متلازمة الهرس.. كابوس يلاحق الناجين من تحت الأنقاض 

الدفاع المدني يبحث عن ناجين في جنديرس - روزنة
الدفاع المدني يبحث عن ناجين في جنديرس - روزنة

صحة | 26 فبراير 2023 | نور الدين الإسماعيل

يقف عبد الرحمن أمام مستشفى الشفاء بمدينة إدلب بانتظار خبر عن تحسن ابنته الشابة الناجية والمصابة بالهرس، فهي تتلقى العلاج في العناية المشددة منذ انتشالها من تحت أنقاض المبنى السكني الذي انهار عليها في مدينة سلقين، في ظل نقص حاد في الإمكانات الطبية والأدوية.

قد يهمك: في رحلة البحث عن خيمة.. سوريون يهجرون الأبنية الطابقية



لم يكن انتشال الناجين من تحت الأنقاض نهاية لمأساة غالبيتهم، بل أصبح بعضهم أمام مأساة جديدة، ومن لم تقتله الأنقاض ربما يفقد حياته أو أعضاءه نتيجة الإصابة بمتلازمة "الهرس"، خصوصاً مع نقص المعدات والأدوية وقلة الإمكانات في مستشفيات شمالي غربي سوريا.


ما هي متلازمة الهرس؟


بعد وقوع الزلزال وانتشال الناجين من تحت الأنقاض بدأت تتردد على وسائل التواصل الاجتماعي تحذيرات كبيرة، تتحدث من خطورة ما يواجهه الناجون من مضاعفات متلازمة الهرس.

ولكن ما هي أسباب الإصابة؟
تحدث اختصاصي الأمراض الداخلية الدكتور وسيم زكريا لـ"روزنة" قائلاً بأن أسباب الإصابة تكون ناجمة عن "انضغاط أعضاء الجسم، كالأطراف والصدر بأشياء ثقيلة، مثل انحشارها تحت الركام كما في الزلازل".

وبحسب زكريا فإن متلازمة الهرس "تؤدي إلى انحلال العضلات، وتلف في نسيج العضلات بشدة، وتتسرب المواد السامة من داخل الخلايا العضلية إلى الدم، ومن هذه السموم أنزيم الميوغلوبين، والذي قد يؤدي إلى قصور الكلية الحاد، وهو توقف الكلى عن العمل، ومن المواد السامة الأخرى شاردة البوتاسيوم، وقد يتسبب وجود مستويات مرتفعة للغاية منها بحدوث توقف القلب، ما يشكل تهديداً للحياة".

وعن آلية العلاج قال بأن معظم الأشخاص المصابين في المستشفى يبدأ علاجهم عند طبيب الجراحة بالسبب، مثل معالجة الكسور والجروح إذا كان من الممكن علاجها. وسيُعالج أيضاً طبيب الداخلية المشكلات المتعلقة بالكلية والشوارد. وعادةً ما يتضمن العلاج السوائل الوريدية كي تساعد الجسم على التخلص من المواد السامة التي تسربت من الخلايا العضلية. 

ويردف بأن العلاج قد يشمل المعالجة عبر غسيل الكلى الدموي (الديال الدموي)، وهو إجراء يقوم فيه جهاز بوظيفة الكلى. يضخ الجهاز الدم خارج الجسم، ويرشحه، ثم يعيده إلى الجسم ويخضع المريض لغسيل الكلى الدموي 3 مرات على الأقل كل أسبوع.

وفي حالات أخرى، "قد يعاني بعض المصابين بمتلازمة الهرس من تراكم غير طبيعي للضغط في أحد مجموعات العضلات. ويعتبر هذا أحد حالات الطوارئ ويحتاج إلى العلاج بالجراحة، لقطع فتحة في العضلات وتخفيف الضغط، وتسمى هذه العملية خزع الصفاق"، يقول الدكتور زكريا.

وتصنف منظمة الصحة العالمية، أمراض الكلى ضمن السبب الرئيس العاشر للوفاة في العالم، وقد ارتفع معدل الوفيات الناجمة عن أمراض الكلى من 000 813 في عام 2000 إلى 1,3 مليون في عام 2019. 


الإصابات في الشمال السوري


أشارت مصادر طبية إلى أن عدد الإصابات (بأنواعها) في شمالي غربي سوريا تجاوز 10 آلاف إصابة، نتيجة الزلزال الذي وقع في السادس من شباط الجاري، منها إصابات حادة ومتوسطة وخفيفة، وبعضهم كان مهدداً إما بفقدان الحياة أو الأطراف.

اقرأ أيضاً: أضواء الزلازل ظاهرة فريدة حيرت العلماء



ونتيجة للعدد الكبير من الأبنية المتهدمة، ارتفعت أعداد الإصابة في العظام نتيجة سقوط الأسقف والجدران، والأثاث المنزلي الصلب فوق الناجين، ما جعلهم عرضة لإصابات عظمية متنوعةً أيضاً زادت حالة المصابين سوءاً.

يقول اختصاصي الجراحة العظمية الدكتور إبراهيم المحمود لـ"روزنة" إن غالبية الحالات التي أسعفت من المستشفيات كانت تعاني من أذية الهرس نتيجة بقاء الأطراف تحت الأنقاض، وقد احتاجت إلى خزع حجرات، وبعض الحالات الأخرى تطلبت بتر الأطراف.

ويؤكد المحمود على أن جميع الحالات المصابة تلقت العلاج في مستشفيات شمالي غربي سوريا، إلا أن العائق الكبير كان في نقص المستلزمات الطبية، "والتي من أهمها وسائل استجدال العظام، والأدوية والصادات الحيوية، ومواد غسيل الكلى".

حالات كثيرة مصابة بالهرس تنتظر التعافي، والاهتمام الطبي اللازم من قبل الأمم المتحدة التي لم تتوقف عن إرسال السلل الغذائية منذ اليوم الثالث لوقوع الزلزال. 

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق