العشوائيات في الرقة.. "الحفر الفنية" تفاقم مشكلة الصرف الصحي

"حفرة فنية" في أحد أحياء الرقة العشوائية - روزنة
"حفرة فنية" في أحد أحياء الرقة العشوائية - روزنة

التقارير | 08 سبتمبر 2023 | عبد الله الخلف

تعتمد العديد من أحياء مدينة الرقة "العشوائية" على "الحفر الفنية" لتجميع مياه الصرف الصحي، نتيجة عدم وجود شبكات لتصريف المياه فيها، إلا أن هذه الطريقة البدائية لا تعد حلاً جذرياً للمشكلة، وقد تتسبب بمشاكل أخرى.


نفذت "بلدية الشعب" بالرقة مشاريع صرف صحي في عدة شوارع من حي الدرعية، ولكن ما تزال هناك العديد من أجزاء الحي تعتمد على الحفر الفنية.

سكان "حارة الزيتون" في حي الدرعية الذي يعد من أكبر أحياء المدينة العشوائية، تقدموا بطلب للبلدية من أجل تنفيذ مشروع صرف صحي منذ عام 2019، ولكن إلى الآن لم تستجب للطلب.


مخاطر بيئية وصحية


"خائفين على الأطفال"، هذا ما قاله خليل الكردي أحد سكان "حارة الزيتون" لروزنة، موضحاً أنهم يخشون تفشي الأمراض، باعتبار أن المياه الآسنة بدأت تطفح في الحي وبداخل البيوت أيضاً.

تسببت المياة الآسنة بمرض أحد أطفال محمود رشيد حمام، من سكان الحي.

يشرح لنا: "الأطفال يخرجون للعب بالحارة، ومياه الصرف الصحي تطفح، ونتيجة ذلك يصابون بالأمراض، نخاف من تفشي أمراض أخطر مثل اللشمانيا أو الكوليرا، وتم تسجيل إصابات باللشمانيا في الحي".

ويضيف: "منذ أربع سنوات ونحن نتردد على البلدية، في العام الحالي قالوا لنا أن الحي ضمن الخطة، وهم بانتظار الآليات للبدء بالعمل، وآخر مرة زرناهم تغيّر الكلام وقالوا لا يوجد شيء! ولا نستطيع تنفيذ المشروع".



ويختتم بمطالبة "البلدية" بإيجاد حل لمشكلة الصرف الصحي التي تهدد صحتهم وصحة أطفالهم، وفق تعبيره.


تصدعات في المنازل


نظام التصريف البدائي المعتمد على "الحفر الفنية" (حفر عشوائية في الأرض لتصريف المياه)، لا يعتبر حلاً للمشكلة، بل تسبب بمشاكل لعدم قدرة الأهالي على تفريغ هذه الحفر بشكل مستمر، ما أدى لحدوث تصدعات في عدة منازل في "الزيتون".

يقول جاسم الأيوب أحد سكان "الحارة": "يجب أن نقوم كل أسبوع بإحضار صهاريج لتفريغ الحفر الفنية، وهذا أمر مكلف مادياً، ومعظم سكان الحي فقراء لا يستطيعون تحمل هذه التكاليف، وهذا عبئ كبير علينا".



ويلفت إلى أن الكثير من البيوت في الحي تصدعت جدرانها بسبب المياه المخزنة تحتها في الحفر الفنية، مؤكداً ان المشكلة بدأت تؤثر على أساسات البيوت والتصدعات أصبحت ظاهرة في عدد من المنازل".

يتخوف، قائلاً: " إن استمرت المشكلة لا تستبعد أن ينهار أحد البيوت فوق أصحابه يوماً ما!".


معاناة مضاعفة في الشتاء


الوضع في أحياء الرقة العشوائية التي تفتقد لخدمات الصرف الصحي يزداد سوءاً خلال فصل الشتاء.

بعد هطول الأمطار يعاني الأهالي لإيجاد صهاريج لتفريغ المياه، وأحياناً لا يتمكنون من ذلك بسبب عدم القدرة على تحمل تكلفتها المالية.

يقول جاسم الأيوب لروزنة أن مخاطر المشكلة لا تقتصر على سكان حي الزيتون فحسب، بل حتى المارة والسيارات التي تعبر من الحي.

ويروي حادثة حصلت في الشتاء الماضي: "الأرض رملية ومع هطول الأمطار تهبط الحفر الفنية ولا يلاحظ ذلك أصحاب السيارات لأن الشارع يصبح مثل البحيرة، مما يؤدي لوقوع حوادث، إحدى السيارات سقطت في حفرة فنية، وبصعوبة تمكن الأهالي من إخراج السائق وسيارته".

ويضيف أن "حارة الزيتون" تصبح بحيرة من المياه الآسنة بعد هطول الأمطار حسب وصفه، "أحياناً لا نستطيع الخروج من بيوتنا في فصل الشتاء، المياه تحاصرنا".

ويصف ساخراً: "تحتاج قارب لتتمكن من الخروج والدخول من الحارة!".


خلافات ومشاجرات بين الجيران!


بسبب ازدياد التصدعات في منزله وخوفاً من انهيار جدران المنزل، قرر أبو محمد أحد سكان "حارة الزيتون" تصريف مياه الصرف الصحي باتجاه الشارع، بسبب عدم قدرته على تفريغ الحفر الفنية.

يقول لنا: "حفرت 4 حفر فنية، ولم يعد بإمكاني تفريغها، لذلك صرّفت المياه باتجاه الشارع لم يعد أمامي حل آخر".



ونتيجة ذلك حدثت مشاجرة بين أبو محمد وجاره الذي وصلت مياه الصرف الصحي إلى أمام بيته، وتدخل سكان الحي لفض النزاع بين الجارين.

يتحدث أبو محمد: "جاري منذ سنوات طويلة توترت علاقتي معه ووصلت الأمور للضرب! الآن نحن لا نتحدث مع بعض وقد تتجدد المشكلة وتتطور أكثر وكل ذلك بسبب الصرف الصحي!".


لا حلول في الأفق


تواصلت روزنة مع إبراهيم رشيد نائب رئيس "بلدية الرقة"، ولكنه اعتذر عن التصريح.

وأوضح لاحقاً، حسام كالو رئيس "دائرة الأشغال العامة في البلدية"، أنهم قاموا بإنجاز عدة مشاريع صرف صحي خلال العام الجاري 2023.

وعن مشكلة الأحياء العشوائية، يشير أن المصب الرئيسي في المدينة بحاجة لإعادة تأهيل بسبب الدمار الذي لحق بالبنى التحتية أثناء الحرب.

اقرأ أيضاً: شبح الكوليرا يخيم على سوريا.. ومدنيون: "لم أسمع بها في حياتي"

ويردف "المناطق المنخفضة والأحياء العشوائية تأثرت سلباً بسبب تأثر المصب الرئيسي، مثل الدرعية والانتفاضة ومفرق الجزرة وغيرها، استهدفنا هذه المناطق في عدة مشاريع، ولكن واجهنا صعوبات منها صعوبة تحديد مسار شبكة الصرف الصحي".

كذلك، لفت أن المناسيب منخفضة عن المصب الرئيسي لشبكة المدينة، مما يصعّب مد شبكات تخدم هذه الأحياء، "لذلك لا توجد حلول أو خطط في الوقت الحالي لإنشاء شبكات صرف صحي في المناطق العشوائية".

ويوضح "كالو": "استبدلنا شبكات الصرف الصحي في شارع الوادي، وشارع الكهرباء، ومحيط الجامع القديم وصولاً لشارع سيف الدولة، بالإضافة لأجزاء من حي المشلب، كما قمنا بتمديد شبكة صرف صحي جديدة في منطقة دوار حزيمة".

ويضيف أنهم نفذوا مشاريع أخرى في سوق الحديد، وقرب جامع الصفا في حي الدرعية، مع إنشاء "مطريات" في الشوارع التي تعبد، مشيراً إلى أن شبكات الصرف الصحي بالمدينة تضررت بشكل كبير جراء المعارك في الرقة بالسنوات الماضية.

لا تقتصر مشكلة عدم وجود شبكات صرف صحي على "حارة الزيتون" بحي الدرعية فقط، بل هناك العديد من المناطق والأحياء التي تعتمد على الحفر الفنية أيضاً، مثل السباهية والرومانية وأجزاء من حي المشلب ومفرق الجزرة ورميلة وغيرها، الأمر الذي يهدد صحة العديد من سكان المدينة.
 

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق