"رموا أغراضنا في الشارع".. شاب سوري مرحّل من لبنان يروي قصته

حسون العلي وأطفاله بمخيم مشهد روحين - روزنة

تقارير | 19 08 2024

نور الدين الإسماعيل

في كتلة إسمنتية تضيق بنفسها ولا تزيد مساحتها عن 40 متراً مربعاً، ضمن مخيمات "مشهد روحين" على الحدود السورية التركية، لجأ حسون العلي من ريف معرة النعمان وعائلته بعد ترحيله بشكل قسري من لبنان.

التقينا حسون وروى لنا قصة سوري من بين المرحلين قسرياً الذين وصلوا إلى محافظة إدلب في شمالي غربي سوريا، عن طريق مهربين ضمنوا عبورهم ضمن مناطق سيطرة النظام السوري، بدون التعرض لهم أو اعتقالهم، مقابل مبالغ مالية ضخمة.

ترحيل بدون مهلة

معاناة جديدة وعقبات، تواجه المرحلين قسرياً من لبنان إلى سوريا بعد وصولهم إلى بلادهم، تتمثل في تأمين المسكن والأثاث، إضافة إلى بدء حياة جديدة والبحث عن فرصة عمل تؤمّن لهم لقمة العيش.

وفي حديث لـ"وزنة" كشف حسون العلي وضعه أمام خيارين من قبل الأمن اللبناني، فإما تسليمه للنظام السوري، وهو شرطي منشق، أو العودة بنفسه إلى سوريا دون إعطائه أي مهلة للتواصل وتأمين مسكن في سوريا.

وقال "العلي": "حضر الأمن اللبناني قبل ترحيلنا بيومين، وطلبوا أوراقاً ثبوتية من زوجتي، وأخبروها بأنه يتوجب عليّ تجديد تلك الأوراق (لم يسمها) وإلا فإن أمامي الترحيل، وفي اليوم التالي حضروا وطردونا من المنزل، وطلبوا منا العودة إلى سوريا، مع ترديد عبارات عنصرية".


اقرأ أيضاً: لبنان: ما مصير السوريين العائدين من قبرص عبر قوارب الموت؟

وأوضح الشاب الثلاثيني أنه تعرض "لضغط كبير"، أثناء إقامته في زغرتا بلبنان، شارحاً: "رموا أغراضنا جميعها في الشارع، وختموا المنزل بالشمع الأحمر، رغم مناشدات زوجتي بإعطائنا مهلة حتى نؤمن مسكناً في سوريا، في ظل حالة رعب وخوف وبكاء لدى أطفالي الصغار".

"حتى ملابسنا لم نتمكن من إحضارها"، يقول مستذكراً بألم شديد ما تعرض له من "انتهاك لحقوق الإنسان" و"إذلال متعمّد"، كما أشار إلى أن ذلك الموقف ولّد لديه شعوراً بـ"الذل" و"العجز"، وفق تعبيره.

طلبوا أوراقاً لا أملكها!

يتابع سرد قصته، قائلاً إن السلطات اللبنانية طلبت منه أوراقاً ثبوتية (لم يسمها)، في ظل "استحالة"  تأمينها من الدوائر الرسمية التابعة للنظام السوري.

قد يهمك: لبنان: اتفاق حول إعادة السجناء السوريين ومصير مجهول ينتظرهم

وقال العلي: "طلبوا مني أوراقاً، وأنا لا أملك سوى هويتي الشخصية، ولا يمكنني أن أجدد أوراقي كوني شرطي منشق، وكنت قد بقيت في شمالي غربي سوريا مدة خمس سنوات قبل أن أنتقل للعيش في لبنان".

وأوضح أنه منذ وصوله إلى لبنان سجل في مكتب الأمم المتحدة (المفوضية السامية لشؤون اللاجئين)، مضيفاً: "رغم منحي بطاقة حمراء، لم يقدموا لي شيئاً على الإطلاق، حتى الطبابة عند حدوث حالة مرض لأي فرد من عائلتي، كنت أعالجها على حسابي الشخصي".

طريق خطرة بأموال باهظة

"عملت عتّالاً (حمّالاً) في شركة أعلاف بمنطقة زغرتا، وكنت أعاني خلال الفترة الأخيرة من مضايقات السلطات اللبنانية، حتى وصلت إلى مرحلة عدم التحمل، بعد التهديد بتسليمي للنظام السوري إن لم أرحل بنفسي"، قال العلي.

اقرأ المزيد: الأمن اللبناني يخلي بلدتين ومدينة من السوريين "المخالفين"

وبحسب الشاب السوري فإن عمله في العتالة خلال السنوات الماضية لم يوفر له أي مبلغ من المال، "كنت أعيش كفافاً، أولاً بأول".

تواصل حسون مع أحد المهربين الذي طلب منه مبلغ (2500) ألفين وخمسمئة دولار أمريكي، مقابل وصوله سالماً وعائلته إلى شمالي غربي سوريا.

وأضاف العلي: "استدنت المبلغ من عدد من الأقارب والأصدقاء، ودفعته للمهرب الذي أوصلنا عبر طرق خاصة إلى ريف حلب الشمالي، ومنه وصلت إلى مخيمات مشهد روحين، بمنطقة أطمة".

معاناة جديدة

بلا أي أثاث أو مستلزمات للحياة، وبلا عمل، وبدون أية مدخرات جمعها خلال حياته، وبديون متراكمة غير قادر على أدائها في الوقت القريب، يواجه حسون العلي واقعاً جديداً، إلا أنه يصف نفسه بأنه "ناجٍ من جحيم لبنان".

بعد وصوله إلى المخيم، أقام حسون في مسكن تعيش فيه خالته وحيدة، والتي تعاني من عدة أمراض.

"هنا عند خالتي المسكن ضيق، فهو مخصص لشخصين، ولا يمكننا البقاء هنا، أبحث عن مسكن في أي مخيم كان، لأنني لا أملك مالاً لاستئجار منزل، ولم أجد من يصغي إلي من حكومة الإنقاذ لتأمين مسكن خاص لعائلتي"، قال حسون.

ضغوط كبيرة

في مناسبات مختلفة، حذرت الأمم المتحدة من ما وصفتها "سياسة الضغط"، التي تمارسها السلطات اللبنانية على اللاجئين السوريين والتي تدفعهم للعودة إلى سوريا تحت مسمى "العودة الطوعية"، إضافة إلى عمليات الترحيل القسري.

اقرأ أيضاً: لبنان: وصول دفعات من اللاجئين السوريين إلى بلادهم.. و"العفو الدولية" تحذّر

واعتبرت "منظمة العفو الدولية" أن السلطات اللبنانية اعتمدت سياسيات تحاول الضغط على اللاجئين السوريين من أجل إجبارهم على العودة إلى سوريا.

وفي أيار الماضي، أعربت "العفو الدولية" عن قلقها من استئناف الأمن العام اللبناني إعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، محذرة من مخاطر العودة "القسرية"، في ظل عدم توفر شروط العودة الطوعية.

وقالت المنظمة في سلسلة تغريدات على منصة "X": "الأنباء التي تفيد بأن مديرية الأمن العام اللبناني ستستأنف العودة الطوعية للّاجئين السوريين مثيرة للقلق نظراً للضغوط القاسية التي يواجهونها في لبنان".

وأشارت المنظمة الحقوقية الدولية إلى أن سوريا ما تزال غير آمنة، مضيفة: "سبق أن وثّقنا ما واجهه اللاجئون السوريون من تعذيب وعنف جنسي واختفاء قسري واعتقال تعسفي بعودتهم".

ويقيم في لبنان أكثر من 795 ألف لاجئ سوري مسجل لدى المفوضية السامية لحقوق اللاجئين، وفق تصريح سابق للناطقة الرسمية باسم المفوضية في لبنان، دلال حرب.

بودكاست

شباب كاست

بودكاست مجتمعي حواري، يُعدّه ويُقدّمه الصحفي محمود أبو راس، ويُعتبر منصة حيوية تُعطي صوتًا للشباب والشابات الذين يعيشون في شمال غرب سوريا. ويوفر مساحة حرّة لمناقشة القضايا والمشاكل التي يواجهها الشباب في حياتهم اليومية، بعيدًا عن الأجواء القاسية للحرب.

شباب كاست

بودكاست

شباب كاست

بودكاست مجتمعي حواري، يُعدّه ويُقدّمه الصحفي محمود أبو راس، ويُعتبر منصة حيوية تُعطي صوتًا للشباب والشابات الذين يعيشون في شمال غرب سوريا. ويوفر مساحة حرّة لمناقشة القضايا والمشاكل التي يواجهها الشباب في حياتهم اليومية، بعيدًا عن الأجواء القاسية للحرب.

شباب كاست

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط “الكوكيز” لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة.

أوافق أرفض

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط “الكوكيز” لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة.

أوافق أرفض