تقارير وتحقيقات | 1 02 2024

غادر المنتخب السوري مسابقة بطولة أمم آسيا للرجال 2023 المقامة حالياً في العاصمة القطرية الدوحة، بعد خسارته أمس الأربعاء أمام المنتخب الإيراني، بفارق ركلات الترجيح 5 – 3، بعد التعادل الإيجابي بهدف لهدف خلال وقت المباراة الأصلي والشوطين الإضافيين.
وافتتح مهدي طارمي التهديف لإيران في الدقيقة 34 من علامة الجزاء، ثم أدرك عمر خريبين التعادل في الدقيقة 64 من ضربة جزاء أيضاً، ليتعرض بعدها نجم إيران مهدي طارمي للطرد في الدقيقة 90، بعد عرقلته للبديل علاء الدالي.
المباراة شهدت تنظيمياً دفاعياً لمجموعة هيكتور كوبر، والذي خاض لقاءاً تكتيكياً لم يكن يطلب من لاعبيه السوريين المجازفة فيه، على غرار المباريات السابقة، إلا في مباراة الهند التي أمن بها المنتخب التأهل إلى الدور الثاني كأفضل منتخب مركز ثالث.
بالمقابل، استحوذت إيران على الكرة معظم مراحل المباراة خلال 90 دقيقة بطريقة سلبية، تخللها بعض الكرات الخطرة لسردار أزمون وسامان قدوس، تكفل الحارس أحمد مدنية ودفاعه بإبطال مفعولها.
وجاء طرد "طارمي" ليقلب المشهد في الأشواط الإضافية، إذ بدأت إيران بالدفاع مقابل محاولات هجومية للاعبين السوريين دون فعالية، وسط المحافظة على إبقاء الحذر الدفاعي حسب تعليمات كوبر.
حسم اللقاء بركلات لصالح المنتخب الإيراني، الذي طار ببطاقة التأهل لملاقاة الساموراي الياباني في دور الثمانية.
نفذ المنتخب الإيراني الركلات الخمس بنجاح عبر كريم أنصاري ورامين رضائيان وأوميد إبراهيمي ومهدي ترابي وإحسان حاج صافي، فيما سجل لنظيره السوري علاء دالي وبابلو صباغ وأيهم أوسو فيما أهدر فهد اليوسف ركلة تصدى لها الحارس علي رضا.
"منتخب للمستقبل"
بعد المباراة، خيم الغضب والحزن على عشاق المنتخب السوريين الذين حملوا معهم آمال التأهل في مواجهة إيران، وسادت حالة من التحفيز عبر منصات التواصل الاجتماعي، بأن المنتخب ومدربه قدموا ماعليهم وحققوا الإنجاز التاريخي بالتأهل للدور الثاني، بعد سبع مشاركات أولها في الكويت 1980.
مدرب المنتخب هيكتور كوبر قال في مؤتمر صحفي عقب اللقاء " نحن في طور بناء منتخب للمستقبل، اللاعبون قدموا كل شيء ولا أطلب منهم أكثر من ذلك، خرجنا من بطولة آسيا بركلات الحظ".
وأضاف كوبر: "سعداء بما قدمنا وكنا نطمح في الاستمرار، الجميع أدى ما عليه، ونشكر الجماهير التي حضرت على المساندة في اللقاء".
اللاعب عمر خريبين أكد في تصريحاته بعد المباراة بأن المنتخب لم يخسر لقاء إيران ولعب بشكل جيد وتابع قائلا: "الجميع قدم ما عليه، لم يبخل أي لاعب بجهد أو نقطة عرق، لقد أصبح لدينا منتخبا قويا يمتلك شخصية.
إشادة و"جبان لا يكسب معركة"!
وتعرض المدرب الأرجنتيني لإشادة من قبل نقاد ورياضيين لـ"بنائه هوية وشكل للمنتخب السوري افتقدها بالسنوات الماضية"، فيما انتقده البعض لمبالغته بالأداء الدفاعي وغياب القدرة على بناء الهجمات وتنظيمها لدى فريقه، وعدم استغلاله لـ"فرصة تاريخية قد لا تتكرر أمام إيران بعشرة لاعبين".
ووجه الدكتور عمار عوض، اللاعب السوري السابق والمحلل الرياضي في قنوات "إم بي سي"، انتقاداً لاذعاً لـ"كوبر" بعد نهاية المباراة، حيث قال خلال مشاركته ببرنامج "صدى الملاعب": "الجبان بعمره ما فاز بمعركة"، معتبراً أن المدرب يتحمل جزءاً كبيراً من المسؤولية لعدم إشراك لاعبين بدلاء ومبالغته بالجانب الدفاعي دون استغلال التفوق العددي ، ما أدى لظهور المنتخب بوضع سيء للغاية في الشوط الأول، كاد أن يؤدي لاستقباله العديد من الأهداف.
احتفاء من الأسد وأسماء
وهنأ رئيس النظام السوري بشار الأسد اللاعبين والكادر الفني والإداري، بعد انتهاء المباراة، عبر منشور لـ"رئاسة الجمهورية العربية السورية" في فايسبوك، جاء فيه: "فخورون بأدائكم وإصراركم، كنتم نسوراً تحلقون عالياً وتصنعون الفرح، وكانت قلوب كل الجماهير تخفق معكم".
بدورها، نشرت أسماء الأسد عبر حسابها في انستغرام، صورة مرفقة بنص بخاصية القصص "ستوري": "أنتم نسور سورية وفرحة جماهيرها.. بأدائكم وحماسكم.. صنعتم فخراً لكم السوريين".
يأتي ذلك، بعد مقطع مصور انتشر مع نهاية لقاء المنتخب السوري ضد الهند في ختام مباريات الدور الأول، ظهر به مجموعة من اللاعبين في الحافلة التي تقلهم من الملعب، يهتفون لبشار الأسد، مرددين: "بالروح بالدم نفديك يا بشار.. الله سوريا بشار وبس"، الأمر الذي هاجمه وانتقده سوريون وناشطون عرب عبر مواقع التواصل.
ورافق مشاركة المنتخب انقساماً متكرراً في الشارع الرياضي السوري، بين من اعتبره "منتخب النظام السوري/ الأسد"، لأنه "جزء من بروباغندا النظام ومؤسساته، ويستخدم لتلميع صورته، إضافة لمواقف لاعبين الداعمة للأسد، في ظل الثورة ومقتل رياضيين في سجون الأخير"، فيما يؤكد آخرون أنه "منتخب الوطن/ لكل السوريين" في إطار دعوتهم لـ"فصل الرياضة عن السياسة" وأنه "فرصة لرسم البسمة على شفاه السوريين بعد الأزمة".
من جانبه، يرى قسم ثالث من مناصري النظام أن المنتخب "يهتف للأسد قائد الوطن، وأمر طبيعي أن يلتقي بهم"، إضافة لكونه جزء من "مؤسسات الدولة السورية".
وفي البطولة الحالية، حضر الآلاف من السوريين مباريات المنتخب في ملاعب قطر، إضافة لتجمعات في مقاهي بمختلف المحافظات، في حين عبّرت نسبة واسعة من السوريين عن دعمهم للمنتخبات التي واجهها رفاق خريبين، في حملات عبر مواقع التواصل أو ترديد الهتافات المناهضة للمنتخب والأسد في مباراة بالملعب البلدي في إدلب.
وشهدت السنوات السابقة، إعلان مواقف سياسية داعمة لبشار الأسد من لاعبين في المنتخب وإدارييه، بينها المشاركة بشكل جماعي بـ"الانتخابات الرئاسية" في 2021، حاملين صورة للأسد، خلال معسكر لهم في الإمارات العربية المتحدة.
كذلك، سبق أن خرج اللاعبين في لقاء متلفز مع قناة "سما" يشكرون به الأسد لـ"دعمه للرياضة والرياضيين" سنة 2017، كما بارك بعضهم "انتصارات الجيش العربي السوري" ووجه عمر السومة تحية أيضاً لقائد "الفرقة الرابعة" ماهر الأسد، الأمر الذي اعتبره سوريون "موقفاً لا يحتمل الشك بدعمهم وانحيازهم للنظام".
كذلك، أدت عودة نجمي سوريا عمر السومة وفراس الخطيب قبل سنوات إلى المنتخب، لحالة جدل، بعد اتخاذهما موقفاً اعتبر منحازاً للثورة السورية عند انطلاقها، ليعودا لاحقاً ويحصلان على توقيع الأسد عند استقباله بالقصر، إضافة لظهور "السومة" وعمر خريبين ولاعبين آخرين، في لقاءات متكررة مع نجل بشار، حافظ، وابن اخته، باسل آصف شوكت.
أخيراً، يعود المنتخب للتصفيات المؤهلة إلى مونديال 2026 بتاريخ 21 اذار لمواجهة ميانمار وفي 26 مارس يلعب لقاء الإياب مع ميانمار وفي شهر حزيران من العام الحلي يلتقي مع كوريا الشمالية ومن ثم منتخب اليابان.