تقارير وتحقيقات | 1 11 2024

"حزمنا حقائب النزوح، لكن لا مكان نذهب إليه، القصف شبه مستمر منذ أيام ونخاف من مصير مجهول" تقول هبة (40 عاماً) المقيمة في مدينة الأتارب غربي حلب لروزنة، في ظل نزوح عائلات كثيرة من المنطقة بسبب التصعيد العسكري.
تصف عائشة وهي أم لخمسة أولاد حالتهم قبل يومين عندما بدأ التصعيد العسكري من قبل النظام السوري: "صراخ الأطفال ملأ البيت خوفاً من القصف وخوفاً من أن يصيبنا مكروه (...) ومنذ ذلك الوقت وهم خائفون يطلبون النزوح لمنطقة آمنة".
حزمت هبة حقائبهم واضعة إياهم قرب باب المنزل: "في حال اشتد القصف سنذهب رغماً عنا رغم عدم وجود وجهة واضحة (...) يبحث زوجي عن منزل للآجار في المناطق الآمنة مثل أعزاز لكن ذلك أصبح شبه مستحيل مع موجة النزوح الجديدة، هناك أزمة في وجود منازل للإيجار".توضح لروزنة.
ويشهد ريف حلب الغربي ومناطق في إدلب وريفها تصعيداً عسكرياً للنظام السوري، خلال الأيام الأخيرة، أدى إلى إصابات بين المدنيين ونزوح مئات العائلات، تجاوز عددهم أكثر من 1800 خلال يومين، بحسب "منسقو استجابة سوريا".
"بسبب كثرة النزوح لم يتبق أي منازل للإيجار" تقول رشا، إعلامية مقيمة في الشمال السوري لروزنة، وتضيف: "قهرنا على الأطفال والمسنين النازحين بسبب القصف مع بدء فصل الشتاء".
وتوضح رشا أن العائلات تنزح من ريف حلب الغربي أو ريف إدلب الجنوبي باتجاه المناطق الأكثر أمناً مثل الدانا أو سرمدا قرب الحدود، وكذلك من إدلب المدينة إلى مدينة سلقين وكفرتخاريم وأرمناز.
تصعيد عسكري
"إدارة المناطق المحررة" التابعة لـ"حكومة الإنقاذ" أشارت إلى استهداف قوات النظام السوري، أمس الخميس، بشكل مكثف لمناطق الشمال السوري، حيث استهدفت بسبع طائرات مسيرة انتحارية محيط قرية سان شرقي إدلب، ما أدى إلى إعطاب سيارة تقل عمال قطاف زيتون، وأصيب مدني كان يستقلها.
كذلك تعرض محيط مدينة دارة عزة وقرى وبلدات كفر تعال وكفر عمة وتديل والوساطة بريف حلب الغربي، لقصف عنيف بصواريخ "فيل" و"غراد" وقذائف مدفعية ثقيلة، إضافة إلى ثلاث طائرات مسيّرة انتحارية.
وأصيب مدني بقصف لقوات النظام على مدينة الأتارب غربي حلب، مساء أمس الخميس.
ووفق الدفاع المدني، أصيب رجل مسن جراء قصف مدفعي لقوات النظام على أراضٍ زراعية على الطريق بين مدينتي إدلب وسرمين، تزامناً مع قصف مماثل استهدف مدينتي سرمين وبنش وقرية طعوم.
اقرأ أيضاً: خشية من تصعيد عسكري.. النيرب تخلو من سكانها
نزوح عند خطوط التماس
تجددت حركة نزوح المدنيين من المناطق الواقعة قرب خطوط التماس مع النظام السوري شمال غربي سوريا، بعد توقفها عدة أيام، جراء استمرار التصعيد العسكرية وزيادة وتيرة استهداف الأحياء السكنية والأراضي الزراعية في المنطقة، وفق تقرير لـ"منسقو استجابة سوريا" أمس الخميس.
وأوضح "منسقو الاستجابة" أنّ النزوح كان باتجاه القرى والبلدات الآمنة نسبياًوالمخيمات البعيدة عن المناطق المتاخمة للعمليات العسكرية، في ظل إصابة العديد من المدنيين.
وشملت مناطق النزوح مناطق ريف حلب الغربي وريف إدلب الشرقي والجنوبي، ضمن أكثر من 37 قرية وبلدة.
وتجاوز عدد النازحين من المنطقة خلال 48 ساعة أكثر من 1843 شخص، يشكل الأطفال والنساء 81 بالمئة منهم، وفق "منسقو الاستجابة".
وحذّر الفريق من أن استمرار التصعيد العسكري في المنطقة يؤدي إلى توسع حالات النزوح وزيادة الكثافة السكانية في المنطقة والمخيمات تحديداً، وبخاصة في ظل انخفاض نسب الاستجابة بشكل كبير.
وأوضح "منسقو الاستجابة" أنّ نسب الاستجابة الإنسانية وفق الخطط لم تتجاوز أكثر من 37 بالمئة من إجمالي الاحتياجات في القرى والبلدات، ونسبة 24 بالمئة ضمن مخيمات النازحين، إضافة إلى غياب القدرة اللازمة على تأمين احتياجات النازحين الجدد من قبل الجهات الإنسانية العاملة في المنطقة.
وفي الـ 30 من الشهر الفائت، قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) إن 5.1 مليون شخص يعيشون في شمال غربي سوريا، بينهم 4.27 مليون بحاجة إلى مساعدات إنسانية، ولم تصل المساعدات سوى إلى 27 بالمئة من المحتاجين. ويقطن في المخيمات 2.1 مليون شخص من أصل 5.1 مليون.
تحذير
بحسب تقرير لصحيفة "الوطن" المحلية، الشهر الفائت، فإن الضربات القصف يأتي "بمثابة رسالة تحذير للإرهابيين من مغبة الإقدام على أي تهور"، بعد الأنباء المتواردة عن احتمال شن "تحرير الشام" هجوماً على مناطق سيطرة النظام السوري.
ويتزامن التصعيد العسكري الجديد مع أنباء تداولها أهالٍ في إدلب ورواد مواقع التواصل الاجتماعي، من بينها حسابات تابعة لمنتسبين ضمن "هيئة تحرير الشام" عن عملية عسكرية قريبة ضد قوات النظام السوري.