"كان طفلي عبد الرزاق يذهب إلى المدرسة بمدينة كفرنبل جنوب إدلب، ولاحظت تحسنه بشكل كبير. بعد نزوحنا إلى مناطق الشمال السوري لم أجد مدرسة مختصة، وطفلي بقي في البيت بدون تعليم وتأهيل منذ سنتين حتى الآن ما سبب تراجع قدراته بشكل واضح" هكذا تصف والدة الطفل عبد الرزاق المصاب بمتلازمة داون حالة ابنها لـ"روزنة".
أُغلقت الكثير من المراكز الطبية والخدمية التي كانت تعمل في المناطق التي سيطر عليها النظام السوري بريف إدلب الجنوبي والشرقي خلال الحملة العسكرية الأخيرة السنة الماضية، وبقي المحتاجون لهذه الخدمات بدون رعاية. بعد شهور النزوح الطويلة بدأت بعض الجهات بافتتاح مراكز لخدمة النازحين بأماكنهم الجديدة ومنها افتتاح مركز الأمل بمدينة الدانا شمالي إدلب لعلاج التوحد ومتلازمة داون بالإضافة لجلسات نطق ومعالجة فيزيائية لعدد من الأطفال المصابين بهذه الأمراض.
يقدم المركز خدماته لقرابة المئة طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة كمتلازمة داون وطيف التوحد ومشاكل النطق الناتجة عن الضمور الدماغي ونقص الأكسجة الذي يودي الى نقص السمع وبالتالي صعوبة النطق بحسب مديرة المركز التي تضيف أيضاً: "نقدم المعالجة الفزيائية للأطفال المحتاجين لها، ولدينا في المركز أربع أقسام، منها للنطق ومتلازمة داون وهؤلاء دوامهم يومي، أما بالنسبة لطيف التوحد والمعالجة الفيزيائية فهي عبارة عن عدة جلسات يقدمها الأخصائي للأطفال خلال الأسبوع".

"كثير من الأطفال المصابين بمتلازمة داون ومرض التوحد ونقص الأكسجة الخلقي يكون لديهم ضعف حركة في الأطراف العلوية والسفلية لذلك هم بحاجة لجلسات علاج فيزيائي خاصة ومركزة" يقول المعالج الفيزيائي عدي البكري لـ"روزنة" الذي يضيف أيضاً: "نستقبل الأطفال من عمر السنتين حتى الرابعة عشر، ونخضع كل طفل لجلسات خاصة به. لكننا نواجه صعوبات عندما نتعرض لحالة صعبة العلاج لعدم وجود أجهزة المعالجة الكافية، فنقوم بتحول الطفل الى مراكز علاج فيزيائي مختصة".
اقرأ أيضاً: أطفال متلازمة داون.. كيف نحميهم؟

يخضع كل طفل لتقييم من قبل إدارة المركز من أجل القبول، بعدها يبدأ العلاج والتأهيل. تقول أماني بولاد مدربة النطق لـ"روزنة": "نستقبل الأطفال الذين لديهم صعوبة نطق من عمر أربع سنوات حتى الأربعة عشر سنة ونقدم لهم في الشهر الأول أنشطة كالنفخ لتقوية أعضاء النطق بعدها لدينا منهج خاص لمخارج الحروف"، وتضيف "نعمل على كل حالة بشكل فردي ضمن استراتيجية خاصة لتحصيل أفضل النتائج".
يلاحظ والد الطفل نذير الذي يعاني من صعوبة نطق بتحسن واضح لدى ابنه الذي بدأ بالاندماج والتفاعل مع محيطه لكنه يعاني من مشكلة يصفها قائلاً لـ"روزنة": "يوجد مسافات كبيرة نسبياً بين بلدات ومدن محافظة إدلب، حيث أُعاني من إيصال طفلي الى المركز المتواجد في مدينة الدانا، خاصة مع غلاء أسعار المحروقات وبالتالي غلاء المواصلات". ويضيف "أتمنى وجود جهة تتكفل بنقل الأطفال من والى المركز لمساعدة ذويهم وتشجيعهم على متابعة العلاج".

لدى أطفال التوحد سلوكيات عدوانية وفي بعض الحالات غير لائقة في المجتمع ولديهم عزلة تامة في معظم الحالات ولا يكون لديهم قدرة على التمييز ويصعب عليهم طلب احتياجاتهم واحياناً لديهم إعاقة ذهنية وصعوبة نطق وفهم اللغة الاستقبالية بحسب محمد الخالد مدرب اطفال التوحد الذي يقول: "نقوم بتدريب الأطفال لتعديل سلوكهم وتنمية قدراتهم العقلية والإدراكية والجسدية عن التمارين الدقيقة والبسيطة كـ ضم الخرز وتمييز الألوان وتطابق صور الفاكهة مع مجسماتها. أيضا يوجد تمارين لأعضاء النطق كـ اللسان والشفاه لتساعده على النطق".
يستقبل مركز الأمل أطفال التوحد وطيف التوحد بناءً على استشارة طبيب الأعصاب بحسب الخالد. والمركز تطوعي ومجهز بلوجستيات كاملة وأخصائيين.
يعاني الأطفال المصابون بمرض التوحد ومتلازمة داون في محافظة إدلب شمال غرب سوريا من قلة مراكز الرعاية المتخصصة ومن شح الدعم الدولي لها، وهو ما يقلل من فرص التشخيص المبكر لحالات الإصابة، ومن القدرة على توفير العلاج المناسب لهؤلاء الأطفال.
الكلمات المفتاحية