تقارير | 15 05 2024

اتهم زعيم "هيئة تحرير الشام"، "أبو محمد الجولاني"، المظاهرات التي خرجت ضده بأنها انحرفت عن مسارها، زاعماً إنه لبى جميع المطالب التي طالب بها المتظاهرون، بالتزامن مع تصريحات أطلقها "وزير الداخلية" في "حكومة الإنقاذ السورية" التابعة لـ"الهيئة"، هدد فيها بعض المتظاهرين بـ"الضرب بيد من حديد".
وفي أول تعليق له، اليوم الأربعاء، عقب حادثة فض الاعتصام أمس، قال الجولاني: "مؤخراً، رأينا جميعاً أن المطالب قد انحرفت عن مسارها الحقيقي، وتحولت إلى حالة من التعطيل للمصالح العامة في المحرر (مناطق سيطرة تحرير الشام)، واستخدمت أساليب تؤدي إلى تعطيل الحياة المؤسساتية والعامة".
واعتدى أمنيون تابعون لـ"تحرير الشام"، أمس الثلاثاء، بالضرب على المشاركين في خيمة الاعتصام التي أقامها أهالي عناصر "الهيئة" الموقوفين ضمن قضية "ملف العمالة"، بالإضافة إلى أشخاص ينتمون لـ"حزب التحرير"، في محاولة منهم لفض الاعتصام.
وأضاف الجولاني في كلمة أمام عدد من شخصيات "تحرير الشام" نقلتها صفحة "وزارة الإعلام" في "الإنقاذ": "حذرنا سابقاً أن أي مساس بالمصالح العامة، والقواعد العامة للمحرر هو تجاوز لخطوط حمراء. ستتحرك السلطة لمواجهة هذا الأمر".
واعتبر أن ما وصفه "التعطيل في المحرر، وقطع الطرقات وإزعاج الناس والألفاظ النابية، وحمل السلاح في المظاهرات"، بأنها "حالة تجاوزت حدها الطبيعي".
وأطلق تهديداً لمن وصفهم بـ"الحاقدين" الذين "يدفعهم حقدهم للتضحية بكل المحرر، وبالتالي من هان عليه المحرر فقد هان علينا، ولن نتهاون مع أي شخص أو تجمع أو حزب أو فصيل يريد إيذاء المحرر، وعلى هذا نجتمع جميعاً".
استنفار أمني وعسكري
شهدت مدن وبلدات في شمالي غربي سوريا استنفاراً أمنياً وعسكرياً لـ"هيئة تحرير الشام"، بدأ مساء أمس، بعد حادثة فض الاعتصام بالقوة، ومازال مستمراً حتى لحظة إعداد التقرير.
وبحسب مصادر محلية لروزنة فإن "هيئة تحرير الشام" وعدداً من الفصائل الموالية لها نشرت عناصرها، صباح اليوم، في بعض المدن والطرقات العامة، من بينها إدلب وجسر الشغور وسرمدا وطريق باب الهوى.
وقالت المصادر إن "الهيئة" عززت حواجزها بعناصر مسلحين، وإضافة عدد من الحواجز الطيارة الجديدة على طريق إدلب - باب الهوى، وتفتيش السيارات المارة بشكل دقيق.
"الإنقاذ" تهدد
هدد "وزير الداخلية" في حكومة "الإنقاذ السورية" محمد عبد الرحمن من وصفهم بـ"الفئة التي خرجت عن حدود التظاهر" بالضرب بيد من حديد.
وأضاف موضحاً بأن "تلك الفئة" هي "التي تقوم بعرقلة العمل والسير، والشغب والسب والشتم، وإزعاج الأهالي، ومحاولة تخريب ما بني في المحرر بتظاهرها السلبي، قد تجاوزت الحد".
وقال "عبد الرحمن" في مقطع مصور: "إننا في وزارة الداخلية نؤكد على ثوابت ثورتنا والتزامنا بواجباتنا بحفظ الأمن والأمان في المحرر والضرب بيد من حديد على كل يد تريد العبث في أمن المحرر وأمانه وجره إلى الفتنة".
وأضاف مهدداً: "لن نسمح مهما كلفنا الأمر بشق الصف، وهدم ما تم بناؤه، وإثارة الفتن، وسنتعامل بحزم مع كل من يثير النعرات الأهلية، وحرف البوصلة عن مسارها الصحيح، وتضييع دماء الشهداء".
وزعم أن عناصره عملوا على حماية المظاهرات في بدايتها، وأنه "نتيجة لحركة الإصلاحات توقفت الكثير من المظاهرات، عندما لمسوا تجاوب القيادة مع تلك الإصلاحات المحقة".
واتهم الذين استمروا في المظاهرات بأنهم "فئة لا ترغب بالإصلاح"، وأن هدفهم "هدم المؤسسات والتشغيب وزعزعة الأمن في المحرر".
اعتداءات
بحسب مصادر محلية لروزنة فإن عدداً من العناصر التابعين لـ"تحرير الشام" افتعلوا مشاجرة مع المعتصمين، منتحلين صفة أهالي من الحي، بحجة "إزعاجهم" من قبل المعتصمين، حيث انتهى الأمر بإنهاء الاعتصام.
وأثناء محاولة عدد من الإعلاميين تغطية الاعتداء تعرض مراسل "وكالة الصحافة الفرنسية" عمر حاج قدور في إدلب، للضرب والاعتداء من عناصر "جهاز الأمن العام" التابع للهيئة.
كما منعت حواجز "تحرير الشام" عدداً من الإعلاميين من دخول مدينة إدلب لتغطية الأحداث الدائرة، من بينهم المتعاون مع وكالة "أستوشيتد برس" غيث السيد، الذي أجبر على العودة دون دخول المدينة.
وكان العشرات من أهالي عناصر "تحرير الشام" المعتقلين لدى الهيئة بتهمة "العمالة" وأشخاص آخرون من "حزب التحرير" قد تجمعوا أمام المحكمة العسكرية في مدينة إدلب، قبل يومين، للمطالبة بالكشف عن مصير أبنائهم، ومن بينهم عدد من المقاتلين الأجانب.
وبداية العام الحالي، أصدرت "الهيئة"، بياناً أعلنت فيه انتهاء التحقيقات في قضية "الخلية الأمنية"، والتي استمرت طيلة الثلاثة أشهر الأخيرة، واعتقلت خلالها شخصيات بينهم قادة من الصف الأول في التنظيم.
وأوصت حينها بـ"حفظ الدعوى بحق بعض الموقوفين مع عدم كفاية الأدلة المقدمة ضدهم"، و"إدانة عدد من الموقوفين وإحالتهم إلى القضاء لمتابعة الإجراءات القانونية أصولاً".
ومنذ شباط الماضي، لم تتوقف المظاهرات المناهضة لـ"تحرير الشام" في مناطق إدلب، للمطالبة برحيل "الجولاني" وتقييد سلطة "جهاز الأمن العام" وإطلاق سراح المعتقلين لديها، رافقها مطالبات من ذوي عناصر "الهيئة" المعتقلين بإطلاق سراحهم من سجونها.