تقارير | 23 10 2024

يؤرّق أم محمد (اسم مستعار) كيفية تأمين مستلزمات واحتياجات عائلتها التي باتت على أبواب فصل الشتاء، حيث تجد نفسها أمام ضرورة تأمين مواد التدفئة والألبسة الشتوية، إضافة إلى ما ينقص أطفالها من احتياجات أخرى، لا ترتبط بفصل أو فترة زمنية معينة، كالطعام والاحتياجات اليومية.
ويمثل قدوم فصل الشتاء هماً كبيراً لدى عدد كبير من العائلات السورية، نتيجة ازدياد الاحتياجات وقلة الموارد والمساعدات اللازمة، مع انتشار البطالة وقلة فرص العمل التي تعيشها مناطق شمالي غربي سوريا.
كفالة لكنها لا تكفي
لدى أم محمد أربعة أطفال، وهي معيلة للعائلة التي تقيم في مخيم قريب من منطقة سرمدا، شمال إدلب، وفي ظل غياب المعيل (زوجها متوفٍ)، تقف عاجزة عن تأمين كل ما يلزم أطفالها.
اقرأ أيضاً: الأمم المتحدة: ارتفاع أعداد المحتاجين للمساعدات الإنسانية في سوريا
تقول السيدة الثلاثينية لـ"روزنة": "أتقاضى مبلغ 50 دولاراً كفالة أيتام، وهي لا تكفي ثمن خبز للعائلة المكونة من خمسة أشخاص، في ظل الظروف التي نعيشها وارتفاع أسعار المواد الأساسية".
وبشعور كامل بالعجز، تضيف أم محمد بأنها كانت في العام الماضي تحصل على مساعدات غذائية مقدمة من الأمم المتحدة، تعين العائلة على تأمين بعض المواد كالعدس والزيت النباتي والسكر والسمن، إلا أنها متوقفة منذ بداية العام الجاري، ما شكّل لها معاناة جديدة.
وبحسب السيدة فإن الـ50 دولاراً هي كفالة لطفلين من أصل أربعة، تحصل عليها من جمعية خيرية تهتم بالأيتام، إلا أنها لا يمكن أن تعيل عائلة كاملة بجميع احتياجاتها، خصوصاً مع قدوم فصل الشتاء الذي يحتاج إلى تأمين مستلزمات ومواد التدفئة.
احتياجات متزايدة
نشر فريق "منسقو استجابة سوريا" تقريراً اليوم الأربعاء، عن ازدياد الاحتياجات الإنسانية التي تشهدها مناطق شمالي غربي سوريا، بالتزامن مع اقتراب فصل الشتاء وارتفاع أعداد المحتاجين للمساعدات الإنسانية إلى أكثر من 4.4 مليون نسمة يشكل 80 في المئة منهم من القاطنين ضمن المخيمات.
وأشار التقرير إلى أن تلك الاحتياجات المتزايدة ترافقت بتزايد معدلات البطالة بين المدنيين بنسب مرتفعة للغاية وصلت إلى 88.82 في المئة بشكل وسطي، مع اعتبار أن عمال المياومة ضمن الفئات المذكورة.
وبحسب التقرير، فقد أجرى الفريق استبياناً في عدة مناطق من شمالي غربي سوريا، شمل أكثر من 67 ألف نازح ومهجّر، ينتشرون في أكثر من 471 مخيماً، تركز حول احتياجاتهم الأساسية مع قدوم فصل الشتاء.
98 في المئة من الذين شاركوا في الاستبيان أكدوا على ضرورة تأمين مواد التدفئة وضمان استمرارها خلال أشهر الشتاء، في حين طالب 94 في المئة بتأمين دعم المياه داخل المخيمات وزيادة الكميات المقدمة.
وعبّر 94 في المئة عن مطالبهم في ضرورة زيادة المساعدات الإنسانية للنازحين ضمن المخيمات بالتزامن مع انخفاض القدرة الشرائية للنازحين.
وطالب 87 في المئة آخرون باستبدال الخيام التالفة نتيجة العوامل الجوية المختلفة، و92 في المئة، طالبوا بتأمين عوازل حرارية داخل الخيام.
مناشدة بالأرقام
ناشد "منسقو الاستجابة" في تقريره بضرورة تقديم الدعم اللازم لسكان شمالي غربي سوريا، خصوصاً للذين يقيمون في المخيمات، مدعّمة بالأرقام المطلوبة لتغطية تلك الاحتياجات.
ووفق البيان فإن قطاع التعليم بحاجة إلى 13 مليون دولار، وقطاع الأمن الغذائي وسبل العيش يحتاج 24 مليون دولار، وقطاع الصحة والتغذية 11 مليون دولار، وقطاع المأوى 8 مليون دولار.
ويحتاج قطاع المياه والإصحاح إلى تقديم 16 مليون دولار، وقطاع الحماية 2 مليون دولار، وقطاع المواد غير الغذائية 5 مليون دولار، قطاع التعافي المبكر 9 مليون دولار.
مطالبات
طالب الفريق كافة المنظمات والهيئات الإنسانية المساهمة الفعالة بتأمين احتياجات الشتاء للنازحين ضمن المخيمات بشكل عام، والعمل على توفير الخدمات اللازمة للفئات الأشد ضعفاً، كما حث المنظمات بالعمل على إصلاح الأضرار السابقة في المخيمات.
وناشد جميع الجهات المانحة والتي تقدم الدعم الإنساني في مناطق شمالي غربي سوريا، بالمساهمة بشكل عاجل وفوري لمتطلبات احتياجات الشتاء للنازحين ضمن تلك المخيمات والتجمعات، والالتزام الكامل بكافة التعهدات التي قدمت خلال مؤتمرات المانحين.
مؤتمر بروكسل الثامن
تعهدت الدول والجهات المانحة المشاركة في مؤتمر بروكسل بنسخته الثامنة، في أيار الماضي، بدفع مساعدات مالية بقيمة 8.1 مليار دولار ( 7.5 مليار يورو) بحسب وكالة "أسوشيتد برس".
قد يهمّك: مؤتمر بروكسل: تعهد أوروبي بمنح 2 مليار دولار للاجئين السوريين في دول الجوار
ووفق مفوض إدارة الأزمات بالاتحاد جانيز لينارتشيتش، في تصريحات عقب المؤتمر، فقد أعلن جمع 5 مليارات يورو على شكل هبات و2.5 على شكل قروض لمساعدة اللاجئين السوريين في دول المنطقة (لبنان، تركيا، الأردن، العراق).
تصريحات دولية
قال نائب منسق الأمم المتحدة الإقليمي للشؤون الإنسانية للأزمة السورية، ديفيد كاردن، بداية حزيران الماضي، إن نقص تمويل خطة الاستجابة الإنسانية "له عواقب حقيقية على حياة الأشخاص الأكثر ضعفاً في سوريا، بما في ذلك شمال غرب البلاد".
واحتلت سوريا المرتبة الرابعة من بين الدول الأكثر بؤساً في العالم، متقدمة على لبنان التي حلت في المرتبة الثالثة، وذلك وفق مؤشر "هانكي للبؤس العالمي" لعام 2023 أعلنه في آذار الماضي.