تقارير وتحقيقات | 31 12 2024

أثار مقطعان مصوران في سوريا، جدلاً واسعاً عبر مواقع التواصل الاجتماعي، منذ أمس الاثنين، بعد توثيقهما لحالتين أدرجهما حقوقيون وصحافيون وناشطون بالانتهاك ضد حقوق الإنسان والاعتداء خارج إطار القانون.
في المادة التالية، نقدم لكم عرضاً بشكل مكثف لأبرز ما كتب حول المقطعين وما رافقهما من انتقاد وغضب وتضليل أو دعم من آخرين.
المقطع الأول: "صفعه أمام طفله"
المقطع الأول وهو الأكثر انتشاراً وإثارة لموجة واسعة من الانتقاد والغضب لدى سوريين، يظهر رجلاً يصفع آخراً أمام طفله الذي حاول التدخل بالصراخ لمنع الاعتداء على والده.
وقبل صفعه والاعتداء عليه، سأل المعتدي: "يا كافر.. مين ربك أنت كان"، ليجيبه "الله"، ليصرخ بوجهه "ربك بشار"، ليثبت له حسب معلقين أنه من أنصار بشار الأسد، في دلالة لمقاطع وثقت خلال الثورة تعذيب رجال أمن لسوريين وإجبارهم على قول: "لا إله إلا بشار".
وبعد تداول معلومات مضللة وكاذبة، حول المقطع، أكدت منصة "تأكد" المعنية بتدقيق الأخبار والمعلومات، أن الاعتداء لم يكن كما نشرت حسابات حدث لأن "الشخص من الطائفة العلوية" أو كما قالت أخرى بأنه قديم و"الضحية مواطن سوري ضربه شبيحة الأسد".
وقالت "تأكد" إن المقطع مصور في بلدة التح بريف إدلب، بناءً على شهادات محلية، والمعتدي هو مدير مخيم هجر من البلدة على يد قوات النظام السابق، والمعتدى عليه هو متهم بإدارة مجموعة "شبيحة" نفذت أعمال سرقة واستغلال ممتلكات وأراض المهجرين.
وبينت المنصة أن نشر المادة لا يهدف لتبرئة طرف على حساب آخر لكن يأتي في إطار توضيح الحقيقة "ودحض الادعاءات التي تزعم أن الضحية ينتمي إلى الطائفة العلوية، وهي ادعاءات تهدف إلى تأجيج الفتنة الطائفية بين أبناء سوريا".
غضب واسع
أثار المقطع موجة غضب وانتقاد واسعاً بين سوريين وفاعلين بالشأن العام من صحافيين وناشطين وحقوقيين وغيرهم، لخطرها على السلم الأهلي وفتح المجال أمام حالات الانتقام الفردية أو الجماعية، وسط نسبة أقل حسب ما رصدت روزنة ممن حاولوا إيجاد مبررات له.
وكتب الصحافي عمر قصير في فايسبوك: "كمية الذل والإهانة التي شعرت بها وأنا أشاهد فيديو الطفل الذي يراقب والده وهو يضرب ويهان لا يمكن وصفها".
وأضاف ضمن منشور عبر حسابه في فايسبوك: "لا يمكن تبرير هذا الفعل على الإطلاق، حتى وإن كان المفعول به من أكبر المجرمين في التاريخ، ما ذنب ذاك الطفل البريء ليشاهد والده وهو يضرب ويهان!".
بدورها كتبت الإعلامية براء صليبي: "شو ما كان ومين ما كان، هاد اللي ضرب أب أمام طفله بهالطريقة وأمام الكاميرات من نفس فصيلة المجرمين السابقين، روحوا ع المحاكم، حاكموا من لكم بذمتهم دم بالقانون، لا تحولوا البلد (لمزرعة بغال)"، على حد قولها.
وطالب سوريون كثر حكومة تصريف الأعمال بتوقيف المعتدي، وعن هذا كتب صهيب عبدو: "يا بيتحاسب فعلاً، يا اما هاد الكف لازم يعمل أثر بسوريا متل كف البو عزيزي بتونس.يا اما خلص انطم راسنا بالتراب اشرفنا".
من جانبه، كتب مصطفى علّوش: "تظن أنك تصفع وتدوس على مجرمين وقتلة وشبيحة، لكنك في الحقيقة تصفع قِيمنا وتدوس على مقدساتنا، تصفع وتدوس على ما دفعنا في سبيله بحرا من دماء أحبتنا وسنين طويلة من أعمارنا في المعتقلات وخيام النزوح والغربة".
المقطع الثاني: "كنت عم لطش بنت"
المقطع الثاني الذي أثار جدلاً واسعاً، يظهر مسلحين يرجّح أنهم من "إدارة العمليات" يرتدون الزي العسكري، يجبرون رجلاً يمسكانه على الصراخ مشياً في شارع عند الجامع الأموي في دمشق: "كنت عم لطش بنت.. كنت عم لطش بنت" (تحرشت بفتاة لفظياً).
وأظهر مقطع آخر يوثق ذات الحادثة، الشخص مدمّى ويجبره المسلحون عنوة على الصراخ بصوت أعلى، فيما قيل أنه بسوق الحميدية.
"إهانة لحقوق الإنسان"
رغم اعتبار ما حصل "إهانة لحقوق الإنسان" حسب حقوقيين، إلا أن روزنة رصدت تأييداً واسعاً لما حصل عبر مواقع التواصل وإشادة بما فعله عناصر "إدارة العمليات"، مقابل حالة نقد على نطاق أضيق.
وحول هذا، كتب الصحافي عمر قصير بمنشوره: "المسألة باتت متعلقة بقبول هذه الحوادث والتطبيع معها واستساغتها والترحيب بها من قبل شريحة واسعة".
وعن مقطع "عقاب المتهم بالتحرش"، كتب المحامي رامي الخيّر منتقداً العقاب خارج نطاق القانون: "فيه إهانة لحقوق الانسان، وللثورة ولقانون العقوبات السوري الذي وضع قبل قيام النظام، وهذا القانون من القوانين المتطورة في الوطن العربي".
وأضاف: "ما قام به الرجل لا يستدعي إهانته وتكرار التصرفات الأسدية إنما يتطلب أن يتم ملاحقته بجرم التعرض للأخلاق العامة".
كذلك، عبّرت الاستشارية التربوية السورية غزل بغدادي عن استنكارها لأي حالة تحرش ورفضها لها، لكنها وصفت المقطه بـ"المثير للاشمئزاز".
وتساءلت إن كانت عقوبة "التجريس" قد عادت إلى دمشق، وفق وصفها.
والتجريس حسب موسوعة ويكبيديا: "عقوبة كان القاضي يحكم علي السارق أو خائن الأمانة أو المختلس بأن يتم تجريسه. أي يركب حماراً بالمقلوب ويدهن وجهه بالقار أو بالجير. وتعلق في رقبته الأجراس والجلاجل ويزفه الناس ويدورون به في الطرقات والأزقة".
والهدف من العقوبة التي شاعت "على عهد العثمانيين" ليعلم "القريب والبعيد أنه مذنب، فيتجنبه الناس"
واستنكرت "بغدادي" أيضاً ردود الفعل الداعمة لما حصل، التي انتشرت على نطاق واسع عبر مواقع التواصل: "وعلى ذلك لكل من نال الفيدير إعجابه! إهانة كرامة أي إنسان فعل غير مقبول! إهانة كرامة أي إنسان فعل غير إنساني!".
وختمت: "مهما كانت فعلته، حاسبوا المذنب بالقانون بالعدل بالقضاء! إهانة كرامة البشر ليست حرية، وإلا نحن شو فرقنا عن الأسد؟!".
وأثارت العديد من الحوادث الموثقة بالمقاطع المصورة، جدلاً بين رواد مواقع التواصل السوريين، بعد سقوط النظام السابق وهروب بشار الأسد، في ظل نقاشات واسعة وآراء متعددة حول تلك الحوادث أو القضايا العامة وما يتعلق بمستقبل البلاد.