تواجه اللاجئة السورية أم فادي، 41 عاماً، الإغلاق العام في لبنان لمدة 10 أيام، بشراء الخبز فقط، في الوقت الذي يهرع فيه الناس في عموم البلاد لشراء المواد الغذائية والمستلزمات المنزلية من المحال التجارية.
أم فادي المقيمة في أحد مستودعات طرابلس المعتمة، سيدة مطلقة، وهي المعيلة الوحيدة لثلاثة أولاد أكبرهم 14 عاماً، تعمل في المونة المنزلية، إضافة إلى تقطيع الخضروات وتنظيفها لتصبح جاهزة للطبخ، ومن ثم تقوم ببيعها.
تقول لـ"روزنة": " لم أشترِ شيئاً سوى ربطتي خبز، وعندي بعضاً من البرغل والأرز والمعكرونة، الله ما بيقطع بالحظر"، وتضيف: "المهم عندي أدفع الآجار 310 آلاف ليرة لبنانية، الأكل مو مهم، لو خبز وبصل ما عندنا مشكلة".
الكثير من السوريين أثّرت عليهم جائحة كورونا منذ بدء تفشيها في لبنان شهر شباط العام الماضي، وتوضح أم فادي أنّه "من 5 شهور كان عندي دخل يومي، كنت اشتغلت طبّاخة بمطعم، حالياً انخفض شغلي لأقل من النص، أحياناً بشتغل يومين بالأسبوع، وأحياناً بيمرق أسبوع كامل ما بشتغل شي… كل شي صار غالي والناس صارت تطبخ ببيتها"، وتابعت: "كورونا تحالف مع الدولار، كل ما ساء الوضع الصحي المعيشة صارت أغلى".
حالة هلع على شراء المواد الغذائية في متاجر #لبنان مع التوجه للإغلاق العام بسبب #كورونا -اللبنانيون تهافتوا على الشراء...
Posted by CNBC Arabia on Monday, January 11, 2021
قرارات طارئة
وأعلن المجلس الأعلى للدفاع في لبنان، أمس الإثنين، إثر اجتماع استثنائي عقده برئاسة ميشال عون في القصر الرئاسي، حالة طوارئ صحية لأول مرة لمواجهة تفشي فيروس كورونا المستجد، ابتداء من الساعة الخامسة من صباح الخميس المقبل في الـ 14 من الشهر الحالي ولمدة 10 أيام، تنتهي صباح الـ 25 من الشهر ذاته، مع استثناءات تطال العاملين في القطاع الصحي ومرافق ومنشآت حيوية والعسكريين والصحفيين.
وازدادت حالات العدوى خلال الأسبوع الأخير بنسبة 70 في المئة عما كانت عليه في الأسبوع السابق، وفق وكالة "فرانس برس" الفرنسية، ما جعل لبنان واحداً من البلدان التي تشهد حالياً واحدة من أكبر الزيادات في العالم من حيث العدوى.
ويشهد لبنان تصاعداً في منحنى إصابات فيروس كورونا، حيث سجل حتى مساء أمس الإثنين، 222 ألف و391 إصابة، بينها 1629 حالة وفاة.
وشملت القرارات فرض حظر تجول ومنع الخروج والدخول إلى الشوارع والطرقات، وتعليق العمل في المحال التجارية على اختلافها، ومكاتب المهن الحرة والأسواق الشعبية، وإقفال جميع الإدارات العامة والمصالح المستقلة والجامعات والمدارس الرسمية والخاصة والحضانات على اختلافها والحدائق العامة والملاعب الرياضية.
اقرأ أيضاً: اللاجئون السوريون في لبنان… الكورونا وحلم العودة

"على قد بساطك مد رجليك" هكذا تعيش أم فادي كما تقول لـ"روزنة"، لكن وضع أبو جواد، 30 عاماً، ليس بأفضل حال، وهو المقيم مع زوجته وولديه في مدينة صور جنوبي لبنان.
أبو جواد خسر عمله في البناء منذ 3 شهور، بسبب كسر في يده، ما أجبره على الجلوس في المنزل، يقول لـ"روزنة": "يعمل أخي في البناء أيضاً بيومية لا تتجاوز 50 ألفاً، ما يعادل 5 دولارات، ويقسمها بالنصف بين عائلته وعائلتي… واليوم الذي لا يعمل فيه لا نأكل، فماذا سنفعل في أيام الحظر القادمة".
ويردف: "خلال أيام الحظر كثيرون سيضطرون للاستدانة من أجل تأمين لقمة العيش، منهم عائلتي وعائلة أخي، ما يعني (كسر شهر لقدام)".
وسجل سعر صرف الدولار اليوم الثلاثاء، في السوق السوداء نحو 8900 ليرة للدولار الواحد، وهو السعر الأعلى الذي يسجله منذ فترة طويلة، وبحسب صحيفة "النهار" اللبنانية.
الوضع الاقتصادي المتردي ألقى ظلاله على الجميع في لبنان، لكنه كان أشد مرارة على اللاجئين السوريين، وأعلنت الأمم المتحدة في الـ 18 من شهر كانون الأول الفائت، أن 9 من أصل 10 عائلات سورية لاجئة في لبنان، تعيش في فقر مدقع جراء الانهيار الاقتصادي في البلاد.
قد يهمك: "الدولار دبحنا".. سوري بلبنان يروي أسباب انتحار شقيقه حرقاً

وقالت دراسة مشتركة بين المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وبرنامج الأغذية العالمي، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف" الشهر الفائت: "إن الانكماش الاقتصادي والتضخم الحاد وتفشي وباء كورونا، وأخيراً انفجار مرفأ بيروت، دفعت المجتمعات الضعيفة في لبنان، بما في ذلك اللاجئون السوريون إلى حافة الهاوية".
وأوضحت الدراسة أن نسبة العائلات السورية التي باتت تعيش تحت خط الفقر المدقع، بلغت 89 في المئة عام 2020 مقارنة بـ 55 في المئة العام الماضي، ونصفها يعاني من انعدام الأمن الغذائي.
ويبلغ عدد اللاجئين السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين في لبنان 879529 لاجئاً، وذلك حتى نهاية تشرين ثاني/ نوفمبر 2020، فيما تقول السلطات اللبنانية إن عددهم تجاوز المليون ونصف المليون لاجئ. أصيب منهم 1369 بفيروس "كورونا"، وتوفي 31 وفق "منظمة الصحة العالمية".