تقارير | 18 11 2024

"شو يعني وسائل تدفئة"؟ بهذه الجملة التي تحمل السخرية المُرّة والمؤلمة، أجابت السيدة السورية رحاب التي تعيش في إحدى ضواحي مدينة دمشق على سؤال توجهت به "روزنة" إليها عن وسائل التدفئة التي ستعتمد عليها العائلة في الموسم الشتوي الحالي.
يستقبل الأهالي في مدينة دمشق فصل الشتاء في ظل ارتفاع أسعار مواد التدفئة بشكل كبير، يقابله تدني مستوى دخل الفرد وانتشار البطالة وقلة فرص العمل، ما يزيد معاناتهم خلال الفترة القادمة.
وتجبر الأسعار المرتفعة لوسائل التدفئة نسبة كبيرة من الأهالي في دمشق، على التريث في تركيب المدافئ، بسبب عدم قدرتهم على تزويدها بالمحروقات اللازمة، بالرغم من برودة الجو وتساقط الأمطار.
"ليس لدينا القدرة"
تقيم رحاب (35 عاماً) في إحدى ضواحي مدينة دمشق، مع زوجها وعائلتها المكونة من 4 أشخاص، حيث يعمل زوجها مدرّساً في مدرسة حكومية براتب 400 ألف ليرة سورية ما يعادل تقريباً 29 دولاراً بحسب نشرة مصرف سوريا المركزي.
اقرأ أيضاً: دمشق: الأمم المتحدة تطلق "استراتيجية التعافي المبكر".. ما تفاصيلها؟
يبلغ سعر ليتر المازوت في السوق السوداء 20 ألف ليرة سورية، في حين حددت وزارة التجارة الداخلية سعر ليتر المازوت المدعوم للنقل حصراً بـ 11 ألفاً و880 ليرة سورية لجميع الآليات العاملة على المادة، واستثنت منها وسائط النقل العامة والجرارات الزراعية.
تقول رحاب لـ"روزنة" إن العائلة غير قادرة على تأمين وسائل تدفئة تكفي لموسم الشتاء كاملاً، نتيجة ارتفاع أسعار تلك المواد.
تحتاج العائلة المتوسطة إلى 5 ليترات من المازوت كحد أدنى يومياً، والتي تبلغ قيمتها 100 ألف ليرة سورية، ما يعني أن العائلة شهرياً تحتاج إلى ثلاثة ملايين ليرة سورية ثمن مازوت تدفئة بالحد الأدنى.
تضيف السيدة الثلاثينية: "عندما يشتد البرد نركّب المدفأة، ربما مع بداية الشهر القادم، وسنشتري المازوت بالليتر، لأنه ليس لدينا القدرة على شراء برميل كامل، فالراتب الشهري كله لا يشتري 20 ليتراً، بينما يبلغ سعر البرميل في السوق السوداء 4 ملايين ليرة سورية (292 دولاراً).
وسخرت رحاب من سؤالنا عن إمكانية التدفئة بالأجهزة الكهربائية، موضحةً بأن ساعات التقنين طويلة، هذا الأمر يمنعهم من شحن هواتفهم الجوالة أو غسيل الملابس وغيرها من الاستخدامات الضرورية، "أما موضوع التدفئة بواسطة الكهرباء فهذا أمر مستحيل، وغير مطروح أساساً".
الحطب بأسعار متفاوتة
يتراوح سعر الطن الواحد من الحطب بين 3 و 6 ملايين ليرة سورية في دمشق، وفقاً لنوعية الحطب ومصدره، حيث يعتبر الأعلى ثمناً حطب الزيتون ثم الصنوبر فاللوز وأخيراً حطب السرو.
ليس بمقدور سامي (اسم مستعار) الذي يعيش في ريف دمشق تأمين مستلزمات التدفئة لعائلته، ما يدفعه لجمع مخلفات البلاستيك طيلة العام من أجل استخدامها للتدفئة شتاءً، رغم معرفته بمخاطرها وأضرارها على صحته وصحة عائلته.
يقول سامي لـ"روزنة": "أعلم أن حرق البلاستيك والأحذية مضر بالصحة، ولكن لست أمام خيارات أفضل".
يبيع سامي الخضار على عربة متنقلة، ويحتفظ ببقايا الصناديق البلاستيكية التي تتوفر من الخضار والفواكه في منزله، فهي بالنسبة لعائلته كنز ثمين في فصل الشتاء، يقيهم البرد.
"حتى تلك الصناديق لا تكفي طيلة موسم الشتاء، فاضطر أحياناً إلى حرق الأحذية القديمة، وبقايا العلب البلاستيكية المتوفرة في المنزل من علب المنظفات وغيرها.. جميعها يلزم"، أضاف سامي.
واقع معيشي صعب
نسبة لا بأس بها من السوريين يعتمد على ما يمكن أن يرسله لهم أفراد العائلة المغتربون في الخارج، إلا أن نسبة كبيرة ليس لديهم أحد في الخارج ليرسل لهم، ويتوجب عليهم مواجهة واقعهم المعيشي الصعب بما يتوفر من أدوات.
وقابل تدهور قيمة الليرة السورية أمام الدولار الأمريكي (13 ألف و668 ليرة للدولار الواحد) ارتفاع كبير في أسعار المواد الأساسية، ما ضاعف الأزمات الاقتصادية أمام المواطن السوري.
وبحسب تقارير أممية سابقة، يعيش 9 من كل 10 سوريين تحت خط الفقر، ووفق الأمم المتحدة، إن أكثر من 15 مليون سوري، أي 70 بالمئة من إجمالي عدد السكان، يحتاجون إلى المساعدات الإنسانية.