لم يكن بوسع خالد إلا العودة إلى المنزل المتصدع الذي يقيم فيه بمدينة إدلب، بعد أسبوع من الهرب مع عائلته خارج المدينة، وعدم تمكنه من الحصول على خيمة، بعد الزلزال الأخير الذي ضرب المنطقة في 20 شباط الجاري.
اقرأ أيضاً: متلازمة الهرس.. كابوس يلاحق الناجين من تحت الأنقاض
مئات العائلات لم تجد بُداً من العودة إلى منازلها، على الرغم من أن بعضها لا يمكن السكن فيه، بسبب التصدعات الكبيرة الناجمة عن الزلزال والهزات الارتدادية اللاحقة، لأن ظروفهم المادية لا تسمح لهم.
وأصدر فريق "منسقو استجابة سوريا" إحصائية في 15 شباط لعدد المنازل المتضررة من الزلزال، حيث وثق الفريق تهدم 1223 منزلاً بشكل كامل، و3484 منزلاً معرضاً لخطر الانهيار في أية لحظة، إضافة إلى 13733 منزلاً غير صالح للسكن، بينما أحصى 9637 منزلاً آخر تعرضت للتشققات.
ولم يفرق الأهالي الذين تعرضت منازلهم لتشققات بين التصدعات الخطرة، وتلك التي لا تؤثر على سلامة البناء السكني، والبعض منهم عرضوا منازلهم على مهندسين وخبراء بناء، بينما ما زال الكثيرون يعيشون حالة الخوف بدون الحصول على استشارات هندسية.
وتتوزع المنازل المتضررة على غالبية مدن وبلدات شمالي غربي سوريا، إلا أنها تتركز بشكل أكبر في بعض المناطق التي شيدت أبنيتها من الطين والخفّان (اللبن)، إضافة إلى تعرضها للقصف في فترات سابقة.
قرى متضررة بأكملها
أثر الزلزال الرئيس والهزات الارتدادية اللاحقة على عدة مناطق، فبلدة جنديرس بريف عفرين شمالي حلب، أصبحت متضررة بشكل شبه كامل، إضافة إلى بعض المناطق الأخرى كبلدة كفرنوران بريف حلب الغربي.
الأبنية القديمة في قرية كفرنوران تأثرت بشكل واضح وكبير، وكما أخبرنا الناشط الإعلامي مثنى بركات من أهالي القرية أن أكثر من 300 منزل بات متضرراً فيها، وربما يزيد العدد عن هذا التقدير بكثير.
منزل متصدع في بلدة كفرنوران
ويتابع بركات في حديثه لـ"روزنة": "هناك منازل باتت التصدعات فيها كبيرة بشكل لا يوصف، فبإمكاني أن أدخل كفي داخل الشقوق، وقد انفصلت الجدران عن بعضها البعض، وجميع تلك المنازل هي لأبناء القرية ومازالوا يقيمون فيها، بسبب عدم توفر بدائل سكن لهم".
منزل متصدع في بلدة كفرنوران
ويؤكد أن بعض المتضررين "ممن تصدعت جدران منازلهم بشكل كبير، شيدوا خياماً في حواكير منازلهم، لأنها آيلة للسقوط في أية لحظة".
وأشار إلى أن السبب الرئيس في الأضرار بعد الزلزال هو تصدع المنازل في فترة سابقة قبل وقوعه بسبب تعرضها للقصف الجوي والصاروخي من قبل قوات النظام السوري وروسيا، وهي بلدة تقع على خط التماس مع تلك القوات.
وطالب بركات عبر "روزنة" المنظمات والجمعيات بالالتفات إلى القرية ومساعدة المتضررين الذين باتوا تحت خطر محتمل يهدد حياتهم، وحياة أسرهم، عير ترميم منازلهم وإزالة الأخطار المحدقة.
منزل متصدع في بلدة كفرنوران
بين الإهمال الكبير وانعدام الحلول والخوف الكبير، تبقى الهواجس التي تلاحق المتضررين من الزلزال شبحاً يقض مضاجعهم، ويحول حياتهم إلى رعب دائم، خوفاً من هزة قوية تتسبب بكارثة تحصد الأرواح.
الكلمات المفتاحية