تقارير وتحقيقات | 24 12 2024

"لا أصدق أنني الآن في مدينة إدلب، كان هذا حلماً بالنسبة لي بعد رحلة التهجير الطويلة"، هكذا عبّر حسن لروزنة، بعد عودته بشكل نهائي من تركيا إلى سوريا، فور سقوط النظام السوري السابق وهروب بشار الأسد، في ظل عودة آلاف العائلات من دول الجوار.
وكشف فريق "منسقو استجابة سوريا"، اليوم الثلاثاء، أن ما يزيد عن 52 ألف لاجئ سوري عادوا إلى بلادهم من تركيا ولبنان والأردن عبر المعابر البرية منذ سقوط النظام السابق، في الثامن من كانون الأول الجاري.
ماذا تقول البيانات؟
قال عضو فريق "منسقو الاستجابة" عبيدة دندوش، لـ"روزنة": "إن الفريق اعتمد في تقريره على إحصائيات رسمية من المعابر التابعة للحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا".
وأشار "دندوش" إلى أن الإحصائية تشمل العائدين إلى سوريا بشكل نهائي، عبر المعابر الحدودية مع تركيا ولبنان والأردن، دون أن تشمل الزائرين والوافدين بشكل مؤقت، أو الذين دخلوا بطرق غير شرعية.
اقرأ أيضاً: النمسا: تجميد طلبات لجوء السوريين وألف يورو لمن يعود بشكل طوعي
وأوضح الفريق في الإحصائية أن البلاد تشهد عودة متزايدة للاجئين من دول مختلفة، لا سيما من تركيا ولبنان والأردن، بهدف الاستقرار في بلادهم.
عودة نهائية
مع إعلان غرفة عمليات "ردع العدوان" السيطرة على دمشق وهروب بشار الأسد، بدأت عائلة حسن بجمع أغراضهم بهدف العودة إلى سوريا، بعد ما يقارب 8 سنوات من العيش في مدينة الريحانية بتركيا.
يقول حسن الذي استقر مؤخراً في مدينة إدلب، لـ"روزنة": "لم أكن أتوقع العودة بهذه البساطة، كانت مفاجأة كبيرة".
يضيف الرجل الخمسيني: "بلدتي (كفرومة) غير قابلة للسكن على الإطلاق، فهي مهدمة وبلا أسقف، وكنت أعلم هذا قبل العودة إلى البلاد، ولكنني عدت لأعيش في المدينة (إدلب)، ولاحقاً نعيد بناء منازلنا".
سئمت الغربة
لم تصدق هند اللاجئة السورية في الأردن الأخبار المتسارعة القادمة من سوريا صباح الثامن من كانون الأول الجاري، ومع إعلان سقوط "النظام السوري" السابق أخبرت أقاربها في مدينة درعا بأنها ستعود إلى بلادها.
هند التي كانت تقيم في محافظة المفرق الأردنية قالت لـ"روزنة": سئمت حياة الغربة و(الشنشطة)، واشتقت لمنزلي وأقاربي، إنها بلادي، وهذا ما دفعني للعودة بعد سقوط نظام بشار الأسد".
"تعلمتُ الخياطة في الغربة، وكانت مهنتي التي عشت منها وأطفالها منذ عام 2013، وبها سأعمل هنا في بلدي لأعيل عائلتي"، أضافت السيدة الأربعينية التي فقدت زوجها العام الماضي إثر إصابته بمرض عضال.
نسب ضئيلة للغاية
لا تزال أعداد العائدين بشكل نهائي، تشكل نسبة قليلة جداً من أصل نحو 5 ملايين سوري في دول الجوار، وسط توقعات بزيادتها تدريجياً في الأشهر القادمة، وصولاً لفصل الصيف مع انتهاء العام الدراسي وترتيب أمور العودة، حسب آراء رصدتها روزنة.
وعاد إلى سوريا من تركيا 25 ألفاً و277 لاجئاً سورياً، من المعابر البرية المشتركة بين البلدين، من أصل 2 مليون و920 ألفاً و119 شخصاً يحملون البطاقة المؤقتة (الكيملك).
أما من لبنان، فعاد 13 ألفاً و468 لاجئاً سوريا، في حين تشير إحصائيات رسمية لبنانية إلى وجود 1,5 مليون لاجئ سوري في لبنان عاد منهم أكثر من 300 ألف إلى سوريا حتى مطلع الشهر الجاري، وفق تقرير لـ"الأمم المتحدة"، بعد الحرب الإسرائيلية على لبنان.
وبلغ عدد العائدين من الأردن 13 ألفاً و722 لاجئاً سورياً فقط، حسب الإحصائية، من أصل 1،3 مليون سوري في الأردن، معظمهم من اللاجئين، وفق إحصائيات رسمية أردنية سابقة .
تحديات
في التقرير الصادر عن "منسقو استجابة سوريا" اليوم الثلاثاء، أشار الفريق إلى التحديات التي تواجه العائدين وهي ما وصفه بالقضايا الإنسانية الملحة، والتي لخصها التقرير في المأوى والخدمات الأساسية والتعليم وسبل العيش.
وأشار التقرير إلى أن غالبية العائدين يواجهون صعوبة في العثور على منازل صالحة للسكن بسبب الدمار الواسع، إضافة إلى نقص حاد في المياه النظيفة، والكهرباء، والرعاية الصحية.
ودعا إلى توحيد الجهود الإنسانية لمعالجة أوضاع اللاجئين العائدين، من خلال تكثيف التنسيق بين المنظمات الإنسانية لضمان استجابة فعالة وشاملة، ودعم الاستقرار عبر تسريع إعادة الإعمار وتطوير برامج تنموية تلبي احتياجات العائدين.
كذلك، أكد على ضرورة تعزيز الحماية لضمان عودة آمنة وكريمة تضمن حقوق اللاجئين.
وطالب الفريق المجتمع الدولي لتقديم الدعم اللازم للاستجابة لعودة اللاجئين، وضمان توفير الحياة الكريمة للعائدين باعتبارهم جزءاً أساسياً من جهود إعادة بناء سوريا واستعادة استقرارها.
تحذيرات أممية
حذرت مديرة المنظمة الدولية للهجرة إيمي بوب، في تصريح صحفي بجنيف، الجمعة الماضي، بعد زيارتها سوريا من عودة ملايين اللاجئين السوريين إلى بلادهم في الوقت الراهن.
وقالت بوب: "نعتقد أن عودة ملايين الأشخاص من شأنها أن تخلق صراعاً داخل مجتمع هش بالفعل".
وأضافت المسؤولة الأممية: "نحن لا نشجع العودة على نطاق واسع، المجتمعات ليست مستعدة لاستيعاب النازحين"، ودعت المانحين لتقديم الدعم من أجل المساعدة في استقرار وسوريا وإعادة بنائها.
وقالت "الأمم المتحدة" في تقرير لها، الخميس: "سوريا لا تزال غير مستقرة" وقد دُمرت أو تضررت أجزاء كبيرة منها بسبب الصراع، وهي غير قادرة على دعم تدفق العائدين.
وبالنسبة للعديد من السوريين، فإن الظروف على الأرض في سوريا غير واضحة بما يكفي لمعرفة ما إذا كانت العودة ستكون آمنة أو مرغوبة، في ظل عدم اليقين بشأن من سيسيطر على أجزاء مختلفة من الأراضي السورية، تضيف الأمم المتحدة.
وتشير الأمم المتحدة إلى أنّ العائدين سيواجهون نقصاً كبيراً في المساكن، وفجوات في البنية التحتية، وفرصاً محدودة للعيش، لا سيما في قطاعات الزراعة والبناء والصناعة.