تقارير | 28 12 2024

مع اشتداد فصل الشتاء ودخول منخفضات جوية شديدة البرودة إلى شمالي غربي سوريا، ارتفعت أسعار بعض مواد التدفئة بشكل كبير، في ظل فقدان مواد أخرى من الأسواق كالمازوت المكرر محلياً (المازوت المحسَّن) وتدهور الأوضاع المعيشية للسكان.
تزامن ارتفاع أسعار مواد التدفئة مع توقف معظم المنظمات الإنسانية العاملة في المنطقة عن توزيع مواد التدفئة على مخيمات شمالي غربي سوريا، بينما توجهت غالبيتها للعمل في المناطق التي سيطرت عليها حديثاً غرفة عمليات "ردع العدوان".
وبحسب جولة أجرتها "روزنة" على محال بيع مواد التدفئة، رصدنا بيع كيس الفحم من النوع التركي "أتكاش" وزن 25 كغ بسعر 200 ليرة تركية، وكيلو قشر الفستق نوع أول بـ7,25 ليرة تركية، وكيلو قشر اللوز 7,5 ليرة تركية، وكيلو قشر البندق 6 ليرات تركية، في حين تراوح سعر كيلو الحطب بين 6 و 7 ليرات تركية حسب جودته وجفافه.
التدفئة بالفحم
بالرغم من سقوط النظام السوري السابق، والسيطرة على القرى والبلدات التي كانت تتمركز فيها قواته، إلا أن نسبة كبيرة جداً من الأهالي النازحين في المخيمات غير قادرين على العودة إلى منازلهم بسبب دمارها وسرقة أثاثها و"تعفيشها" من قبل قوات "النظام السوري" السابق، إضافة إلى انعدام الخدمات في مناطقهم.
تحاول رفيدة جاهدة تأمين ما يمكن إشعاله في المدفأة لمقاومة البرد القارس الذي تواجهه منطقة شمالي غربي سوريا، إلا أنها لم تجد أفضل من الفحم، على حد قولها.
تقول لـ"روزنة" رفيدة التي تقيم في مخيم حارم: "نستعمل للتدفئة الفحم وبقايا الفيول، وهي في معظمها غير صحية، ومؤذية، لكن هو أقل مصروفاً وأرخص ثمناً من غيره".
اقرأ أيضاً: عودة مهجري ريف إدلب وحماة المنتظرة.. مستحيلة حالياً!
تضيف السيدة الثلاثينية: "هناك أنواع لفحم التدفئة، أكثرها جودة يبلغ سعر الكيلو غرام الواحد منه 8 ليرات تركية، بينما أنا أشتري الكيلو بـ5 ليرات تركية، وهو أقل جودة.
ووفق قولها فإن الفحم أقل مواد التدفئة مصروفاً، "حتى أنه أفضل من الحطب، فالكيس الذي يبلغ 25 كيلو غراماً من الفحم يكفي العائلة ما بين ثلاثة وأربعة أيام بقيمة 125 ليرة تركية، في حين تحتاج العائلة خلال 4 أيام إلى 40 كيلو حطب بقيمة 240 ليرة تركية".
أسعار القشور "تحلّق"
ارتفعت خلال شهر أسعار القشور التي يستخدمها الأهالي للتدفئة، لتصل إلى أسعار قياسية، فبعد أن كان سعر طن قشر الفستق النوع الأول 150 دولاراً، وصل سعره اليوم إلى 215 دولاراً، مع زيادة الطلب عليه واشتداد البرد.
يصف خالد الذي يعيش في مخيم باتبو ارتفاع الأسعار بأنه "استغلال لحاجة الناس" منتقداً غياب الدور الحكومي في ضبط الأسعار.
يضيف خالد في حديث لـ"روزنة": "اليوم يضطر معظم الأهالي لاستخدام القشور، في ظل غياب المازوت المحسّن (المكرر محلياً)، وعدم إمكانية استخدام الفحم الذي يسبب أمراضاً في الجهاز التنفسي".
وبحسب الشاب الثلاثيني فإن طبيب الصدرية منعه من استخدام الفحم وبقايا الفيول العام المام الماضي، بسبب تعرض طفلته الصغيرة لالتهاب قصبات حاد، بقيت بسببه طيلة فترة الشتاء الماضي تحت العلاج.
وأوضح أن المازوت المكرر محلياً لم يعد متوفراً في الأسواق، بعد الطلب الكبير عليه للسيارات والآليات، في حين ليس بمقدوره شراء المازوت المستورد، والذي يبلغ سعر الليتر الواحد منه 39 ليرة تركية (1,11 دولار أمريكي).
عجز كبير
نشر فريق "منسقو استجابة سوريا"، اليوم السبت، تقريراً حول الأوضاع الإنسانية في مخيمات شمالي غربي سوريا، مع دخول فصل الشتاء بشكل فعلي واشتداد البرد.
وبحسب التقرير فقد اعتمد الفريق في إحصائياته على استبيانات أجراها في المخيمات حول واقع التدفئة خلال الشتاء الحالي.
ووفق التقرير، لم يحصل 77 في المئة من النازحين على مواد التدفئة لهذا العام، في حين حصل 12 في المئة من النازحين على تدفئة تكفي لأربع أسابيع فقط (مع التقنين في استخدامها)، وحصل 11 في المئة فقط منهم على مواد تكفي بين ستة وثمانية أسابيع فقط.
وأشار إلى أن أكثر من 81 في المئة من النازحين الذين حصلوا على مواد تدفئة لهذا العام، اشتكوا من رداءة مواد التدفئة المقدمة وسوء النوعية المستخدمة في عمليات الاستجابة.
وأظهرت نتائج الاستبيان أن أكثر من 92 في المئة من العائلات غير قادرة على تأمين مواد التدفئة للشتاء الحالي.
وطالب "منسقو الاستجابة" الجهات الدولية والمنظمات الإنسانية بمساعدة سكان المخيمات وتقديم مواد التدفئة لهم، بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية.
أوضاع اقتصادية صعبة
قالت إديم وسورنو مديرة العمليات في مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة (أوتشا) إن المجتمعات المحلية السورية تعاني من تراجع في المساعدات الإنسانية، حيث بلغت خطط تمويل الاستجابة الإنسانية 28 في المئة.
وأضافت المسؤولة الأممية في إحاطة أمام مجلس الأمن الدولي، الشهر الماضي (قبيل سقوط النظام السوري السابق): "تراجع عدد الأشخاص الذين يحصلون على مساعدة إنسانية كل شهر كل شهر بمقدار مليوني شخص، ونجد تأثيراً كبيراً على الأمن الغذائي، وهذا مقلق للغاية"، واصفة الوضع في سوريا بأنه "خطير".
"13 مليون شخص في سوريا يعانون من انعدام الأمن الغذائي وهو أعلى رقم على المستوى الدولي، وبرنامج الأغذية العالمي أجبر على خفض مساعداته بنسبة 80 في المئة على مدى العامين المنصرمين بسبب عدم توفر التمويل"، قالت وسورنو.
وأشارت إلى التقرير الصادر عن منظمة الأغذية العالمية والزراعة الذي وصف سوريا بأنها دولة تشكل قلقاً بالغاً من بين 12 دولة تتعرض لخطر تدهور الأوضاع فيها خلال الستة أشهر المقبلة.
وبحسب تقارير أممية سابقة، يعيش 9 من كل 10 سوريين تحت خط الفقر، ووفق الأمم المتحدة، إن أكثر من 15 مليون سوري، أي 70 بالمئة من إجمالي عدد السكان، يحتاجون إلى المساعدات الإنسانية.