بعد قرار صادم.. خسائر وخيبة لمزارعي الذرة الصفراء في الرقة

تجفيف الذرة في الرقة - روزنة
تجفيف الذرة في الرقة - روزنة

اقتصادي | 16 يناير 2023 | محمود أبو راس

أصدرت "الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا" قراراً مع بداية موسم الحصاد خلال العام الماضي، ينص على عدم شراء محاصيل الذرة الصفراء من المزارعين في مدينة الرقة، والسماح بتصديره خارج مناطق سيطرتها.


شكل القرار صدمة لدى نسبة واسعة من المزارعين المحليين الذين زرعوا مساحات كبيرة من محاصيل الذرة هذا العام العام، متكبدين خسائر مضاعفة لعدم قدرتهم على تصدير محاصيلهم، خاصة إذا كانت بكميات قليلة.

واعتبر عدد من مزارعي الرقة أن القرار الأخير وضعهم "تحت رحمة التجار"، فيما تعتبر "الهيئات الزراعية" في "الإدارة" أن القرار صدر نتيجة عدم قدرتهم على استيعاب كميات المحاصيل الضخمة.

خسائر مضاعفة

تتصدر محافظة الرقة المحافظات السورية بزراعة وإنتاج الذرة الصفراء، وخلال عام 2021 اشترت "الإدارة الذاتية" طن الذرة من المزارعين بمبلغ يزيد عن 300 دولار أمريكي، الأمر الذي دفع المزارعين العام الفائت لاستئجار أراض زراعية وزراعة مساحات كبيرة من محصول الذرة الصفراء، بغية تحقيق أرباح ومردود مادي أكبر.

القرار الذي صدر عن الإدارة قبل موسم الحصاد فاجأ باسل رشيد، أحد مزارعي الذرة الصفراء في مدينة الرقة، وأصبح مضطراً لتجفيف محصوله بطرق بدائية، وتكبد خسائر مضاعفة، وبيعه بثمن بخس جداً.

ويتحدث "رشيد" عن معاناته لـ "روزنة": "اشترينا البذور والمخصبات، وحتى عملية الحصاد كانت بالدولار الأمريكي، وعندما قررنا بيع المحصول وضعنا أمام خيار البيع بـ 700 ليرة سورية للكيلو الواحد، أنا قمت بحصاد محصولي وقمت بنشر الذرة كي تجف، لكن أمطرت السماء عليها، أجبرت على جمعها وإعادة نشرها مرةً أخرى".

ويتابع أن التكلفة تضاعفت إلى انتهاء عملية التجفيف، قبل أن يبيعها مؤخراً "بسعر قليل جداً، حتى أتخلص منها ولا تبق مدخرة عندي وتتعرض للتلف".

قرار صادم

يعتبر رشيد أن "الإدارة الذاتية" تجاهلت خسائر مزارعي الذرة الصفراء، وأن القرار الصادر عنها ليس صائباً ودون دراسة لمنطقة يعتمد 80% من سكانها على الزراعة، كما استفرب من إجبارها لهم على بيع محصولي القمح والقطن للمؤسسات التابعة لها، وعدم شراء لمحصول الذرة الصفراء.

ويضيف: "عند حصادنا لمحاصيل القطن والقمح نحن مجبرين على بيع هذه المحاصيل للإدارة الذاتية، لماذا محصول الذرة الصفراء قبل عشرين يوم من بدء الحصاد يصدر قرار بعدم الشراء والسماح بالتصدير، الواجب اليوم على الإدارة الذاتية الاهتمام بالزراعة ودعم الفلاح، وليس إصدار قرارات تحارب الفلاح".

كذلك، استنكر المزراع قرار السماح بتصدير محصول الذرة، قائلاً: "من الغريب سماح الإدارة بالتصدير وأنا أحد المزارعين حصدت 40 طن من الذرة الصفراء، أين سأقوم بتصديرها؟ إلى العراق أم تركيا أم مناطق النظام السوري، تكلفة النقل التي سأضعها للتصدير ستتجاوز ثمن المحصول، فكيف سيكون الحال للمزارع الذي حصد سبعة طن فقط".

ويختم "الرشيد" بوضع اللوم على مزراعي الرقة لزراعتهم مساحات كبيرة هذا العام  بالذرة، كما طالب "الإدارة الذاتية" تقديم تعويضات أو تسهيلات لمزارعي الذرة وعدم تركهم تحت ما وصفها "رحمة التجار" الذين يشترون بأسعار متدنية وبالليرة السورية غير المستقرة، وفي غالب الأحيان بالدين، الأمر الذي سيؤثر على الزراعة بشكل عام.

لا حلول هذا الموسم

بررت "الإدارة الذاتية" القرار الذي صدر عنها، بضخامة كميات الذرة الصفراء لهذا العام، وعدم وجود مستودعات في مدينة الرقة قادرة على تخزين الكميات الضخمة من المحاصيل، في الوقت الذي يشهد هذا النوع من المحاصيل تدني في سعره عالمياً.

وأوضح لروزنة أسباب القرار، أحمد العلي مدير شركة "تطوير المجتمع الزراعي" التابعة لـ"الإدارة الذاتية" في الرقة، حيث جهزت الأخيرة مجففات لتجفيف واستلام الذرة، لكن بعد حساب كميات المحاصيل خلال اجتماع مع "اتحاد الفلاحين وهيئة الزراعة"، كانت "تفوق الخيال" لا تتوفر مساحة لتخزينها، ما دفعهم لاتخاذ القرار تجنباً لتلفها.

ويتابع: "قدمنا تسهيلات لجميع المزارعين من أجل تجفيف محاصيلهم في المجففات التابع لنا، ونحن جاهزين لاستلام المحاصيل للتجفيف من أي فلاح، فالمجففات لدينا تعمل على تجفيف 1500 طن يومياً، قسم منها للتجار، والقسم الأخر للفلاحين، كما قمنا بفتح جميع المعابر أمام المزارعين لتصدير الذرة خارج مناطق الإدارة الذاتية".

وعن إمكانية وجود حلول لهذا الموسم وشراء المحاصيل من المزارعين، يقول "العلي": "لا يوجد لدينا حالياً خطة شرائية لشراء المحاصيل من المزارعين، فالعام الماضي قمنا بشراء أكثر من 75 ألف طن، بينما العام الحالي يوجد أكثر من 600 ألف طن، فالمشكلة تكمن بتوفير مكان للتخزين".

وختم المسؤول حديثه بالإشارة إلى وضع خطط زراعية للموسم القادم تعمل على تنبيه المزارع بالكميات والمساحات التي يزرعها من محصول الذرة الصفراء، بالإضافة إلى العمل على تأهيل مجففات ذرة أخرى في مدينة الرقة.

تعد زراعة محصول الذرة الصفراء من الزراعات التكثيفية، التي يقوم بزراعتها فلاحو محافظة الرقة إلى جانب الزراعات الصيفية (القطن)، وتأتي أهميتها في تأمين صناعة الزيوت النباتية (كونسروا)، وتوفير قسم كبير من أعلاف الدواجن، والمواشي.

 تبقى ملامح الاستياء على وجوه المزارعين، بعد ما واجههم من ارتفاع بتكاليف الزراعة عبر تأمين البذور والأسمدة ومياه الرّي، والنهاية بانخفاض سعر البيع ورفض "الإدارة الذاتية" شراء المحاصيل، ما تسبب بخسائر كبيرة لهم.

شارك في إعداد التقرير: عبد الله الخلف 
 
 

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق