رفع سعر الدولار رسمياً.. ما رأي الخبراء بتأثيره على السوريين؟

مصرف سورية المركزي - فيسبوك
مصرف سورية المركزي - فيسبوك

اقتصادي | 03 فبراير 2023 | إيمان حمراوي

حتى صباح أمس الخميس، كان سعر صرف الدولار الأميركي للحوالات 4522 ليرة سورية، ليرفع "مصرف سورية المركزي"بخطوة غير مسبوقة السعر إلى 6650 ليرة، مساوياً بذلك سعر الدولار في السوق السوداء للمرة الأولى منذ مدة طويلة.


حذر خبراء اقتصاديون من تداعيات القرار وانعكاساته السلبية على حياة السوريين، منتقدين خطوة "المصرف المركزي" باعتبارها غير محسوبة ونتائجها سلبية على المواطنين، فيما رأى آخرون أنه قرار إيجابي لأسباب عديدة.

فما هي انعكاسات رفع سعر صرف الدولار رسمياً على السوق المحلية والسوريين؟ ومن المستفيد من هذا القرار؟ وما سبب رفع السعر في هذا التوقيت؟

اقرأ أيضاً: مساوٍ للسوق السوداء.. "المركزي السوري" يرفع سعر الدولار  للحوالات



بداية تعويم العملة

قال الأكاديمي السوري والدكتور في الاقتصاد فراس شعبو، لروزنة، إن حكومة النظام السوري تحاول عبر القرار الجديد إعادة الأموال إلى المنافذ الرسمية بدلاً من غير الرسمية، لتستفيد منها بشكل أساسي.

ويرى "شعبو" أنّ القرار هو بداية لتعويم العملة، وسوريا متوجهة لذلك، نتيجة عدم قدرة النظام على تأمين الحد الأدنى من الاحتياجات الأساسية.

ما سبب إصدار القرار؟

"رفع سعر الدولار يسمى تحريراً جزئياً لسعر الصرف"، يقول الباحث الاقتصادي أدهم قضيماتي لروزنة، مضيفاً أن له عدة أهداف، أولها أن النظام يحاول أن تكون الحوالات المالية عن طريق مؤسساته بعيداً عن مكاتب الحوالات.

أما السبب الثاني فهو الضغط من المنظمات الدولية على حكومة النظام لتحرير سعر الصرف، بسبب الفجوة الكبيرة بين السعر الرسمي وسعر السوق السوداء، لأن أي مبلغ يدخل من قبل المنظمات إلى سوريا يصل عبر القنوات الرسمية.

المصرف: القرار إيجابي ويدعم المواطنين

بعد صدور القرار، أوضح مدير العمليات المصرفية في "المصرف المركزي"، فؤاد علي، أنّ إصدار نشرة خاصة بالحوالات والصرافة عبر رفع سعر صرف الدولار، له أثر إيجابي بغرض دعم القوة الشرائية للمواطنين، حسب تصريح لإذاعة "شام إف إم" المحلية.

وتشير تقديرات غير رسمية، أن قيمة الحوالات الخارجية الواردة يومياً إلى البلاد بين 7 و9 مليون دولار،  و60 - 65 بالمئة من الأسر السورية تتلقى إعانات من الخارج.

قد يهمك: تحويلات اللاجئين والمغتربين... الرمق الأخير لليرة السورية. 



تحرير للاقتصاد السوري

يعتقد فراس شعبو أن القرار إيجابي، لأنه يحرّر الاقتصاد السوري من بعض الأفراد المسيطرة عليه، ما يتيح المجال لفئات أخرى من الاستفادة منه.

بالمقابل، أشار "شعبو" إلى تأثير القرار على السوق المحلية، إذ وفور صدور القرار من "المصرف المركزي" ارتفعت الأسعار بشكل خيالي، مثل الخضروات التي ارتفع سعرها بنسبة 40 بالمئة، على حد قوله.

تدهور متوقع

يرجح أدهم قضيماتي أن سوريا ستشهد قريباً مزيداً من انهيار بقيمة الليرة وارتفاعاً للأسعار وبخاصة المنتجات المدعومة من الحكومة مثل الخبز، ما يؤدي إلى تردي الوضع المعيشي بشكل أكبر للسوريين.

وأشار الباحث السوري إلى أنّ حكومة النظام تعتمد على دول الجوار في إجراء المعاملات البنكية، وحين تنخفض قيمة العملة في تلك الدول مثل لبنان والعراق فإنّ ذلك سيؤثر على الاقتصاد السوري.

ويضيف أن العقوبات المفروضة على سوريا، فضلاً عن الحرب الأوكرانية - الروسية، التي ضغطت على روسيا بالنسبة للحوالات المالية، شكل عوامل سلبية تركت آثاراً مباشرة على الاقتصاد ا لمحلي.

وأصدرت وزارة "التجارة الداخلية وحماية المستهلك" منتصف الشهر الفائت، تعميماً يقضي بتسعير المواد الاستهلاكية في الأسواق، وفق فواتير تداولية تحرّر من المنتجين وتجار الجملة والمستوردين، بنسب الأرباح المحددة، ما يلغي العمل بنشرة الأسعار الصادرة عن الوزارة.

من لا يستلم الحوالات سيتأثر

الخبير الاقتصادي شادي أحمد، المقيم في دمشق، علّق على صفحته في فيسبوك على القرار بقوله إنّ "المركزي" سيشتري الدولار عن طريق شركات الصرافة والحوالات والمصارف "حوالات أو صرافة مباشرة" بالسعر المتداول الرائج، لكن لن يبيع.

القرار سيوفّر لدى المصرف المركزي "غلة مقبولة" من القطع الأجنبي لتمويل الواردات، وفق "أحمد"، لكن ستباع الواردات حسب السعر الجديد للدولار، ما سينعكس على كل الأسعار والوضع المعيشي.

كذلك، يشير إلى أن من صرف الدولار بسعر مرتفع واشترى بضاعة بالسعر المرتفع لن يؤثر عليه، لكن سيتأثر السوريون الذين لا تحويلات خارجية لديهم.

ونتيجة للقرار سيصبح هناك مزيداً من ضخ العملة الوطنية دون القيام بعملية "تعقيم السوق" وإعادة شراء الليرة وبالتالي زيادة مستمرة بالتضخم، وحين تخفق السياسة النقدية سيتم اللجوء للسياسة المالية "ضرائب و رسوم جديدة".

هل يملك "المركزي" الإمكانيات؟

يتساءل الخبير شادي أحمد: "كيف سيقوم المركزي بتأمين و دفع المبالغ المطلوبة للشراء،لا سيما بعد الارتفاع الكبير في سعر الصرف؟ وهل سيطبع 60 مليار ليرة كل يومين أو ثلاثة مقابل مبلغ 10 مليون دولار؟".

وأشار "أحمد" إلى أن السوق السوداء توفر بعض التوازن "لأن الصرّاف يشتري من الشخص الدولار ويبيعه دولار، وبالتالي هناك علاقة تبادلية بين الليرة والدولار".

ويُؤمن الصرّاف العملية المحلية من بيع الدولار إما عن طريق شركات الصرافة أو "المركزي" بالإصدار النقدي، ما يؤدي إلى انخفاض مستمر للقوة الشرائية لليرة السورية.

وعن إمكانية توفر الحلول، يرى الخبير الاقتصادي أن على الحكومة عدم شراء الدولار من السوق المحلي بل دعم الإنتاج وزيادة الصادرات مع الحصول على الدولار من السوق الخارجي.

شهدت الأيام الماضية عودة للتدهور بشكل نسبي في قيمة الليرة السورية، مع ترقب محلي لآثار ومآلات القرار الأخير على قدرتهم الشرائية، في ظل معاناة وظروف اقتصادية ومعيشية صعبة، تقول الأمم المتحدة أنها جعلت نحو 90 بالمئة من السوريين تحت خط الفقر.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق