ثلاثة أنظمة قضائية في الشمال السوري.. ما مدى شرعيتها ونزاهتها؟

المحكمة الشرعية في اعزاز - ayn-almadina
المحكمة الشرعية في اعزاز - ayn-almadina

التقارير | 23 نوفمبر 2020 | روزنة - عنب بلدي

نظم ناشطون وحقوقيون الأسبوع الماضي، حملة مناصرة إلكترونية تطالب بالإفراج الفوري عن الناشطة الإعلامية نور الشلو من سجون “هيئة تحرير الشام” في إدلب، وسط اتهامات وإشاعات وحديث عن حكم إعدام صدر بحقها، ووقعت عريضة للإفراج عن الناشطة، ما فتح النقاش حول أحقية القوى المسيطرة في سوريا بإصدار أحكام اعتقال تعسفي وإعدام وغيرها.


وتُوجه اتهامات من السوريين في الشمال للحكومات الثلاث المسيطرة في شمال سوريا (“الإدارة الذاتية”، “المؤقتة”، “الإنقاذ”)، بعدم إرساء العدل، ازدواجية المعايير، وانحدار مفهومي العدالة ونزاهة القضاء في بعض المناطق، وتكريس مفاهيم المحسوبيات والفساد الموجود لدى النظام السوري.

ويعتبر البعض أن التجربة وليدة والظروف صعبة للحديث عن شرعية وعدل في أوقات الحروب والنزاعات، التي تعقد الوضع في سوريا.

حول هذا الموضوع طرح برنامج صدى الشارع، مع محمد الحاج، عبر راديو “روزنة” عدة تساؤلات حول الأحكام والقوانين المطبقة على المدنيين في الشمال السوري؟ وهل تطبق ذات القوانين على الفصائل أم هم فوق القانون والسلطة؟ وما شرعية القوانين الصادرة عن الأنظمة القضائية التابعة لقوى السيطرة في سوريا؟

ووجه استطلاع للرأي لسوريين مقيمين في مناطق سيطرة القوى الثلاث في شمال سوريا، حول مدى ثقتهم بالقوانين والأحكام الصادرة عن الأنظمة القضائية في مناطقهم.

أربع أنظمة قضائية في دولة

تحتاج كل منطقة سيطرة في سوريا لوجود القضاء وسلطة قضائية، بحكم الضرورة وبحكم الواقع، فالنظام خرج من المناطق بكل قواه العسكرية والمدنية، بالتالي نشأت في هذه المناطق هيئات شرعية في البداية في مناطق المعارضة، ثم تغير الحال في كثير من المناطق، بحسب القاضي السوري السابق والباحث في القانون، عبد الرزاق حسين.

اقرأ أيضاً: فشل التعليم عن بعد في سوريا يعيد الطلاب إلى فخ كورونا

ويرى الحسين أن الأنظمة الأربعة (في الشمال ولدى والنظام) تعاني من مسألة الشرعية، معتبراً أن المعيار الأساسي للشرعية هي القوة والسلاح.

والمشكلة برأيه ليس فقط السلاح كحالة، بل تعدد الفصائل المسلحة، ما يثير المشاكل الأكبر في هذه الحالة.

فالقضاء حائر بين الفصائل ومراكز القوى العسكرية التي تتواجد في نفس المنطقة، والتي أنشأت لها القوى المسيطرة، إلى جانب القضاء المدني، قضاء عسكرياً كي لا يحاكم أعضاء الفصائل بموجب القضاء المدني.

في مناطق الحكومة المؤقتة

قال وزير العدل في الحكومة “السورية المؤقتة”، عبد الله عبد السلام، لـ “روزنة” إن العملية القضائية في مناطق سيطرة فصائل المعارضة في الشمال مرت بمرحلتين.

وأشار إلى أن المرحلة الأولى تمثلت بإحداث القضاء الموحد والمعتمد على القانون العربي الموحد، وشارك في العمل القضائي حينها، رجال القانون ومشايخ من علماء الدين.

ومنذ عام 2017 في مناطق “الحكومة المؤقتة”، اختار القضاة العاملين في القضاء من المحامين والقضاة المنشقين تطبيق القانون العربي السوري بمرجعية دستور 1950 (الممثل للثورة).

وشكّل الجهاز القضائي وفق قانون السلطة القضائية السوري، أي وجدت محكمة صلح، ومحكمة نقض، ومحكمة جنايات، ومحكمة استئناف، وقاضي تحقيق.

والمرحلة الثانية بدأت بعد تبني الحكومة التركية مشروعاً قضائياً في منطقة عمليات “درع الفرات”، أي مناطق ريف حلب الشمالي والشرقي، ومنطقة عمليات “غصن الزيتون”، أي منطقة عفرين شمال غربي حلب.

وأوضح عبد السلام أن العمل القضائي في مناطق الحكومة “المؤقتة” يجري عبر منسقين أتراك، ولا يوجد حتى الآن مجلس قضاء أعلى، مبيناً أنهم حالياً يسعون لتشكيله.

وزير العدل في “المؤقتة” أكد الاستقلالية وعدم التدخل من الفصائل العسكرية أو سواها في القضاء، مبيناً أنه تم الاتفاق مع الأتراك لتطبيق القانون السوري، والتنسيق معهم لاعتماد القانون السوري كمرجعية أساسية.

وأوضح أن المحكمة العسكرية في أعزاز شمالي حلب تطبق القانون السوري، مبيناً أن المرجعية والفيصل هي محكمة النقض.

ولفت إلى وجود احتمالية للأخطاء وبعض المواقف التي قد ترد من القضاة لكن هذا تصححه محكمة النقد، على حد تعبيره.

في مناطق الإدارة الذاتية

المحامي في مناطق “الإدارة الذاتية” خالد عمر، قال “سابقاً، وقبل وجود الإدارة الذاتية، تشكلت الهيئات القضائية كبقية المؤسسات، وكانت تلبية للفراغ الإداري والأمني الذي ساد البلاد بعد حصول الثورة السورية”.

أما عن تشكيل المحاكم والقضاء في ظل “الإدارة الذاتية”، وضح عمر أن القضاء يدور حول محور رئيسي فهو يدفع المتخاصمين نحو المصالحة، وفي حال الفشل تنظر الهيئات القضائية وتصدر الأحكام.

وقال عمر، “في عام 2012 كان هناك تخوف من عاملين سابقين في المجال القضائي والحكومي للانضمام للمحاكم والعمل بها، لكن مع مرور الوقت أصبح أغلب المحامون والقضاة السابقون  الهيئات القضائية يعمل في كافة الهيئات القضائية”.

و”نظراً لاعتماد مبدأ العدالة الاجتماعية في مناطق الإدارة الذاتية، ففي كل كل هيئة قضائية في هذه المناطق، هناك شخص مجاز في علم الاجتماع او علم النفس لتطبيق المبدأ بشكل عملي”.

واعتبر عمر أن “العدالة الاجتماعية تضع بعض جزئيات القانون جانباً في سبيل إحقاق الحق، أما العدالة القضائية فهي قانون جامد”.

وضرب مثالاً أن قانون الميراث في مناطق “الإدارة الذاتية” لايطبق مبدأ “للذكر مثل حظ الأنثيين بل الذكر والأنثى نفس النصيب على حد سواء”.

في مناطق “هيئة تحرير الشام”

قال القاضي السوري السابق والباحث في القانون، عبد الرزاق حسين، إن مناطق “هيئة تحرير الشام” مبتعدةً عن القضاء السوري والحالة القضائية السورية.

اقرأ أيضاً: ألمانيا... حلمٌ لعائلة سورية ربما يتحول إلى كابوس!

وتحدث عن وجود مجلس أعلى للقضاء مكون من الشيوخ، يشرف على وزارة العدل في حكومة “الإنقاذ”، ويصدر وزير العدل  قوانين تطبقها المحاكم بناءً على أحكام الشريعة الإسلامية وأحكام المجلس الأعلى للقضاء .

وأوضح أن في مناطق حكومة “الإنقاذ” يجري الاعتماد على الاجتهاد ويعمل به عدة محامين، ولا يوجد قضاة محترفون واستبعد تطبيق العدل في هذه المناطق، مبيناً أن القوى العسكرية تفرض سيطرتها.

القضاء بعد الانتقال السياسي في سوريا

قال القاضي حسين إن تجربة المحاكم حاليًا يمكن أن تأسس لنظام قضائي معين حتى في حال حصول الانتقال السياسي.

ويعتمد التأثير برأيه بناء على نجاح أو فشل التجربة القضائية، لافتاً إلى أن التجرية حالياً تعاني مشاكل كثيرة، “و لايمكن استمرار سوريا في المستقبل بحال الانتقال السياسي، على هذا الشكل”.

ولفت إلى أن النظام القضائي في سوريا “غير مقبول بسبب ترهله وسيطرة الحكومة عليه”، مشيراً إلى أن سوريا في المستقبل تحتاج لقضاء لكل السوريين يستند لعقد واتفاق معين يجمع عليه السوريون.

استطلاع رأي

استعرض البرنامج نتائج استطلاع وجه للمشاركة عبر الإنترنت، وكان السؤال عن مدى الثقة بالأحكام والقوانين الصادرة عن الأنظمة القضائية في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام السوري، وكانت النتيجة أن 86% من المشاركين لا يثقون بأحكامها، و14%يثقون بها.

للمزيد شاهد الحلقة كاملةً:

 
الأنظمة القضائية التابعة لقوى السيطرة في سوريا..الثقة بها وشرعية قوانينها.

شاركنا برأيك حول شرعية القوانين الصادرة عن الأنظمة القضائية التابعة لقوى السيطرة في سوريا ونزاهتها..في حلقة اليوم مع #صدى_الشارع مع #محمد_الحاج. شاركونا بالاتصال والتعليقات. رأيك أنت مهم لا تتردد وعبر عنه

Posted by ‎Rozana - روزنة‎ on Friday, November 20, 2020

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق