لبنان.. قوانين الإقامة الصارمة تحرم طلاباً سوريين من التعليم

لبنان.. قوانين الإقامة الصارمة تحرم طلاباً سوريين من التعليم

تقارير وتحقيقات | 8 11 2024

إيمان حمراوي

"حرم ابني من المدرسة هذا العام بسبب قوانين الإقامة المشدّدة بحق اللاجئين في لبنان إضافة إلى الحرب" تقول تغريد سيدة سورية مقيمة في بيروت، متحدّثة عن ظروف "تعجيزية" هذا العام مقابل تعليم الأطفال السوريين في المدارس اللبنانية.

وبدأ العام الدراسي في لبنان في الـ 4 من الشهر الجاري، حضورياً وعن بعد في آن واحد، بجميع مراحله، بحسب خطة طوارئ وزارة التربية اللبنانية بهدف عدم إضاعة العام الدراسي على الطلاب.

وكان من المقرر أن يبدأ الدوام في الأسبوع الأول من تشرين الأول الماضي، لكنه تأخر بسبب الحرب الإسرائيلية. ووفق منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف" إن حوالي 60 في المئة من مراكز إيواء النازحين موجودة في المدارس.

ثياب نازحين معلّقة على مقاعد الدراسة بمدرسة في دير الأحمر تحولت مركز إيواء (رويترز)

الأمم المتحدة سبب بمنع تعليم طفلي

قبل شهر أيلول أكدت إدارة المدرسة لتغريد أن طفلها البالغ من العمر 11 عاماً لن يتمكن من البدء في التعليم ما لم يكن لديه تصريح إقامة، وهي السنة الأولى التي تطلب فيها الحكومة اللبنانية من الطلاب السوريين تصريح إقامة لتسجيلهم في المدارس.

تقول تغريد لروزنة: "سعيت جاهدة لاستخراج تصريح إقامة لطفلي لكن أسباب عديدة حالت دون ذلك".

وتوضح: "استخراج تصريح الإقامة للطفل يتطلب ورقة إفادة سكن من الأمم المتحدة (...) عندما ذهبت لتجديد أوراق إقامتي طلبت من الأمم ورقة إفادة سكن لطفلي من أجل المدرسة لكنهم رفضوا إعطائي إياها بحجة أنه طفل ولا يحتاج إلى استخراج تصريح إقامة".

ذهبت تغريد إلى الأمن العام اللبناني وأخبرتهم بأن الأمم المتحدة لم تمنح طفلها إفادة سكن من أجل استخراج تصريح الإقامة فكان ردهم: "لا علاقة لنا بذلك، إما أن تحضري إفادة السكن أو لن تحصلي على تصريح إقامة لطفلك".

كذلك تحتاج تغريد لاستخراج الإقامة لابنها إلى ورقة "قيد مدني" من سوريا لم يمضِ عليها شهر، تقول إن "قصف إسرائيل المتكرر للمعابر الحدودية حال دون وصول تلك الورقة إلينا، وهو ما يمنعنا أيضاً من استخراج الإقامة وبالتالي تسجيله في المدرسة".

"بطّلت أولادي الخمسة من المدرسة بسبب الطلبات التعجيزية (...) لست مسرورة من هذا الوضع لكن ما باليد حيلة" توضح تغريد لروزنة، وتشير إلى أنّ كثيراً من الطلاب السوريين محرومين من التعليم لذات الأسباب.

في المقابل، تؤكد "مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان" أنّ جميع الأطفال، بما في ذلك اللاجئين وطالبي اللجوء والأطفال عديمي الجنسية، يتمتعون بالحق في التعليم.

اقرأ أيضاً: تقرير: آلاف الأطفال السوريين مهدّدون بالحرمان من التعليم في لبنان

ما الجديد هذا العام؟

يعتبر وضع تسجيل الطلاب في المدارس هذا العام مختلفاً عن السنوات الفائتة، سابقاً كانت المدارس تطلب سنوياً من الطالب إخراج قيد وأوراق طبية تتضمن زمرة دم، ودفتر لقاحات ويسجل بناء على إقامة والديه، فيما اليوم أصبحوا يطالبون بإقامة خاصة للطالب، تقول تغريد.

رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، طالب وزارة التربية والتعليم أن تشترط على الطلاب الأجانب، بما فيهم السوريون، أن يكون لديهم تصاريح إقامة صالحة حتى يتمكنوا من التسجيل في المدارس للعام الدراسي 2024 - 2025.

وحذّرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" في آخر آب الماضي، من أنّ السلطات اللبنانية والسياسيين يحاولون فرض قيود تمييزية من شأنها أن تؤدي إلى حرمان عشرات الآلاف من أطفال اللاجئين السوريين من حقهم في التعليم، وطالبت الحكومة بضمان تسجيل الأطفال في المدارس بصرف النظر عن وضعهم القانوني.

مروى، المقيمة في مدينة صيدا جنوبي لبنان، حرم أطفالها الثلاثة (في الصف الخامس والسادس والروضة) لهذا العام من التعليم بسبب عدم امتلاكهم إقامات قانونية، تقول لروزنة: "لا أستطيع استخراج إقامات لهم بسبب دخولنا بشكل غير شرعي إلى لبنان".

وحسب تقرير لمنظمة "العفو الدولية" في أيار الماضي، "83% على الأقل من اللاجئين السوريين ليس لديهم إمكانية الحصول على وضع الإقامة".

وتضيف مروى: "حتى لو استطعت ذلك لا أرسلهم إلى المدارس بسبب الحرب (...) قبل يومين قصفوا منطقة الجية شمالي صيدا خلال دوام المدارس، تكسر زجاج النوافذ في إحدى مدارس المنطقة، والطلاب أصابهم هلع وخوف شديد".

وتشير مروى إلى أن عدداً من العائلات السورية ممن تعرفهم لم يرسلوا أطفالهم إلى المدارس بسبب القصف، حفاظاً على حياتهم.

مستشار وزير التربية اللبناني، ألبير شمعون، كان أوضح لـ"الشرق الأوسط"، أن عدد الطلاب المسجلين في التعليم الرسمي بلغ نحو 220 ألف طالب في مراحل التعليم الأساسي، والمتوسط، والثانوي، موضحاً أن برامج التدريس بدأت بشكل فعّال وطبيعي في كل المدارس الخالية من النازحين، البالغ عددها 330 مدرسة في جميع المناطق.

ويشكّل التعليم الرسمي 25 في المئة من نسبة التعليم في لبنان، فيما يشكل القطاع الخاص سواء أكان في المدارس أوالجامعات نسبة 75 في المئة.

سجلت على الإقامة ولم يسجلوا طفلتي

سمية، حصلت على ورقة قيد مدني من سوريا، وقدّمت كل الأوراق المطلوبة للأمن العام من أجل استخراج إقامة لطفلتها في الصف السابع، واستلمت وصلاً أولياً بذلك كدليل على الانتهاء من الإجراءات المطلوبة للحصول على الإقامة.

أخبرها الأمن العام اللبناني أن عليها الانتظار لمدة 40 يوماً لاستلام الأوراق الرسمية للإقامة.

اعتقدت سمية أنها بعد تلك الخطوة ستحظى بتسجيل رسمي لابنتها في المدرسة، إنما سرعان ما خاب ظنها.

تقول سمية لروزنة: "آخر يوم للتسجيل في المدرسة كان يوم الإثنين الماضي، أخبروني إن لم أستطيع تأمين الإقامة لابنتي لن تدرس، لم يقبلوا بالوصل الأولي للإقامة الذي أعطاني إياه الأمن العام اللبناني" وتضيف: "المدارس بدأت، لكنني لا أستطيع إرسال ابنتي".

ويشار إلى أنّ  وزير التربية اللبناني  فرض عبر قرار شهر آب الماضي مبلغ تسعة ملايين ليرة لبنانية (نحو 100 دولار) عن كل طفل سوري يتم تسجيله في المدارس الرسمية سواء في المرحلة الإبتدائية أو المتوسطة أو الثانوية أو حتى في مرحلة الروضة، وهو ما يزيد الأعباء على اللاجئين الذين يعاني نسبة كبيرة منهم من الفقر.

قد يهمك: 100 دولار عن كل طالب سوري في لبنان… التعليم كرفاهية وحلم صعب المنال!

معاناة أخرى مع التعليم الخاص

معاناة دانيا فيما يتعلق بتعليم طفليها مختلف قليلاً، إذ سبق وسجلتهم في مدارس خاصة بمدينة صيدا جنوبي لبنان.

تقول لروزنة: "الإثنين الماضي بدأ العام الدراسي في مدرسة طفليَ لكن عبر الإنترنت وهو ما يشكل عائقاً لتعليمهم".

وتوضح: "الانترنت بسبب القصف والحرب ليس بجودة تسمح بتعليم الأطفال، إضافة إلى عدم تأمين هواتف ذكية خاصة للأطفال من أجل متابعة دروس الأونلاين، لا يوجد في المنزل سوى هاتفي، أما زوجي فسافر الأسبوع الفائت إلى دولة أخرى بحثاً عن عمل نعيش منه، وبقيت لي مسؤولية الأطفال".

ومنذ الـ 23 من أيلول الفائت استقبلت دانيا عدة عائلات نازحة من مناطق مختلفة في الجنوب اللبناني، التي استهدفتها الغارات الإسرائيلية بشكل مكثّف: "وضعنا غير مستقر، دائماً متوترون وخائفون، أفكر بالعودة إلى سوريا في حال اشتد القصف".

ومطلع الشهر الجاري، قال مكتب المنظمة الدولية للهجرة في لبنان، إن أكثر من 842 ألف شخص نزحوا في لبنان بسبب الحرب الدائرة تشرين الأول عام 2023 ما بين "حزب الله" اللبناني وإسرائيل على خلفية حرب غزة.

وقبل بدء الحرب على لبنان، تقول مفوضية اللاجئين، إنه وبحسب التقديرات الحكومية اللبنانية، يعيش في لبنان 1.5 لاجئ سوري، 90 في المئة منهم في حالة من الفقر المدقع، نزح منهم أكثر من 300 ألف إلى سوريا بسبب القصف الإسرائيلي، حتى مطلع الشهر الجاري، وفق تقرير لـ"الأمم المتحدة".

بودكاست

شباب كاست

بودكاست مجتمعي حواري، يُعدّه ويُقدّمه الصحفي محمود أبو راس، ويُعتبر منصة حيوية تُعطي صوتًا للشباب والشابات الذين يعيشون في شمال غرب سوريا. ويوفر مساحة حرّة لمناقشة القضايا والمشاكل التي يواجهها الشباب في حياتهم اليومية، بعيدًا عن الأجواء القاسية للحرب.

شباب كاست

بودكاست

شباب كاست

بودكاست مجتمعي حواري، يُعدّه ويُقدّمه الصحفي محمود أبو راس، ويُعتبر منصة حيوية تُعطي صوتًا للشباب والشابات الذين يعيشون في شمال غرب سوريا. ويوفر مساحة حرّة لمناقشة القضايا والمشاكل التي يواجهها الشباب في حياتهم اليومية، بعيدًا عن الأجواء القاسية للحرب.

شباب كاست

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط “الكوكيز” لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة.

أوافق أرفض

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط “الكوكيز” لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة.

أوافق أرفض