تقارير | 10 04 2024
نور الدين الإسماعيلعيد جديد يمر على سكان مخيمات شمالي غربي سوريا، يعيشون فيها أجواء العيد ضمن واقع فرضته الظروف والأوضاع عليهم، بعيدين عن مدنهم وقراهم، وقد تفرق أقاربهم في مناطق الداخل والخارج.
يحاول معظم الأهالي في تلك المخيمات التأقلم مع الواقع الذي يعيشونه منذ سنوات، فبعض أطفالهم ولدوا ونشؤوا في المخيمات، لا يعرفون قراهم ولا بلداتهم، وترسخت في أذهانهم صورة العيد في المخيم. فكيف يقضي هؤلاء عيدهم؟
غصة
الغربة التي يعيشها معظم النازحين تتعرى بشكل واضح في أيام العيد، إلا أن بعضهم يحاولون إظهار الفرح أمام أطفالهم.
يقول علاء لـ"روزنة"، وهو مهجر من مدينة كفرنبل يعيش في مخيم البردقلي، إنه يحاول إظهار الفرح أمام أطفاله معتبراً أن ذلك "محاولة لتعويض الكثير مما افتقدوه بعد التهجير".
يضيف الشاب السوري المهجر: "رغم كل ما هو موجود في المخيمات لنا كمهجرين ونازحين، والله إن الغصة في القلب".
"فالحنين إلى المدينة، والحنين لذكرياتنا وتاريخنا والفرج، موجود مع كل ابتسامة، وخلف كل سلام، فكيف إذا كان ذلك في ظل وجود تقصير من مختلف الجوانب بحق هؤلاء النازحين، ما يزيد الغصة غصة"، قال علاء.
لكن، وفق رأيه، فإن العيد هو بركة وخير "بانتظار الفرج"، مضيفاً بأن السوريين سيبقون يساندون بعضهم في ظل الظروف الصعبة حتى انتهاء معاناتهم.
"كان له بهجة أكثر"
تشتعل مشاعر معظم النازحين ضمن المخيمات في أيام العيد، حيث يتبادلون الذكريات عن أيامه حين كانوا في منازلهم التي هُجّروا منها.
بأسى شديد، تتحدث فاطمة لـ"روزنة" عن ذكريات العيد في منزلها، قائلة: "في بلدنا كان للعيد بهجة أكثر، كنا سعداء أكثر، وكان كل شيء يتوفر لدينا".
وبحسب ما أخبرتنا فإن فرحة الأطفال كانت في منازلهم أفضل مما هي عليه في المخيمات، إلا أنهم يحاولون تعويضهم بعض تلك اللحظات عبر إسعادهم "قدر الإمكان، لكن ليس كالسابق".
"شعور صعب"
مع صوت المطر المتساقط على سقف الخيمة القماشي وصف الشاب محمد العكل شعوره في أول أيام العيد ضمن مخيم باريشا الذي يقيم فيه مع عائلته، بأنه "شعور صعب وقاسٍ".
وقال العكل لـ"روزنة" عن العيد في المخيمات إنه: "يفتح الكثير من الجروح، وهو شعور متناقض لا يمكن وصفه".
ووفق تعبيره، "قد تشعر بالفرح في بعض الأحيان حين ترى أطفالك فرحين ضاحكين في العيد، يعيشون أجواءه، إلا أن الغصة التي تولد الشعور المتناقض أن هؤلاء الأطفال لا يعرفون سوى أجواء العيد في المخيم، حيث لم يعيشوا أجواء العيد في الضيعة، ولا يعرفون أجواء العيد في بيت، وكل ما يعرفونه أن العيد في خيمة".
الجيران بدل الأقارب
يُحيي بعض النازحين في المخيمات عيدهم بتبادل الزيارات بين الجيران والأصدقاء في المخيم، حيث باتت زيارة الأقارب إما صعبة أو مستحيلة، في ظل تفرق معظم السوريين في شتى المناطق والبلدان.
عبّرت أمل المهجرة من مدينة معرة النعمان عن شوقها لأهلها الذين يعيشون في تركيا، بينما تعيش مع عائلتها في مخيم "الكمونة" بمنطقة سرمدا.
وعن أجواء العيد في المخيم تقول السيدة الثلاثينية: "كنا في المعرة نتبادل الزيارات مع أهلي وإخوتي وعائلة زوجي، خلال اليوم الأول، ثم نقضي باقي أيام العيد بتبادل الزيارات مع الأقارب والأصدقاء والجيران".
تضيف أمل: "اليوم بات الأهل بعيدين، ولا أقارب لدينا في المخيم، فبعضهم يعيش في مخيمات أخرى، أو في مدن وبلدات بعيدة لا يمكن السفر إليها، فبتنا نكتفي بتبادل الزيارات مع الجيران والأصدقاء في المخيم".
تمنّت أمل أن تعود إلى مدينتها وأن تجتمع بأهلها وإخوتها في عيد ما، مضيفة بحسرة: "لا أتوقع أن ذلك قريب، إلا أنها تبقى أمنية على أمل أن تتحقق".