأسفل.

يقال إن المسجد كلف سبع سنوات من إجمالي دخل خزينة دمشق.

ووفقاً، لمحمد الإدريسي، الجغرافي والمسافر المسلم، كان المسجد لا مثيل له في العالم، مشيراً إلى بنائه المتين وتصميمه المتنوع المدهش، بحسب موقع "middleeasteye".

لكن المسجد لم يكن يعتبر رائداً فقط بسبب زخرفته. كان بناؤه وتصميمه المبتكرين أيضاً مصدر إلهام لبناء العديد من المساجد الأخرى التي شيدت في القرون التالية.

بودكاست

شباب كاست

بودكاست مجتمعي حواري، يُعدّه ويُقدّمه الصحفي محمود أبو راس، ويُعتبر منصة حيوية تُعطي صوتًا للشباب والشابات الذين يعيشون في شمال غرب سوريا. ويوفر مساحة حرّة لمناقشة القضايا والمشاكل التي يواجهها الشباب في حياتهم اليومية، بعيدًا عن الأجواء القاسية للحرب.

شباب كاست

بودكاست

شباب كاست

بودكاست مجتمعي حواري، يُعدّه ويُقدّمه الصحفي محمود أبو راس، ويُعتبر منصة حيوية تُعطي صوتًا للشباب والشابات الذين يعيشون في شمال غرب سوريا. ويوفر مساحة حرّة لمناقشة القضايا والمشاكل التي يواجهها الشباب في حياتهم اليومية، بعيدًا عن الأجواء القاسية للحرب.

شباب كاست

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط “الكوكيز” لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة.

أوافق أرفض

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط “الكوكيز” لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة.

أوافق أرفض