تقارير | 1 02 2024
عبد الله الخلفاستسلم مهند العلي من سكان حي الدرعية في مدينة الرقة، لمشهد تكدّس النفايات، إذ أصبح الأمر اعتيادياً ولم يعد كما السابق يشتبك كلامياً مع جيرانه لرميهم القمامة أمام منزله، كما توقف عن مطالبة "البلدية" بوضع حاوية قمامة كبيرة لأبنية الحي.
يقول في حديثه مع روزنة إنه تعب ومل من كثرة الكلام ومحاولة الإقناع: "قبل أكثر من سنة سرق أشخاص مجهولون حاوية من الحي، والبلدية أزالت الكثير من الحاويات خشية تعرضها للسرقة، ومنذ ذلك اليوم والحي بدون حاوية".
وأشار "العلي" إلى أنه طلب من البلدية أكثر من مرة إعادة الحاوية، دون أي استجابة، فيما قرر أهالي الحي رمي الأوساخ والقمامة المنزلية في أرض فارغة مقابلة لمنزله.
تابع: "لا توجد مسؤولية أيضاً لدى الأهالي، هناك حاوية في الشارع العام تبعد نحو 300 متر، ولكن الناس يتكاسلون ويرمونها أمامي دون أي خجل!".
أحياء بلا حاويات.. والمكب: مصرف زراعي!
لا توجد حاوية قمامة في حي الفخّارة شرقي المدينة، ما دفع الأهالي لرمي القمامة في مصرف زراعي مجاور، تحوّل مع الأيام إلى مصدر للروائح الكريهة وانتشار الحشرات.
يخشى خلف الإبراهيم أحد سكان الحي من ارتفاع حالات الإصابة بالأمراض والأوبئة، مثل اللشمانيا، نتيجة الوضع الراهن.
اقرأ أيضاً: يقضون يومهم بين النفايات.. التسرب الدراسي يُهدد عُشر أطفال الرّقة
وأوضح "الإبراهيم" لروزنة: "سجلت حالات إصابة باللشمانيا في الحي بين الأطفال الصيف الماضي، والأهالي لا يعرفون سبل الوقاية وكيف يتصرفون مع هذا الوضع الصعب".
ويؤكد في الوقت ذاته، أن سيارات نقل القمامة لا تمر بحيهم أبداً، إذ يلجأ الأهالي غالباً بإمكانات متواضعة فردية إلى حرق الأوساخ للتخلص منها، "ولكنه حل غير مجدي، حسب رأيه، مفسّراً: "يجب رش المبيدات الحشرية وتنظيف المصرف ونقل الأوساخ بشكل يومي، وبالطبع، وضع حاوية حتى لا تتكرر نفس المشكلة".
البيت برسم البيع!
سوء الأوضاع الخدمية المتعلقة بجمع النفايات وترحيلها في حي الفخّارة، دفع فجر إلى عرض منزله للبيع، لمجاورته مكب نفايات في أرض خالية.
شرح بغضب لنا: "حياتنا أصبحت مقرفة، الرائحة المزعجة تعشعش في البيت، ولا أرى أمل باستجابة البلدية لذلك وضعت البيت برسم البيع".
يبحث فجر حالياً عن منزل في ريف المدينة، مفضلاً الابتعاد عن اكتظاظ المدينة العمراني الذي يفتقر للخدمات، إذ أدت الحالة المزرية في أجواء منزله إلى عدم زيارة والدته المسنّة له، حرصاً منهم على سلامة صحتها.
إن وجدت الحاوية.. فلا قمامة بداخلها!
يرى عبد الستار أحد سكان حي جامع المصطفى جنوب المدينة أن المسؤولية تقع بشكل أكبر على الأهالي، قائلاً: "يرمون الأوساخ في أرض فارغة تبعد عن مكان الحاوية على الشارع العام مسافة أقل من 50 متر! دائماً ما أتشاجر معهم ولكن لا أستفيد شيئاً".
ما يزعج عبد الستار أن الكثير من الأهالي يرسلون أطفالهم لرمي القمامة، دون أن يعلموهم أن مكانها الحاوية وليس أمام بيوت الناس، وفق قوله.
ولفت في لقائه مع روزنة: "أحياناً أرى بأن الحاوية فارغة وتتجمع الأوساخ حولها، السبب في ذلك أن من يرمون الأوساخ أطفال لا يستطيعون وضعها داخل الحاوية، وهذه مسؤولية أهلهم، يجب أن تكون هناك مخالفات في هذه الحالة".
اقرأ أيضاً من: الرقة… 3 سنوات بلا كهرباء والصبر سيد الموقف مع الأمبيرات
في حي البدو، يرمي بعض السكان القمامة من النوافذ والشرفات بشكل عشوائي، ما تسبب بملاسنة حادة بين فاطمة الخلف وإحدى جاراتها، تطورت لشجار بالأيدي.
تقول فاطمة لروزنة: "أعيش في منزل عربي مقابل لبناء سكني، دائماً أرى الأوساخ أسفل البناء مقابل بيتنا، راقبت البناء وعلمت أن جارتي هي من تفعل ذلك، لم أتمالك أعصابي وصعدت لألومها، ولكن ردها كان استفزازياً وتشاجرنا، ورغم ما حدث ظلت ترمي الأوساخ ليلاً وتنكر أنها تفعل ذلك!".
"البلدية": الحاويات تسرق والوعي غائب
تواصلت روزنة مع عبد السلام إسماعيل مدير دائرة النظافة في بلدية الشعب بالرقة، الذي أكد أن إحدى أكبر الصعوبات التي تواجه عملهم هي سرقة الحاويات أو العبث بها وتخريبها.
وقال: "في عدة أحياء حصلت سرقات للحاويات، نقوم بوضع حاويات في جميع المناطق، ولكن بعض ضعيفي النفوس يقومون بسرقتها ليلاً، أو حرقها، وتأمين حاويات مع تزايد الكثافة السكانية للمدينة بالسنوات الأخيرة أمر ليس سهل".
ويوضح تقسيم المدينة لـ 26 قطاع، لتنظيفها بشكل يومي عبر آليات وعمال يجوبون الأحياء، متابعاً: "توجد ورشات آليات ثقيلة أيضاً لإزالة المكبات العشوائية، والبالغ عددها 145 مكب عشوائي، العمل عن طريق برامج آليات وموظفين".
كذلك، أشار إلى أن الورشات تعمل على كنس الطرقات الرئيسية والشوارع يومياً، بالإضافة لوجود سيارة خاصة لنقل النفايات الطبية من المستشفيات والمراكز الصحية للتخلص منها بشكل آمن.
ولا يلتزم الأهالي برمي النفايات في المواعيد المخصصة "بين الـ 11 ليلاً إلى 7 صباحاً"، وفق "إسماعيل"، موجهاً انتقاده: "لا يوجد التزام بالمواعيد ورمي النفايات يكون بشكل عشوائي في أي مكان وأي وقت، دون النظر للمخاطر البيئية والصحية".
وتعمل "البلدية" التابعة لـ"الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا"، على إصدار قرار خلال الفترة المقبلة تفرض فيه غرامات مالية على الرمي العشوائي للقمامة، بهدف الحفاظ على النظافة في المدينة وخطة التخلص من المكبات العشوائية، حسب مصادر تعمل هناك.