سوريون في الشمال السوري متخوفون من انفتاح تركي على الأسد

سوريون في الشمال السوري متخوفون من انفتاح تركي على الأسد - روزنة
"وين بدنا نروح، ما ضل مكان يستقبلنا، ولعنده ما منرجع"، بهذه الكلمات عبر علي المحمد رفضه أي محاولة للعودة إلى مناطق حكم النظام السوري، بعد الإعلان عن التقارب التركي السوري الأخير.
مع إعلان الدول الثلاث روسيا وتركيا والنظام السوري، عقد اجتماع على مستوى وزراء الدفاع في موسكو لبحث الملف السوري، تطفو على السطح مخاوف السوريين من نتائج هذا التقارب، والذي يعتقدون أنه سيكون على حسابهم.
اقرأ أيضاً: أميركا تطمئن "قسد" وتركيا تطالب الحلفاء بدعم مكافحة الإرهاب

العلاقات السورية التركية
مرت العلاقات بين البلدين الجارين سوريا وتركيا بعدة تقلبات ومراحل مختلفة عبر سنوات.
فبعد التوتر الشديد بين البلدين والذي كاد أن ينتهي بحرب، في عام 1998، إبان وجود رئيس الوزراء التركي مسعود يلماز في الحكم، حين هدد باجتياح سوريا، على خلفية اتهامات بدعم حافظ الأسد لحزب العمال الكردستاني وزعيمه عبد الله أوجلان.
وبعد انتهاء الأزمة باعتقال عبد الله أوجلان وبتوقيع اتفاق أضنة، شهدت العلاقات تطوراً إيجابياً ملحوظاً، خصوصاً خلال فترة وصول رجب طيب أردوغان إلى السلطة في تركيا، وبشار الأسد بعد وفاة والده.
واستمرت العلاقات بشكل جيد بين الجانبين حتى اندلاع الثورة السورية، حين أعلن أردوغان دعمه للمتظاهرين، مطالباً بشار الأسد بالتوقف عن قتلهم. عندها بدأت العلاقات تتوتر مجدداً ما تسبب بقطيعة بين الجانبين اللذين لم يوفرا فرصة لتبادل الاتهامات والتهديدات.
وقبل عدة أشهر، مع اقتراب موعد الانتخابات التركية بدأ الحديث من قبل صحفيين ومحللين أتراك عن ضرورة إجراء مفاوضات مع النظام السوري، لإعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، إضافة إلى ما وصفته تركيا "تهديدات من قوات سوريا الديمقراطية على الأمن التركي".
وتكررت تلك التصريحات على ألسنة عدة مسؤولين أتراك، وفي مناسبات مختلفة، كما كشف وزير الخارجية التركي عن لقاء سابق جمعه بوزير الخارجية السوري فيصل المقداد في بلغراد، على هامش الاجتماع رفيع المستوى لدول عدم الانحياز، بمناسبة الذكرى الستين لتأسيسها، في تشرين الأول من العام الماضي. إضافة إلى عدة لقاءات أمنية تحدثت عنها تقارير صحفية، وإعلان أردوغان عدم ممانعته بلقاء الأسد، حتى جاء الإعلان عن عقد الاجتماع الثلاثي الأخير، وبشكل مفاجئ للجميع.
يأتي الاجتماع بعد عجز تركيا عن إقناع الجانب الأمريكي بإجراء عملية عسكرية شمالي شرقي سوريا، حيث بدأ الأتراك في البحث عن أبواب أخرى يمكنهم عبرها تحقيق أهداف تلك العملية العسكرية.
مخاوف على الحياة
في الشمال الغربي من سوريا يعيش أكثر من 4 ملايين سوري، غالبيتهم من المهجرين والنازحين داخلياً، من محافظات ومدن سورية مختلفة، جمعهم رفضهم البقاء تحت سيطرة النظام السوري.
يتخوف السوريون في تلك المنطقة من توقيع تركيا اتفاق مع النظام السوري يسلم بموجبه الجانب التركي مناطقهم للنظام السوري، إضافة إلى تخوف اللاجئين السوريين في تركيا من ترحيلهم بشكل قسري نتيجة اتفاق ما.
علي المحمد مهجر من ريف إدلب الجنوبي، يعتبر أن العودة إلى سيطرة النظام السوري هو بمثابة "قرار إعدام جماعي بحق السوريين الرافضين له، والذين شاركوا في الثورة، ورفضوا البقاء في مناطق يسيطر عليها"، وهذا ما لا يمكن التفكير فيه بأي حال من الأحوال، كما يقول.
وكان وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، حسب ما نقلت وكالة الأناضول قبل يومين، قد أكد في تصريحاته بعد انتهاء الاجتماع الثلاثي في موسكو و قبل عودته إلى تركيا "على ضرورة حل الأزمة السورية بما يشمل جميع الأطراف، وفق القرار الأممي رقم 2254".
وعلى الرغم من تصريح وزير الدفاع التركي الأخير، مازالت تلك المخاوف التي يفكر بها بعض السوريين، فيؤكد المحمد أنه في حال فُرضت عليهم المصالحة بالإكراه، فإنه سيحاول الهروب خارج سوريا حتى لو دفع حياته ثمناً لذلك، "فالموت على الحدود بحثاً عن الحياة أهون بألف مرة من الموت داخل معتقلات النظام".
بينما يتوقع أبو خالد، وهو مهجر من ريف حمص الشمالي يعيش في مدينة إدلب، أن الاتفاقات التركية الروسية السورية ربما لن تصل إلى حد فرض المصالحات في العلن، لكنها ربما ستكون عبر آليات ضغط، بشكل أو بآخر.
يتخوف أبو خالد من تقوم تركيا بإغلاق الحدود على السوريين في مناطق شمالي غربي سوريا، لإجبارهم على العودة إلى سيطرة النظام السوري، الأمر الذي سينتج عنه كارثة إنسانية بحق من يعيشون في تلك المنطقة.
قد يهمّك: قوات النظام السوري تواصل إرسال تعزيزاتها إلى منبج

