خيمهم وقودٌ للنيران.. سوريو مُخيّمات القهر لا بواكي لهم

مخيم بحنين شمالي لبنان - فيسبوك
مخيم بحنين شمالي لبنان - فيسبوك

اجتماعي | 28 ديسمبر 2020 | إيمان حمراوي

إنّها الساعة التاسعة من مساء يوم السبت، صُراخ أطفالٍ يتعالى في مُخيّم للاجئين السوريين، لا جديد هُناك، إنّما حالة اعتداءٍ باتت مُعتادة، غير أنّها اليوم لم تطال لاجئاً أو مجموعة لاجئين، مُخيمٌ بأسره تعالت ألسنة اللهب في ثنايا خيامه، ليتفاجأ قاطنوه بأنّ النيران باتت تُحاصرهم من كلِّ حدبٍ وصوب، ليكون الفرار خيارهم الأخير للنجاة بأرواحهم، فرّوا مُخلفين وراءهم ذكريات اللجوء بحلوها ومُرّها.


"أكتر شي بحز بالقلب لما ابنك يقول بابا امشي نروح عالبيت ومافي بيت، كلو راح فرشك.. بيتك.. أثاثك، الوضع مأساوي، شي ببكي" هذا ما قاله محسن الجاسم، في تسجيلٍ مصور ظهر به باكياً على أطلال خيمته، وتابع: "أكتر شي بحز بالقلب لبس الولاد، من كم يوم اشتريت للبنات بدلات وفساتين جدد".

"في ذكريات كتير انحرقت، ذكريات عرسي الموجودة على أشرطة الفيديو راحت مع هالخيمة، التياب.. البراد.. الغسالة.. التلفزيون.. إذا بدك تعمر الخيمة بشهر ما بتتعمر، ما ضل شي" يقول محسن.

25 مليون ليرة لبنانية، كانت ما جناه الجاسم خلال رحلة التعب واللجوء في لبنان والمُمتدة لثماني سنوات، لكنها وبشرارة حقدٍ احترقت، لتُحرق معها ما تبقى من أحلام محسن، وتتحول إلى رماد منثور.
 
 

الخيمة لي بتنحرق هي مش بس نايلون وخشب. هي حياة عيلة وذكرياتها ببلد كلو عتمة ونار

Posted by Mohamad Dheiby on Monday, December 28, 2020


مناصر خلية أزمة المخيم، والعامل في إحدى برامج الأمم المتحدة محمد دهيبي قال لـ"روزنة": " احترق مساء السبت الماضي  92 خيمة مصنوعة من الخشب والبلاستيك في مخيم (بحنين 9) يقطنها 485 فرداً (98 عائلة)، بينهم 65 طفلاً تحت الـ 5 سنوات".

وتابع دهيبي: "العنصرية ضد العمال الأجانب، ولا سيما العمال الزراعيين، وتحديداً النساء منهم، هو أصل الحادثة، العمال السوريون يتم استعبادهم هنا ودونما إعطائهم أجرهم".

اقرأ أيضاً: جريمة قتل في بلدة بشرّي اللبنانية تجبر السوريين النزوح منها



وأردف: "عندما تعمل سيدة في كرم ليمون من السادسة صباحاً وحتى الثالثة والنصف عصراً، بزيادة ساعة ونصف عن دوامها، ولمدة شهر كامل لا تتقاضى شيئاً من أجرها، وفي الوقت الذي من المفروض أنّ تتقاضى العاملة السوريّة 20 ألف ليرة لبنانية عن كل يوم عمل، تبلغ سعر صندوق الليمون 47 ألف ليرة لبنانيّة، هذا النوع من المعاملة خلق نوع من الاحتقان تطور مع الأيام، وأدى إلى حدوث إشكال ومن ثم هجوم على المخيم".

وبيّن الدهيبي أنّ أهالي المخيم لجؤوا إلى معارفهم وأقاربهم في المخيمات المجاورة بعد الحريق، وهي التي -أي المُخيّمات- تعاني بالأساس من أوضاع مأساوية.

وأضاف: "حينما تتجول في المُخيّم تجد مرطبانات المكدوس والزيتون قد احترقت، اللاجئون قضوا كل الصيف في جمع هذه المونة، المشهد بشع جداً، الأطفال بحاجة إلى حفاضات وحليب، الجميع يريد طعاماً ويُريد مأوى".
 
 

أكل الناس

Posted by Mohamad Dheiby on Sunday, December 27, 2020


وإضافة إلى المساعدات التي تُقدّمها الجمعيات والمنظمات الخيرية، عمد الدهيبي إلى تشكيل خليّة أزمة بالاشتراك مع مجموعة من الشباب السوريين واللبنانيين، لدعم ومساعدة أهالي مخيم "بحنين 9"، وتأمين المستلزمات الأساسية من ملابس وأغطية ومواد غذائية وغيرها من مستلزمات الأطفال، حيث يوجد في كل عائلة طفلين أو ثلاثة تحت سن الخامسة.
 
 

مباشر المنية - مساعدات انسانية يقدمها مركز الملك سلمان للإغاثة

Posted by Beirut City on Sunday, December 27, 2020


إحدى السوريات وفي تسجيل مصور مع إذاعة "صوت لبنان انترناشيونال" قالت إنها استيقظت من نومها على أصوات الصراخ مساء السبت، قبل أن تُغادر خيمتها مع عائلتها، وعشرات الخارجين من المخيم، لافتةً إلى أنها شهدت خلال مغادرتها سيلاً من الرصاص مرّ من جانبها، فيما كان نحو عشرة رجال يقفون على باب المخيم ليمنعوا اللاجئين السوريين الرجال من المغادرة، الذين تمكنوا من الهرب عبر الأسوار الجانبية للمخيم".
 
 

مباشر المنية - اضرار جسيمة في مخيم للتابعية السورية بعد اعتداء يوم امس

Posted by Beirut City on Sunday, December 27, 2020


ولفت الدهيبي إلى أنّ "المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أجرت عملية مسح لأرض المخيم من أجل إعادة إعماره، لكن يبدو أنها بانتظار الإذن من السلطات المحلية"، مبيّناً أنّ فرداً من كل عائلة يجلس مكان الخيمة علّ أحداً يمدُّ يد المساعدة من جديد.

وذكر موقع تلفزيون "فرانس 24"، أن عشرات اللاجئين عادوا أمس الأحد لتفقد المخيم، في محاولة لإنقاذ ما تبقى من مقتنياتهم التي قد تكون سلمت من الحريق.

الجيش اللبناني ذكر في بيانٍ له على موقع "تويتر" اعتقال 8 أشخاص أمس الأحد (اثنان من الجنسية اللبنانية، و6 سوريين) على خلفية إشكال فردي وقع في البلدة بين شباب لبنانيين وعدد من العمال السوريين، ما دفع اللبنانيين لإحراق المخيم، وأثارت الحادثة غضب كثير من السوريين واللبنانيين، الذين نددوا على وسائل التواصل الاجتماعي بهذا الفعل العنصري.

وأضاف الجيش: "إنّ الخلاف تطور إلى إطلاق نار في الهواء من قبل الشبان اللبنانيين الذين عمدوا أيضاً إلى إحراق خيم  السوريين"، دون ذكر تفاصيل الخلاف.

مصدر أمني قال لوكالة "فرانس برس" إنه سمع دوي إطلاق نار، في منطقة بحنين، عندما طالب عمال سوريون بأجرٍ رفض أصحاب العمل دفعه، وأضاف المصدر لاحقاً، أن التحقيقات الأولية وجدت أنّ الخلاف ربما نشأ عن مضايقة تعرضت لها امرأة سورية.

وقال المتحدث باسم مفوضية اللاجئين، خالد كبارة، لوكالة "فرانس برس"، إن "بعض العائلات هربت من المنطقة خوفاً، لأنه كان هناك أيضاً أصوات انفجارات، نتيجة انفجار عبوات الغاز المنزلية".

حريق الأمس لم يكن الأوّل الذي تتعرض له خيام السوريين في لبنان، فمُعاناة السوريين هُناك مُستمرّة منذ بداية لجوء السوريين إلى لبنان، ففي تموز عام 2018 أقدم شباب لبنانيون على حرق مخيم للاجئين السوريين في بلدة المحمرة بقضاء عكار شمالي لبنان، وأوقع آنذاك عدداً من الإصابات واحتراق عشرات الخيم.

وتُقدر الأمم المتحدة عدد اللاجئين السوريين في لبنان بنحو مليون لاجئ، يعيش عدد كبير منهم في مخيمات قريبة من الحدود السورية، وسط ظروف معيشية مُتردية.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق