"واسطات وراتب 40 دولار".. حلب: أطباء يتحدثون عن دوافع الهجرة

تقارير وتحقيقات | 15 02 2024

إيمان حمراوي

يشتكي الأطباء السوريون المتخرّجون حديثاً، من صعوبة الحصول على وظيفة حكومية في المستشفيات العامة، إضافة لضعف الرواتب في حال الحصول عليها، ما يدفع الكثير منهم لبيع ممتلكاتهم والهجرة خارج البلد، في سبيل الحصول على مستقبل أفضل.

ووفق شهادات حصلت عليها روزنة من داخل مستشفى حلب الجامعي، فإن ضعف الرواتب ليس العائق الوحيد الذي يدفع الأطباء المتخرجين حديثاً للسفر والهجرة خارج البلد.

الوظيفة "واسطة ومزاج"

أحد الأطباء في مرحلة الاختصاص والعامل في مستشفى حلب الجامعي منذ سنوات، فضّل عدم ذكر اسمه، قال لروزنة، إنّ المئات يتخرّجون سنوياً من كلية الطب في حلب، معظمهم يبحث عن فرصة عمل في المستشفيات الحكومية من أجل البدء بالمسيرة المهنية.

وأضاف: "ورغم الوضع المادي الجيد للبعض إلا أنهم لا ينالون فرصة في التوظيف بسبب الواسطات والمحسوبيات في مستشفى الجامعة".

ويشير الطبيب إلى أنّ "المزاجية والواسطة هي المعيار الأساسي في التوظيف وليس المستوى الأكاديمي، كمثال، الرضا عن الشخص كأن يكون من ذات المنطقة التي ينحدر منها الطبيب المسؤول عن التوظيف".

وأشار: "أحد الأطباء كان الأول على دفعته لم يحصل على الوظيفة التي يستحقها بسبب الواسطة".

ويجري تعيين الأطباء في المستشفيات الحكومية عبر مسابقة يشرف عليها أعضاء الهيئة التدريسية في المستشفى الحكومي، ويجب أن يكون الشخص حاصلاً على درجة الدكتوراه، يوضح الطبيب لروزنة: "التوظيف لا يكون وفقاً لمعيار أكاديمي غالباً".

اقرأ أيضاً: كيف دمرت روسيا القطاع الطبي في سوريا ثم عادت واشترته؟!

ضعف الرواتب

الرواتب التي يتقاضاها الأطباء، أحد أهم الأسباب التي تدفعهم للهجرة.

طبيب آخر من مستشفى الجامعة، قال لروزنة، إن الرواتب ضعيفة ولا تشجّع الأطباء على الاستقرار، فأعلى راتب يصل إلى 500 ألف ليرة سورية (40 دولاراً)، والبعض 300 ألف ولا يكفيهم أجور مواصلات.

وبحسب طبيب مقيم في مستشفى المواساة بدمشق، يقول لصحيفة "الوطن" إنّ الراتب 300 ألف ليرة سورية (22 دولاراً)، في وقت يبلغ فيه متوسط المعيشة لعائلة مؤلفة من خمسة أفراد شهرياً نحو عشرة مليون ليرة سورية، وفق دراسة لجريدة "قاسيون".

وفي منتصف آب الماضي، أصدر رئيس النظام السوري بشار الأسد، مرسومين بزيادة الرواتب والأجور للموظفين والمتقاعدين بنسبة مئة بالمئة، وذلك بعد عامين على آخر زيادة في الرواتب، ليصبح المعدل الوسطي للرواتب 300 ألف ليرة سورية.

أقسام فارغة واختصاصات مغايرة

يشير الطبيب لروزنة إلى وجود أقسام فارغة في المستشفى ومغلقة، أحد الأسباب، جراء وفاة الطبيب الوحيد الموجود في القسم كمثال، رغم أنه يجب أن يكون في القسم ثلاثة أطباء، وهذا يعود للفساد في نظام التوظيف، على حد قوله.

أما في أقسام طب الأطفال والتجميل، لا يوجد سوى طبيب واحد، في حال وفاته أو هجرته لا يوجد بديل، يوضح الطبيب.

وفي قسم الجراحة العصبية بمستشفى جامعة حلب، يحتوي على أطباء متخرجين حديثاً يحملون شهادة الماجستير، وهو أمر منافٍ للقوانين، إذ يجب تعيين شخص حاصل على دكتوراه، وفق مصادر طبية لروزنة.

وفي قسم العلاج الكيماوي، لا يوجد طبيب مختص، "الطبيب الموجود في القسم اختصاص علاج شعاعي للأورام".

وأكد الطبيب في مشفى التوليد الوطني، خبات يوسف، لصحيفة "الوطن" المحلية، أمس الثلاثاء، أن أغلب الأطباء الخريجين مستعدون لبيع ممتلكاتهم العقارية من أجل السفر.

وكان رئيس فرع "نقابة الأطباء" في دمشق، عماد سعاده، كشف، أن النقابة يصلها يومياً نحو عشرة طلبات من أطباء يرغبون في الحصول على وثيقة سفر، بحسب تقرير لصحيفة "الوطن" الشهر الفائت.

وبيّن سعادة أنّ معظم الأطباء الذين يقدمون طلبات السفر هم من الأطباء الجدد، موضحاً أنّ أحد أسباب الهجرة، عدم وجود أفق واضح لهم في المستقبل، إذ يحتاج الطبيب إلى وقت طويل حتى يبدأ بالعمل.

اقرأ أيضاً: ممرضون سوريون يشتكون من تدني أجورهم.. والاستقالات بالجملة

نقص الكوادر الطبية في مستشفى حلب الجامعي ليس أمراً حديثاً، إذ أكد مدير مستشفى حلب الجامعي، ماهر أعرج، وجود نقص كبير في عدد الأطباء والممرضين في مستشفى حلب الجامعي، مبيناً وجود 56 عضو هيئة تدريسية فقط و280 ممرضاً في المستشفى، وفق تقرير لموقع "حزب البعث العربي الاشتراكي" في عام 2021.

ويوجد في مستشفى الجامعة عشرة أقسام: "الأطفال، والداخلية، والجراحة، والعينية، والأذنية، والجلدية، والتخدير، والأشعة، والمخبر، والأورام" إض للصيدلية".

وسلطّت "روزنة" الضوء في تحقيق لها تحت عنوان: "الأطباء السوريون خسرتهم بلادهم ولم تكسبهم بلدان اللجوء"، عن هجرة الأطباء السوريين إلى الخارج لإيجاد فرص عمل أو مزاولة مهن أخرى أو حتى ممارسة سرية للطب، ولكن لم يتمّ إدراجهم واحتسابهم مطلقاً كأطباء.

وبحسب لجان الصليب الأحمر الدولي يعيش 90 بالمئة من السكان في سوريا تحت خط الفقر، ما جعل عملية تهجير الأطباء عملية منظمة ومسكوتاً عنها تحت أعين السلطات الرسمية، فالمؤتمرات التعريفية وإعلانات شركات خدمات السفر للخارج وخصوصاً ألمانيا، تقام في العلن.

ووفق تحقيق روزنة، فإن الأطباء السوريين هاجروا بالآلاف خلال السنوات الماضية، إلى الأردن ولبنان وتركيا ودول الخليج، وأوروبا وأميركا الشمالية والقوقاز، وبلدان ومناطق أخرى حول العالم.

بودكاست

شباب كاست

بودكاست مجتمعي حواري، يُعدّه ويُقدّمه الصحفي محمود أبو راس، ويُعتبر منصة حيوية تُعطي صوتًا للشباب والشابات الذين يعيشون في شمال غرب سوريا. ويوفر مساحة حرّة لمناقشة القضايا والمشاكل التي يواجهها الشباب في حياتهم اليومية، بعيدًا عن الأجواء القاسية للحرب.

شباب كاست

بودكاست

شباب كاست

بودكاست مجتمعي حواري، يُعدّه ويُقدّمه الصحفي محمود أبو راس، ويُعتبر منصة حيوية تُعطي صوتًا للشباب والشابات الذين يعيشون في شمال غرب سوريا. ويوفر مساحة حرّة لمناقشة القضايا والمشاكل التي يواجهها الشباب في حياتهم اليومية، بعيدًا عن الأجواء القاسية للحرب.

شباب كاست

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط “الكوكيز” لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة.

أوافق أرفض

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط “الكوكيز” لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة.

أوافق أرفض