لكنه يظن أن النتيجة ستكون واحدة في حال توصلت تركيا والنظام السوري إلى اتفاق معين، فيقول: "في حال تم فرض حصار علينا سنموت، وإذا وافقنا على العودة إلى سيطرة النظام لن يتركنا على قيد الحياة، فأنا والد شهيدين، ولا يمكنني القبول بهذا النظام بأي شكل من الأشكال".
اتفاق مبهم
لم يتم تحديد ماهية المباحثات التركية مع النظام السوري، ويغلب عليها التوقعات والتكهنات، حتى أن فصائل "الجيش الوطني" المدعوم تركياً، لم تتلق أي تعليمات حتى الآن من الجانب التركي.
وفي نقاش على إحدى مجموعات واتس أب الخاصة بالسوريين، نفى القيادي في لواء المعتصم التابع للجيش الوطني مصطفى سيجري تلقي الجيش الوطني أية تعليمات من الجانب التركي.
وأكد القيادي أنه في حال فرضت تركيا عليهم المصالحة مع النظام السوري، فإنه سيكون أول الرافضين لهذا الأمر، مستبعداً حدوث ذلك.
وندد عدد كبير من السوريين عبر وسائل التواصل الاجتماعي بصمت قيادات المعارضة السورية عن التصريحات التركية الأخيرة، حول التقارب مع النظام السوري ونتائج ذلك التقارب على سكان المنطقة، إضافة إلى تأثيره السلبي على السوريين المتواجدين في تركيا.
محمد العكل، مهجر من مدينة كفرنبل ويعيش في مخيم باريشا على الحدود التركية، اعتبر أن كل ما يجري لا يتعدى كونه "زوبعة في فنجان، وما هي إلا حركات سياسية لضمان الفوز في الانتخابات التركية القادمة، ولن يكون هناك أي نتائج على الأرض".
ورجح العكل أن أردوغان يحاول سحب البساط من تحت المعارضة التركية "التي تتاجر بالسوريين، وتتهمهم بأنهم سبب الأزمات في تركيا"، ما دفعه لمسابقة الزمن في الجلوس على طاولة المفاوضات مع النظام السوري "غير القادر على تلبية مطالب أردوغان، والتي تتمحور حول القضاء على قوات سوريا الديمقراطية".
نتائج قد تمس اللاجئين
بعد الاجتماع تحدث الجانب التركي عما وصفه "ترحيب النظام السوري بعودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم". ما خلق حالة من التخوف لدى اللاجئين السوريين في تركيا، من إمكانية إعادتهم إلى سوريا رغماً عنهم، وإدراجها تحت بند العودة الطوعية.
يقيم في تركيا أكثر من 3 ملايين لاجئ سوري بحسب إحصائيات الأمم المتحدة، تحت بند الحماية المؤقتة، إلا أن لهجة الخطاب العنصري الذي يواجهه السوريون خلال السنوات الأخيرة، دفع الكثيرين منهم لمغادرتها متوجهين إلى أوروبا بطرق غير شرعية.
وشهد يوم أمس الجمعة مظاهرات احتجاج في مختلف مناطق شمالي غربي سوريا، رفض خلالها المتظاهرون أية محاولة لإعادة تعويم النظام، أو أية تسويات معه تفرض على السوريين الخارجين عن سيطرته العودة إلى تلك السيطرة مجدداً.
الكلمات المفتاحية