تقارير وتحقيقات | 19 07 2024
روزنةبدأت السلطات التركية قبل أيام، بحملة جديدة ضد من تصفهم بـ"المخالفين" السوريين في ولاية قيصري وسط تركيا، واحتجاز عائلات بأكملها بهدف ترحيلها، وذلك بعد مرور أسبوعين على هجمات طالت السوريين وممتلكاتهم ومطالبات برحيلهم في الولاية.
وقبل أسبوعين، تسبب ادعاء في قيصري أن شاباً سورياً تحرش بطفلة تركية (تبيّن أنه مضلل)، بتدمير ممتلكات سوريين وحرقها، كالمحلات التجارية والسيارات، وفي الأثناء توسعت الهجمات ضد السوريين إلى ولايات عديدة مثل إسطنبول وهاتاي وغازي عنتاب.
رئيس منظمة حقوق الإنسان "MAZLUMDER" التركية، أحمد تاش، قال إن "ممارسات الإعادة القسرية" إلى الوطن بدأت تتزايد مؤخراً، حيث احتجزت السلطات نحو 150 عائلة، بما في ذلك الأطفال والرضع في مركز قيصري للترحيل، وفق موقع "tv5" التركي.
وأضاف: "نقلت 150 عائلة إلى مركز الإعادة، ذهب محامونا إلى المركز وقاموا بتفتيشه"، ليكون الرد عليهم من قبل السلطات، إنهم "لم يقوموا بإعداد ملف حول هذه الأمور بعد (...) تعالوا مجدداً عندما نقوم بإعداد الملف".
ولفت تاش إلى أنّ نحو 350 شخصاً محتجزون في مركز قيصري للترحيل، فيما هناك معلومات تفيد بتقديم البعض طلبات العودة الطوعية لسوريا، وبيّن أنّ الأحداث في قيصري هدأت لكن لا تزال هناك بعض الهجمات ضد السوريين من وقت لآخر.
ويبلغ عدد السوريين في مدينة قيصري، تحت الحماية المؤقتة، 83 ألف، بحسب إحصائية دائرة الهجرة التركية، من أصل 3 مليون 115 ألف سوري في مختلف الولايات التركية.
ماذا يحصل من جديد؟
تواصلت روزنة مع العديد من الأشخاص في مدينة قيصري لمعرفة ما يحدث، وأكدوا أن حملات ترحيل جماعية بدأت السلطات التركية بتنفيذها مؤخراً، بعد "مداهمة المنازل".
أحمد، صحفي سوري مقيم في مدينة قيصري، يقول لروزنة: "قبل ثلاثة أيام بدأ الأمن التركي بمداهمة البيوت بشكل فجائي دون معرفة الأسباب، ورحلوا أكثر من 40 شخصاً، بحسب أسماء جرى توثيقها (من قبل سوريين)، فيما البعض لا يزالون في مراكز الترحيل".
وأضاف أن البعض ممن اعتقلوا في مراكز الترحيل وكلوا محامين لمعرفة السبب، وتبيّن أنه لا يوجد شيء بحقهم "لكن الشكوك كانت حول وجود ضبط شرطة قديم أو محكمة سابقة قد انتهت".
كذلك يؤكد محمد من قيصري لروزنة، أن "المداهمات" طالت السكن الشبابي بشكل كبير، إضافة إلى منازل العائلات، بالتزامن مع انتشار سيارات الهجرة في كل شوارع المدينة.
الجميع خائف
منذ مطلع الشهر الجاري وفي ظل الهجمات التي طالت السوريين، ارتفعت أعداد الراغبين بالعودة الطوعية، إذ يقدم العشرات على العودة إلى سوريا بشكل يومي، وفق أحمد.
ورأى أن السبب هو تخوف السوريين في قيصري من الترحيل، وبخاصة أنه "لم يعرف ذنب من رحلوا مؤخراً".
يشرح حسب مشاهداته: "حتى لو مشكلة فاتورة كهرباء أو خط تلفون، وإن لم تكن موجودة، تدفع الشخص للخوف من الترحيل (...) الجميع خائف بدون استثناء".
"عندما سألنا موظفي الأمن عن الوضع، قالوا إن لديهم معلومات بإحضار مجموعة محددة من الأشخاص"، يقول أحمد، لافتاً إلى أنه جرى التواصل مع العديد من الجمعيات والمنظمات الحقوقية لطلب المساعدة دون فائدة.
ويتابع: "إلى تلك اللحظة الترحيل جارٍ دون معرفة الأسباب".
رحلوا صديقي وعائلته
موسى، شاب سوري مقيم في قيصري، يوضح أيضاً لروزنة، أنّ صديقه جرى ترحيله وعائلته أمس، دون معرفة السبب، ويضيف: " قبل 6 سنوات وقبل زواجه دخل إلى المخفر بسبب شجار وخرج دون وجود تهمة، ربما هذا السبب".
ويضيف: "صديق آخر لي جرى اعتقاله وترحيله بسبب سفره إلى بورصة بدون إذن سفر، أخبره الأمن أن عليه مراجعة دائرة الهجرة، وعندما ذهب اعتقل ورحل".
ويتابع: "أكثر من خمس عائلات أعرفهم رحلتهم السلطات في يوم واحد، دون قدرتهم على أخذ أي شيء معهم، حتى أموالهم".
كيف يتصرّف السوريون؟
يضطر الكثير من السوريين لبيع أثاث منازلهم بسعر زهيد من أجل العودة إلى سوريا أو السفر خارج تركيا، فيما يحاول آخرون إنهاء أعمالهم.
يقول موسى، إن الجميع خائف من لحظة الترحيل، لذلك يستعدون لبيع الأثاث من أجل العودة أو السفر لبلد ثالث، ومن لم يعرض فرش منزله للبيع، يترك مفتاح المنزل مع أحد أقاربه، من أجل أن يتولى بيع الفرش في حال جرى ترحيله.
"أختي وزوجها جهزّا حقائب ثيابهم وبعض المستلزمات في حال تعرضا للترحيل المفاجئ" يقول موسى، وهو الذي يبيع أيضاً فرش منزله ومؤونته المنزلية من أجل العودة الطوعية.
سحب الجنسية
وتزامنت الأحداث الأخيرة مع نبأ نشره المحامي طه غازي والمعروف بنشاطه الحقوقي لصالح اللاجئين السوريين في تركيا، يفضي إلى قيام السلطات التركية بسحب الجنسية التركية الممنوحة له,
المحامي غازي أوضح في بوست نشره عبر صفحته على الفيسبوك، أن القرار صدر منذ الـ 27 من شهر أيار الماضي، وأنه ماض في استكمال الاجراءات القانونية والتي قد تمتد لمدة العام تقريباً لاستعادتها قانونياَ.
وقد أثار نشر المحامي لخبر سحب الجنسية المزيد من تخوفات السوريين المجنسين بالجنسية التركية، بعد أن عاشوا فترة من الرخاء الأمني بسبب خروجهم من مخاطر دائرة الكملك وشروط الاقامة المؤقتة.
وقد حصل على الجنسية التركية الاستثنائية نحو 230 ألف سوري حتى بداية العام الماضي.
وقالت صحيفة "Türkiye Gazetesi" اليوم الجمعة، إن مئة ألف سوري عادوا من تركيا خلال حزيران الماضي وتموز، بالتزامن مع الحديث عن التطبيع ما بين أنقرة والنظام السوري.
وأضافت، أنّ أكثر من مئة عائلة عادت إلى حلب الشهر الماضي، فيما لوحظت حشود كبيرة عند معبر كسب على الحدود السورية التركية، من جهة اللاذقية، الواقعة ضمن مناطق سيطرة النظام السوري.
وذكرت الصحيفة، أن ما بين 300 و500 سوري في المتوسط يذهبون إلى مناطق سيطرة النظام يومياً، فيما يفضل معظم العائدين الذهاب إلى مناطق سيطرة المعارضة في الشمال السوري.
ومنذ أحداث قيصري مطلع الشهر الجاري، التزمت نسبة واسعة من السوريين منازلها، ولم يخرجوا منها، خوفاً من التعرّض لأي أذى أو اعتداء من قبل أهل المنطقة المحليين.
واعتقلت السلطات مئات المحرّضين ضد السوريين في قيصري، وسط تصريحات رسمية لمسؤولين وللرئيس التركي رجب طيب أردوغان على استنكار حوادث الاعتداء والتوعد بمحاسبة مرتكبيها.
وبحسب تقرير لصحيفة "يني شفق"، إن حزب "النصر" المعارض، يقف وراء الاستفزاز في المدينة، والتي تضرر فيها نحو 400 منزل ومكان عمل ومركبة في 9 أحياء يعيش فيها السوريون، لافتة إلى أنّ حوالي 450 من أصل 855 مخرباً لديهم صلة بالحزب، حسب معلوماتها.