سيناريوهات محتملة لقمع احتجاجات السويداء

من مظاهرة السويداء - صفحة "السويداء 24" على فيسبوك
من مظاهرة السويداء - صفحة "السويداء 24" على فيسبوك

سياسي | 28 أغسطس 2023 | نور الدين الإسماعيل

تهديدات موجهة لأهالي السويداء مع دخول احتجاجاتهم ضد النظام السوري يومها التاسع، من قبل شخصيات إعلامية معروفة بدعمها لشخص بشار الأسد وحزب الله في لبنان كـ رفيق لطف و حسين مرتضى. 


بعض تلك التهديدات كانت مبطنة تحتوي على تلميحات، وأخرى كانت صريحة تحمل بعداً طائفياً، يعيد إلى ذاكرة السوريين ما جرى مع انطلاق الثورة السورية عام 2011، ودخول المجموعات المسلحة التابعة لحزب الله لقمع الحراك في سوريا.


"كارثة قادمة إلى السويداء"


البداية كانت مع بث الإعلامي رفيق لطف عدة مقاطع فيديو، خلال الأيام القليلة الماضي، تتضمن تهديدات للمحتجين في السويداء من دخول أشخاص، لم يسمهم، إلى المحافظة، ما فتح تكهنات من متابع إلى أنه ربما تكون تلك العناصر هي "تنظيم الدولة" (داعش).



وحمّل رفيق لطف وجهاء المحافظة مسؤولية عدم وقف الحراك الشعبي، محذراً من أنه في حال دخول تلك العناصر، التي لم يسمها، سيكون قد فات الأوان، مضيفاً: "هناك كارثة قادمة إلى السويداء".

وزعم حصوله على معلومات تفيد بأن هناك أشخاص يعدون لتفجير ساحة المظاهرات في السويداء، لاتهام الأمن السوري.


التهديد بـ"انتحاريين"


فرضية الانتحاريين والإرهابيين أيضاً اشار إليها الإعلامي حسين مرتضى في بث مباشر، وهو معروف بمواقفه الداعمة لقوات "حزب الله".

اقرأ أيضاً: "حتى تغيير النظام".. بيان لمنظمي احتجاجات السويداء يحدد رؤيتهم



وقال في مقطع فيديو، إن لديه معلومات عن فتح الطريق بين السويداء وقاعدة التنف (تسيطر عليها القوات الأمريكية وفصائل تابعة للمعارضة السورية)، لتسهيل عبور أشخاص وصفهم بـ"الانتحاريين والإرهابيين" إلى منطقة السويداء.

وادعى أن الولايات المتحدة تقف وراء دخول أولئك الأشخاص (الانتحاريين)، لمنع أية تهدئة قد يتوصل إليها وجهاء السويداء والنظام السوري، عبر اتهام الأخير بالتفجيرات التي ستقع في المحافظة.


سيناريوهات سابقة


يستبعد مراقبون للوضع في السويداء إمكانية دخول قوات النظام السوري وفروعه الأمنية في مواجهة مباشرة مع المحتجين، "بسبب حساسية وضع المحافظة"، وعدم نسف ادعاءاته السابقة التي حاول ترويجها عبر حماية الأقليات.

التخويف من دخول "تنظيم الدولة" (داعش) إلى محافظة السويداء ليس جديداً، فخلال السنوات الماضية ومع كل مرة تشهد فيها المحافظة مظاهرات ضد النظام السوري كان الحديث عن دخول "داعش" حاضراً.

في 25 تموز عام 2018 شن تنظيم "داعش" هجمات دموية على قرى وبلدات المحافظة من الجهتين الشمالية والشرقية، إضافة إلى عدة تفجيرات داخل مدينة السويداء، نتج عنها 221 قتيلاً وما يزيد عن 180 جريحاً، وفق ما ذكر موقع المدن.

وأكد الموقع أن التنظيم اختطف قبل انسحابه من تلك القرى 30 رهينة، أعدم منهم شخصين لاحقاً، بهدف الضغط على أهالي المحافظة من أجل قبول شروط التفاوض.

واتهم الموقع النظام السوري بالتواطؤ مع التنظيم لتسهيل دخوله إلى تلك المناطق، "مصالح التنظيم والنظام تلاقت على المجزرة. فكلاهما يعرفان أن "داعش" بلا حاضنة شعبية في السويداء، ولا يمكن له السيطرة والحفاظ على منطقة متمايزة طائفياً".

وقال مدير منظمة جذور سوريا في السويداء، أيهم عزام، في حديث خاص لـ"روزنة": "من الممكن أن يلجأ النظام إلى إدخال مجموعات تتبع لتنظيم "داعش" لإنهاء الحراك والتشويش على الهدف الأسمى، وهو الاحتجاجات وهذا قد يعطي دافعاً للتابعين له من أبناء المحافظة غير القادرين على التحرك في الوضع الحالي بسبب المزاج العام في المحافظة، ليعلو صوتهم لإنهاء الحراك".
 
إلا أنه استبعد هذا السيناريو في الظروف الجديدة التي تشهدها المحافظة، "لأنها باتت سيناريوهات مكشوفة وليس لها تأثير على المزاج العام للأهالي أو على الحراك، بالعكس ستزيد من سخط الأهالي ضده".


حزب الله كأحد السيناريوهات


يرجح البعض دخول مجموعات مسلحة من "حزب الله" اللبناني إلى السويداء لقمع التظاهرات فيها، بسبب قرب المناطق التي يسيطرون عليها في درعا من السويداء، وذلك قياساً على ما حدث في منطقة القصير بحمص عام 2013، وغوطة دمشق عام 2017.

حول هذه النقطة، قال عزام: "أستبعد دخول حزب الله في مواجهة مباشرة مع أهالي السويداء، لأنه سيشعل فتيل حرب أهلية في لبنان بين المكونين الدرزي والشيعي، وحزب الله حالياً غير مستعد وغير مهيّأ لهكذا نوع من الحروب، لأنه يقاتل في كل من سوريا والعراق ولبنان".

وأضاف مبيناً سبب اعتقاده: "لن يجازف حزب الله في تلك الحرب إرضاء للنظام السوري، وكل ما يبحث عنه هو مصالحه الخاصة في سوريا، من تجارة المخدرات، والتي لن تؤثر عليها احتجاجات السويداء، لأنه قادر على إدارة تلك التجارة من درعا باتجاه الأردن".
 
وفي نفس السياق، استبعد احتمالية الزج بأبناء السويداء الذين يخدمون في مؤسسات النظام العسكرية والأمنية، "بسبب عدم وجود أعداد كبيرة أو ثقل حقيقي لهم في تلك المؤسسات، بعد تصفيته للعميد عصام زهر الدين، ولأنه من غير الممكن لأبناء المحافظة مواجهة أهلهم مهما كانت الأسباب".


عامل الوقت


وفي ظل تعقيد الأوضاع في محافظة السويداء نتيجة حساسية الوضع فيها، يمكن للنظام السوري العمل ضمن خيارات بعيدة نوعاً ما عن المواجهة العسكرية والأمنية، مثلما حصل في أماكن أخرى من سوريا.

وفي هذا الإطار اعتبر أيهم عزام أن أهالي السويداء "أحرقوا المراكب خلفهم، فلا يوجد إمكانية للعودة"، بعد انخراط شخصيات دينية وسياسية بارزة في دعم تلك الاحتجاجات، والتي لم تكن في السابق تتدخل بنفس هذه القوة.

ورجح احتمالية أن يلجأ النظام إلى اللعب على عامل الوقت، حيث يملّ المتظاهرون من الخروج بشكل يومي تاركين مشاغلهم وأعمالهم، إضافة إلى تقليل الإمدادات والخدمات عن المحافظة، بحجة أن الطرقات مقطوعة وأن المتظاهرين هم مجموعة من "الخارجين عن القانون"، تسببوا بأضرار لمحافظتهم.


كتائب البعث في جرمانا


تعتبر مدينة جرمانا بريف دمشق من أكبر التجمعات لأهالي السويداء خارج المحافظة، وهي المنطقة التي يقيم فيها غالبية الموظفين من أبناء المحافظة الذين يعملون في دمشق.

قد يهمّك: دخول احتجاجات السويداء أسبوعها الثاني.. ومظاهرات مسائية في درعا 



شهدت مدينة جرمانا مظاهرة احتجاجية يوم الجمعة 18 آب، بالتزامن مع المظاهرات التي انطلقت في السويداء ودرعا، ندد خلالها المتظاهرون بتدهور الواقع المعيشي، وفق ما ذكرت صحيفة القدس العربي.

خروج المظاهرة دفع بالنظام السوري لإرسال مجموعات مسلحة رديفة إلى المدينة، تحمل اسم "كتائب البعث"، وهم عناصر مسلحون يتبعون لـ"حزب البعث".

انتشر عناصر من الكتيبة الخامسة في أحياء جرمانا، وفق ما ذكرت الصفحة الرسمية لتلك المجموعات على "فيسبوك"، إلا أنها زعمت في منشورها أن سرية جرمانا التابعة للكتيبة انتشرت في المدينة "لحماية الممتلكات العامة والخاصة وحفظ الأمن و الأمان".


استمرار الاحتجاجات


تستمر الاحتجاجات المناهضة للنظام السوري في السويداء لليوم التاسع على التوالي، حيث جدد المتظاهرون تجمعهم المركزي في ساحة السير بمدينة السويداء، بحسب ما ذكرت صفحة "السويداء 24".

وأشارت الصفحة إلى أن الأهالي نصبوا نقطة تفتيش أهلية على طريق دمشق – السويداء بهدف مراقبة حركة الدخول إلى المحافظة، في ظل التهديدات الأخيرة التي أطلقها إعلاميون مقربون من النظام السوري وحزب الله.

وتشارك عدة قرى وبلدات في محافظة السويداء بالاحتجاجات الشعبية التي انطلقت مطلع الأسبوع الماضي ضد النظام السوري، الذي اعتبره المحتجون أنه السبب في تدهور الوضع المعيشي.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق