الحسكة: الأسعار المجحفة تفسد فرحة المزارعين بموسم جيد

الحصاد في الرقة - روزنة
الحصاد في الرقة - روزنة

اقتصادي | 25 مايو 2023 | فريق التحرير - نور الأحمد

مع بدء موسم الحصاد شمالي شرقي سوريا، تسود أجواء من الاستياء والخيبة على نسبة واسعة من المزارعين في محافظة الحسكة، في ظل الأسعار المنخفضة التي قدمها كل من النظام السوري و"الإدارة الذاتية" لشراء محاصيل القمح التي شهدت إنتاجاً جيداً مقارنة بالمواسم السابقة.


وتميّز الموسم الحالي بوفرة الأمطار، أدى في بعض الحالات إلى أضرار للمزارعين، فيما انعكس إيجابياً بشكل عام على استكمال نمو المحاصيل، خاصة البعلية التي لم يستطع المزارعون سقايتها عبر الآبار الارتوازية، لارتفاع تكاليف التشغيل.

وحسب مكتب الشؤون الزراعية في "الإدارة الذاتية"، زرع في الموسم الحالي 4.5 مليون دونم من القمح المروي، ونحو مليوني دونم من البعلي، مقابل 900 ألف دونم للشعير المروي وأقل بمئة ألف للبلعي منه.


البيع بأقل من التكلفة؟!


يقول المزارع مصطفى السلمان من ناحية تل براك بالحسكة، لروزنة، أنه يقف عاجزاً أمام ارتفاع تكاليف الموسم: "تكلفني الحصّادة ما يقارب 50 ألف ليرة سورية للدونم الواحد، وأنا دفعت تكاليف عالية لزراعة أرضي التي تتجاوز مساحتها مئة دونم. كلفّني الدونم الواحد بين بذار وسماد، أكثر من مليون ليرة سورية".

ولا يرى "السلمان" أن السعر الذي طرح لشراء محاصيلهم مناسب، لأن العرض لا يتناسب مع التكاليف التي تكبّدها المزارعون في الموسم الحالي.

وحدد مجلس الوزراء التابع للنظام، في نيسان الفائت، سعر شراء القمح بـ 2300 ليرة سورية، قبل أن يعدله ليصبح 2800 ليرة للكيلو الواحد تشمل مكافأة قيمتها 300 ليرة، موضحاً أن الأسعار جاءت نتيجة دراسة تكلفة الإنتاج في ظل الدعم بالبذار والأسمدة.

بدورها، طرحت "الإدارة الذاتية" لائحة أسعار شراء المحصول هذا الموسم، بالدولار الأمريكي، تجنباً لتقلب سعر الصرف، حيث حددت سعر الكيلو غرام الواحد من القمح بـ 43 سنتاً.

اقرأ أيضا: خبير أممي: تسعيرة القمح في سوريا كارثية على الأمن الغذائي والفلاح


"الإدارة": تركنا هامش ربح


بالمقابل، يرى عضو هيئة الزراعة في "الإدارة الذاتية"، يونس أحمد، أن التسعيرة الحالية وضعت هامش ربح للمزارعين "ليتمكنوا من متابعة أمورهم الزراعية وتقوية اقتصادهم".

وأضاف في تصريح لروزنة، أن تحديد سعر 430 دولار للطن الواحد من القمح، و350 دولار لطن الشعير في الموسم الحالي، جاءت بعد عدة مقترحات درستها "الإدارة"، التي شكّلت أيضاً قبل نحو شهر ونصف، لجنة طوارئ لمنع تكرار الحرائق.

وأشار "أحمد" إلى افتتاح مراكز شراء في جميع مناطق سيطرة "الإدارة الذاتية"، كالقامشلي وعامودا والمالكية ودير الزور والرقة والطبقة، إضافة إلى منبج وكوباني، بإجمالي يصل إلى 28 مركز.

وتعتبر مناطق شمالي شرقي البلاد، من الأهم في زراعة القمح والشعير والقطن، لكنها شهدت في السنوات الأخيرة تراجعاً كبيراً بالإنتاج، لأسباب عدة منها التكاليف المرتفعة للزراعة، وقلة الأمطار، والحرائق خاصة التي نشبت في سنة 2019.

اقرأ أيضا: بعد قرار صادم.. خسائر وخيبة لمزارعي الذرة الصفراء في الرقة

خابت الآمال!


واعتبر مزارعون في حديث مع روزنة، أن الأسعار لم تكن على قدر التوقعات، فالسعر المقدم من النظام لا يغطي تكلفة الإنتاج، والآخر الذي حددته "الإدارة" غير مناسب، مقدرين تكلفة إنتاج الكيلو الواحد بـ 50 سنت.

ويشرح المزارع أحمد الدخيل: "استبشرنا خيراً بموسم زراعي يحقق في نهايته تعويضاً للتكاليف التي دفعناها، وبالتالي نحقق أرباح تعيننا على تحمل الأزمة الاقتصادية التي تمر بها المنطقة، إلا أن الأسعار من الجهتين (النظام والإدارة) جاءت مخيبة لآمالنا كفلاحين".

كذلك، أبدى "أبو فيصل" وداوود العلي استياءهما من التسعيرة "كونها لا تغطي تكاليف الإنتاج حيث أن الطن الواحد من السماد كلف المزارعين نحو 700 دولار أمريكي، يضاف له تكاليف البذار والحصادات واليد العاملة، يضاف عليها بالنسبة للأراضي المروية، مصاريف مولدات الطاقة وحفر بئر ارتوازي".
 

الشعير خارج حسابات الإدارة.. واحتجاجات


وقالت مسؤولة في "شركة تطوير المجتمع الزراعي" بتصريح إعلامي لـ"فضائية روج افا" إن "الإدارة" لن تشتري ولا ترغب بشراء محصول الشعير لهذا العام، لكنها طرحت سعراً مرتفعاً لحماية المزارعين من استغلال بعض التجار. 

وأثار التصريح حفيظة بعض المزارعين، الذين يرون أنهم مجبرين على بيع محاصليهم للجهة المسيطرة على المنطقة، لصعوبة التسويق عند التجار، وعدم شراء "الإدارة" للمحصول سيدفعهم لبيعه بسعر زهيد "لجشع تجار وحاجة الفلاح لتصريف الإنتاج"، حسب ما رصدت روزنة.

اقرأ أيضا: ارتفاع أسعار البذور وقلة مياه الريّ.. صعوبات تؤثر على مزارعي القامشلي

وفي دير الزور، نشر عدد من المزارعين، قبل أيام، بياناً مصوراً على يوتيوب، احتجاجاً على تسعيرة "الإدارة الذاتية" لمحصولهم، معتبرين أن هذه التسعيرة لا تناسب تكلفة الإنتاج التي تكبدوها، خاصة أن أراضيهم مروية وأنهم لم يستلموا وقود الديزل إلا مرتين، وهو ما كلفهم مليون ليرة سورية للدونم الواحد. 

وطالب البيان "الادارة" إعادة النظر في التسعيرة وأن لا تساوي من يروي أرضه من خلال آبار خاصة بالذي يسقيها من النهر، أو بالذي يعتمد في سقاية أرضة على الأمطار، كما أكدوا في بيانهم على أهمية تأمين توحيد أجور الحصادات، وتأمين أكياس خيش بسعر معقول، بعيداً عن جشع التجار.


خسائر.. والحرائق حاضرة


في ظل بحث مزارعين عن تفادي الخسارة بالموسم الحالي، خسر البعض محاصيلهم نتيجة السيول التي ضربت المنطقة منذ أسابيع، إضافة لتكرار الحرائق الحاضرة في كل سنة.

وأفادت مصادر محلية لروزنة أن الإجراءات الاحترازية التي أعلنت عنها "الإدارة الذاتية" للحد من الحرائق في الموسم الحالي، لم تمنع نشوب حرائق في مناطق عدة، منها حريق في حقلي قمح بمنطقة هجين بمحافظة دير الزور، دون معرفة المزارع السبب الذي أدى خسارته لكامل محصوله.

كذلك، أدت شرارة من حصادة يدوية إلى حريق جزء كبير في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام بدير الزور، كما قال موظف في فوج إطفاء الحسكة أن حريقاً مماثل، أدى لخسارة عشرة دونمات مزروعة بالشعير جنوبي المدينة، نتيجة شرارة من جرار زراعي.

يذكر أن "الإدارة الذاتية" حددت العام الفائت سعر شراء القمح بـ 2200 ليرة، والشعير بـ 1500 ليرة، حيث كان يساوي الدولار الواحد حينها ما يقارب 3500 ليرة سورية، وأن تحديد سعر المحاصيل بالدولار الأمريكي هي سابقة لم تحدث من قبل. 

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق