شفاه كهيفاء وهبي، وكراسي خدود تشبه نانسي عجرم، وغمازة كنادين نجيم وصولاً إلى شكل حواجب موحد لدى الفتيات، ويمكن أن تصيبك الحيرة وأنت تشاهد بعض الصور في تمييز فتاة من أخرى، وقائمة التعديلات حسب الموضة الجمالية تكاد تكون طويلة.
وقد يبدو من المستغرب أن يكون هناك سوق رائجة للعمليات التجميلية، في ظل التقارير الاقتصادية التي تؤكد أن 90 في المئة من السوريين يعيشون تحت خط الفقر.
وما بين الحاجة وفكرة الحصول على جمال المثالي، يبدو أن نسبة لا بأس بها تتعامل مع فكرة عمليات التجميل كجزء من مفردات الحياة اللازمة نساء كانوا أو رجال.
عمليات التجميل.. ضرورة أم زيف وخداع؟
قصص كثيرة ترويها الفتيات اللاتي خضعن لعمليات تجميل في مختلف مناطق الوجه والجسم، وعلى الرغم أن هذه العمليات بدأت أولا لعلاج الحالات المرضية وتصحيح المشكلات الصحية إلا أنها ومع مرور الزمن تحولت لتكون موضة وتقليد أكثر من كونها حاجة، ورغبة واضحة بالتشبه بالجميلات من الفنانات والفنانين.
اقرأ أيضاً: الرز بالكاسة والسمنة بالملعقة.. أسلوب شرائي جديد في سوريا
تقول مايا: "كنت أخجل من شكل أنفي، متجنبةً التقاط الصور الشخصية بسبب، لكن بعد أن أجريت عملية له وأصبح أصغر حجماً، ازدادت ثقتي بنفسي، ولم أعد أخشَ التقاط الصور".
"مايا" الطالبة الجامعية وصفت الخروج من دوامة المعاناة قبل إجراء عملية تجميل الأنف، بالمعجزة.

ومثلها رندة، التي تعمل كصحفية، قالت إن ظهورها الإعلامي كان مقلاً جداً بسبب أنفها الكبير، وانحراف الوتيرة الذي عانت منه منذ ولادتها، لكنها اليوم مختلفةٌ تماماً تقول: عملية تصغير الأنف قلبت حياتي رأساً على عقب، أنا الآن أجمل ووجهي يبدو أصغر من السابق.
يقول آدم: لا مانع من بعض الرتوش التي تضفي جمال وشباباً إلي، ويضيف: أجريت عملية تجميل لأنفي وبعض حقن البوتوكس وهذا يبدو مريحاً جداً بالنسبة لي.
بينما يقول مالك: هذا نوع من الزيف والخداع، لا أستطيع أن أقبل عمليات التجميل على النساء فكيف يكون ذلك على الرجال؟ ويضيف مالك: أصبح الوضع سيئاً للغاية.
لكن المحاذير من التوجه إلى عمليات التجميل يبقى حاضراً بنسبة عالية.
اقرأ أيضاً: علاج الأسنان في إدلب.. لماذا يلجأ المرضى لغير المختصين؟
ويحضر هنا السؤال: هل يمكننا اعتبار عمليات التجميل متوفرة لمن رغب إليها سبيلاً؟ أم أن ارتفاع تكاليفها المادية أدّت لإحجام الكثيرات عنها على الرغم من حاجتهن لها، ورغبتهن بالتغيير والظهور بمظهر جذاب وساحر.
سوء الأوضاع لا تمنع التجميل
لجوء السيدات إلى التجميل كان متوفراً قبل 2011، ويمكن القول إن التباهي في الصالونات الصباحية والتجمعات النسائية كانت فيها السيدات تتباهي باسم الطبيب الذي نفذ لها الجراحة.
وبدأت هذه الظاهرة بالتسلل فيما بعد إلى الطبقة المتوسطة نتيجة الضغط المجتمعي والإعلامي، الذي تعيشه النساء وسط الإصرار على تقديم نموذج المرأة الجميلة عبر الشاشات.
يقول جراح التجميل الدكتور بشار حمندي، إن عمليات التجميل لم تتأثر كثيراً بالأوضاع المعيشية الصعبة التي يعانيها السوريون، فزبائن هذه العمليات هم من الأساس محصورون في طبقة اقتصادية معينة، لكنها أصبحت اليوم شائعة وبمتناول الجميع.
ويشير الطبيب حمندي إلى أن هذه العمليات لم تعد تقتصر على الفتيات، بل أصبحت موضةً لدى عدد لا بأس به من الشبان على الرغم من قلتهم مقارنة بالفتيات.
نور الطالبة في كلية الآداب تعتقد أن الجمال أهم من كل شيء، تقول: لا مانع لدي من التقشف في أمور حياتي مقابل أن أجري عملية تجميل لأنفي، بالنسبة لي هو أهم من أن أجدد ملابسي كل شهر.

أما لمى الموظفة فتقول: أجريت عملية تكبير ثدي منذ مايقارب سنة، وشعرت أنني أفضل من حينها.
قالت لمى: اعتمدت على قرض من مرتبي الوظيفي وما زلت إلى الآن أسدده، وأنا على استعداد لأخذ قرض آخر ودفعه أكثر من سنة إذا ما احتجت لعملية أخرى تجعل مظهري أجمل وأكثر أنوثة.
وتصل كلفة عملية شد الثدي إلى أكثر من 3 مليون ليرة سورية أي بما يعادل ألف دولار.
هل تكفي المطمورة؟
تعتمد التسعيرة على اسم الطبيب ومدى شهرته وموقع عيادته، فيما إذا كانت في حي راقي أو في حي شعبي، وتختلف أيضاً بحسب المواد المستخدمة في العملية، فلكل منطقة زبون مختلف ومستوى مختلف من الجراحة.
اقرأ أيضاً:بشرة صحية ونضرة بخطوات ونصائح بسيطة
وكمثال، تختلف تكلفة البوتوكس حيث تتراوح بين 250 الف إلى 400 ألف ليرة سورية، وقد تصل إلى 500 ألف ليرة أيضاً,
بحسب طبيب آخر فإن إبرة الفيلر الواحدة تكلف 250 الف ليرة سورية نوع كوري، في حين تصل تكلفة الإبرة من النوع الفرنسي والإيطالي إلى ٤٥٠ ألف ليرة سورية، و700 ألف ليرة للنوع السويسري، وهذه الأسعار ليست ثابتة بل قابلة للزيادة بحسب اختلاف سعر صرف الليرة مقابل الدولار.
أما ابتسامة هوليود والتي تتفاوت أسعارها جداً لكنها تبقى الأقل سعراً بالمقارنة مع باقي الدول حسب فرق العملة السورية عن باقي العملات الأجنبية.
تقول يارا مغتربة في النرويج إن علاج الضرس الواحدة يكلف ألف دولار فما بالك بتركيب الفينير، لذلك أتيت إلى سوريا حيث كانت تكلفة السن الوحدة من الفينير 500 ألف ليرة سورية.

وتتابع أنه في النريوج تصل نكلفة إبرة البوتكس للجبين فقط إلى 450 دولاراً، فيما تصل في سوريا إلى 250 ليرة سورية ما يعادل 65 دولار تقريباً.
ماذا يقول علم النفس عن زيارة طبيب التجميل؟
لا يخفي الأطباء النفسيون أنا إدمان التجميل اضطراب سلوكي بحاجة إلى زيارة طبيب نفسي وتقويم سلوكي قبل زيارة عيادة التجميل.
"أصبح التجميل إدمان للأسف" هكذا يصفه الدكتور النفسي بشارة بشارة الذي يقول أن العشرات يأتينّ إليه لعلاجهم من إدمان التجميل، وغيرهن يأتين للعلاج من الوجه المظلم للتجميل، أي ما عانين من انتكاسات بعد التجميل.
ويضيف: كيف لهذا القبح أن يكون تجميل، لقد اختصرت القيمة الباطنية بالمظهر الخارجي، تنحيف تطويل نفخ شد فيلر بوتكس نحت والقائمة تطول.
خروقات قانونية
الكثير من هذه المراكز افتتحت دون ترخيص رسمي من وزارة الصحة السورية، فهي عيادات مخالفة قانونياً.
كما أن أغلب العاملين في مراكز التجميل هم أشخاص متمرنون وليسوا أطباء أخصائيين أو ذوي خبرات، وأصبح الإقبال عليهم كبيراً لانخفاض تسعيرة المعالجة مقارنة بغيرهم من المراكز الطبية المحترفة، مما جعل أعداد ضحاياهم كبيرة.

تتحدث لنا ريما بحرقة عن التجميل التي قامت به من فيلر للوجه والشفايف وتكبير للثدي، مما أدى إلى إصابتها بسرطان الثدي وتحول الفيلر بالوجه إلى كتل تحت الجلد، مما دفعها إلى إجراء عمل جراحي للوجه أيضاً لإزالة الفيلر مع الكتل المتشكلة منه.
اقرأ أيضاً: الأخطاء الطبية في سوريا... حالات تتكرر في غياب القانون
وجه ريما تشوه وانتهت حياتها حسب تعبيرها بعد التجميل، الذي أجريته في وجهي أصبحت أكثر بشاعة واضطررت لترك وظيفتها في قسم الاستقبال لأن عملية التجميل كانت بمثابة نكبة لها.
سمر هي أيضاً أجرت عملية نفخ للشفاه حديثاً قالت أنها تعيش ألم غريب كلما قبلها زوجها.
وبالمختصر يمكننا القول أن التجميل أصبح السهل الممتنع، المتوفر بكثرة في الأسواق، والممتنع بسبب تكلفته العالية سواء للسوري أو لغيره.
الكلمات المفتاحية