في الأرض التي تنتجه.. إدلب: ارتفاع سعر زيت الزيتون قرابة 100 بالمئة!

زيت الزيتون أثناء إنتاجه - من الإنترنت
زيت الزيتون أثناء إنتاجه - من الإنترنت

اقتصادي | 25 يوليو 2023 | نور الدين الإسماعيل

شهد سعر زيت الزيتون ارتفاعاً كبيراً في محافظة إدلب الشهيرة بزراعة الزيتون وإنتاج زيته، ليصل إلى سعر قياسي بات بعيداً عن متناول محدودي الدخل، وغالبية الأهالي غير القادرين على شرائه.


وبدأ الارتفاع منذ شهر تقريباً، حيث وصل اليوم سعر تنكة زيت الزيتون (16 كيلو غرام) إلى 88 دولاراً (5,5 دولار للكيلو الواحد)، بعد أن كان سعر التنكة قبل أشهر 48 دولاراً، أي أن الزيادة على التنكة الواحدة بلغت 40 دولاراً.


أسباب الارتفاع


تعود أسباب ارتفاع سعر التنكة إلى عوامل كثيرة، بعضها يتعلق بالعرض والطلب، وأخرى مرتبطة بتراجع الموسم القادم، إضافة إلى عوامل أخرى منها ما يتعلق بتقلص نسبة الأراضي التي يديرها المزارعون والملّاك.

اقرأ أيضاً: إدلب.. قسوة البرد أجبرتنا على تضييع جهد آبائنا



بحسب ما أخبرنا به فارس العلي وهو تاجر زيت في مدينة إدلب فإن الارتفاع الأخير يعود إلى سببين رئيسين، الأول زيادة التصدير والتهريب، أما الثاني فبسبب قلة المحصول في الموسم القادم.

ويضيف فارس لـ"روزنة" بأن موسم الزيتون القادم قليل جداً ولا يسد نسبة قليلة من احتياجات المنطقة، قياساً بالموسم الماضي، حيث بيعت تنكة الزيت الجديد في موسمه بـ 45 دولاراً.

وأشار إلى أن عمليات التهريب إلى مناطق سيطرة النظام السوري، والتصدير إلى تركيا ساهمت بشكل كبير في ارتفاع سعره، "مقابل ضيق المساحات المزروعة بالزيتون في شمالي سوريا بعد سيطرة النظام السوري على مناطق واسعة من ريفي إدلب الجنوبي والشرقي، والتي لم يعد بإمكان أصحابها استثمار أرزاقهم".

"يسعى المزارع دائماً للربح ليعوض المصاريف التي ينفقها للحصول على محصوله، شجع على ذلك محاولات التجار للكسب عبر تصريف المنتج خارج المنطقة ما ساهم أيضاً بمضاعفة السعر تقريباً"، قال فارس.

وختم فارس حديثه بالإشارة إلى أن أسعار الزيت تشهد عادة بعض الارتفاع النسبي في موسم تحضير مؤونة المكدوس، "لكن ليس بهذا الشكل الجنوني".


"لا مكدوس هذا العام"


يعتبر المكدوس من أهم الوجبات الحاضرة على موائد الإفطار السورية، والذي يسعى لتأمينه الغالبية، حتى ولو بكميات قليلة، ليست كما كانت عليه في السابق، في موسم المؤونة الصيفية.

ارتفاع الأسعار بشكل عام، والزيت على وجه التحديد دفع أم ربيع لإلغاء فكرة مؤونة المكدوس لهذا العام.

تقول أم ربيع لـ"روزنة": "مستحيل بهي السنة أعمل مونة مكدوس، إذا تنكة زيت الزيتون صارت فوق 85 دولار، وعندك البيتنجان (الباذنجان) والفليفلة الحمراء والجوز، يعني أقل شي بدك تحسب حسابك على شي 100 دولار لتعمل كم قطرميز ما بيكفوا شهر".

وتؤكد أم ربيع أن البديل الذي كان حاضراً عن زيت الزيتون بات اليوم بعيد المنال، فتضيف: "كنت في السنة الماضية أخلط نصف زيت زيتون ونصف زيت نباتي مما أجمعه من السلة الغذائية الشهرية، أما بهي السنة ما ضل في مساعدات تكفي ولا في زيت زيتون ينخلط".

وبسبب انخفاض قيمة الليرة التركية، ارتفعت أسعار غالبية المواد الغذائية، والتي منها الزيت النباتي (زيت الذرة وعباد الشمس) بشكل كبير في مناطق شمالي غربي سوريا، فوصل سعر القنينة سعة 1 ليتر إلى 45 ليرة تركية (الدولار الواحد يساوي 27 ليرة تركية).


"كان عنا زيت ببلاش"


غالبية النازحين من ريف إدلب الجنوبي يقيمون اليوم في مناطق متفرقة من محافظتي إدلب وحلب، تاركين أملاكهم، ومعظمهم لديه حقل زيتون أو أكثر.

بعد النزوح بات أصحاب تلك الأملاك غير قادرين على استثمارها بسبب سيطرة النظام على مناطقهم، ما دفعهم لتأمين مؤونة الزيت عبر الشراء.

قد يهمّك: مزارعو عفرين ضحية اشتباكات الفصائل العسكرية



تحدث العم مصطفى لـ"روزنة" عن "الهمّ السنوي" في تأمين مؤونة الزيت، قائلاً: "كان عنا زيت ببلاش، لأن عندي 20 دونم زيتون في كفرنبل، لكن اليوم ما عندي شي، وبشيل هم المونة كل سنة من أين رح دبرها، بس الظاهر بهي السنة ما عاد في مونة".

وتحاول أمينة، التي نزحت مع أولادها من مدينة معرة النعمان، شراء زيت الزيتون المكرر (المعلّب)، إلا أن ذلك لا يسد الحاجة التي لا يمكن الاستغناء عنها، فتقول: "ورثت عن أهلي قطعة أرض فيها 20 شجرة زيتون، وكانت تغطي احتياجات عائلتي من الزيت، لكنني بعد النزوح أصبحت مضطرة لشراء الزيت في الكيلو غرام الواحد".

"اشتريت اليوم قنينة سعة 450 غرام بسعر 65 ليرة تركية (2.6 دولار)، بينما صار سعر القنينة من سعة 800 غرام 125 ليرة تركية (4.6 دولار)، وهذا يعني أن الكيلو الواحد يجب أن يكفي العائلة شهراً كاملاً، في ظل عملي براتب متواضع"، أضافت أمينة.

وعبّرت عن عجزها على تأمين المؤونة كاملة، متسائلة "أين يذهب الزيت الذي تحصل عليه الحكومة (حكومة الإنقاذ) من المزارعين خلال موسم العصر، تحت مسمى "الزكاة"، بينما أعرف الكثير من العائلات التي تتحسر على كيلو الزيت الأصلي".

يشار إلى أنه بحسب بيانات صادرة عن "حكومة الإنقاذ السورية" التابعة لـ"هيئة تحرير الشام"، والتي تدير مناطق واسعة من إدلب وريف حلب الغربي وحماة، فإن "المساحة المزروعة بأشجار الزيتون في منطقة إدلب وغربي حلب تتجاوز /84500/ هكتار، مزروعة بما يقرب من 8 ملايين و900 ألف شجرة".

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق