"وضعنا يرثى له، زيادة الرواتب لا تغطي أياً من ارتفاع الأسعار مهما بلغت"، هكذا علقت أم لارا وهي معلمة سورية، على قرار رفع الرواتب الذي أصدره رئيس النظام السوري بشار الأسد للمعلمين والإداريين العاملين في المدارس، في ظل أزمة معيشية خانقة تعصف بجميع السوريين، بعد تدهور الليرة السورية.
وذكرت "رئاسة الجمهورية السورية"، أمس الأربعاء، أنّ بشار الأسد أصدر المرسوم التشريعي رقم (27) للعام 2020، وينص على منح العاملين في وظائف تعليمية بوزارة التربية تعويض طبيعة عمل بنسبة 40 في المئة، والمكلفين بعمل إداري بنسبة 10 في المئة، من الأجر الشهري النافذ بتاريخ 30/6/2013.
كما أصدر الأسد المرسوم رقم (28) للعام 2020 والذي يمنح العاملين في وظائف تعليمية بمحافظات حلب والرقة ودير الزور والحسكة، عدا مراكز المحافظات، تعويض الأماكن النائية بنسبة 25 في المئة من الأجر الشهري المقطوع بتاريخ أداء العمل، ولا يستفيد من هذا المرسوم التشريعي العاملون الذين يؤدون عملهم خارج المدارس أو المجمعات التربوية.
ليست زيادة
أم لارا، معلمة "علم اجتماع" ، تقول لـ"روزنة": وضعنا يرثى له، زيادة الرواتب لا تغطي أياً من ارتفاع الأسعار مهما بلغت، راتبي 53 ألف ليرة سورية (42 دولاراً)، أقتطع منه أجرة مواصلات شهرياً 8 آلاف، ماعدا مصروف ابنتي في الروضة ومواصلاتها والتي تبلغ 16 ألف ليرة قابلة للزيادة خلال الأيام المقبلة".
وتضيف: "عايشين على القدرة، أعمل عملاً إضافياً في الدروس الخاصة، ما يضيف لراتبي الذي ينتهي مع أول أسبوع في الشهر، 17 ألف ليرة، لكنها أيضاً ليست بشيء"، وتردف: "معاشي ومعاش زوجي 111 ألفا (88 دولاراً)، 32 ألفاً منها يذهب للمواصلات، وهناك الإيجار، واحتمال المرض المفاجئ، فقد مرضت ابنتي منذ يومين وكلفني دواؤها 10 آلاف". وتتساءل متنهدة "ماذا تبقى من الراتب لنعيش بعدما حرمنا أنفسنا من عشرات الأمور الحياتية؟".
وتابعت: "صديقتي مقيمة في مدينة حلب وتدرّس حالياً في منطقة السفيرة بريف حلب الشرقي، أجرة مواصلاتها العامة لا تقل عن 12 ألف ليرة"، ولا ندري إذا كان المبلغ المضاف وفق القرار الجديد سيعوض قليلاً عن أجرة المواصلات أم لا.
كما أوضحت أم لارا أيضاً أن راتب المعلمين المكلفين حديثاً يبلغ نحو 46 ألف ليرة سورية، ويزيد كل عامين ألفين أو ثلاثة آلاف ليرة.
اقرأ أيضاً: الأسد يلتف على الغلاء المعيشي للسوريين بعشرين دولاراً

لمى معلمة لغة عربية، مقيمة في مدينة حلب لكنها تدرس في الريف الشرقي، تقول لـ"روزنة": "الراتب لا يمكن الاعتماد عليه، راتبي 47 ألف ليرة سورية، يذهب منه شهرياً أجرة مواصلات 10 آلاف ليرة، بينما راتب زوجي وهو دكتور لغة عربية 50 ألفا، ويدرس أيضاً في الريف الجنوبي، ويقتطع منه أجرة مواصلات شهرياً 20 ألفاً ، لكن ما يساعدنا على الحياة هو عمل زوجي الإضافي في الدروس الخصوصية".
وتردف لمى، "ابنتي في عمر الروضة، لكني لم أسجلها في الروضات التابعة للحكومة والتي تكلف 10 آلاف شهرياً بسبب عدم العناية بها، وفي حال أردت تسجيلها في روضة خاصة، أقل مبلغ يجب علي دفعه 500 ألف ليرة سورية (نحو 400 دولار)، وهو ما يعني تسعة أضعاف راتبي".
وتشير لمى إلى أنّ معظم المعلمين يتدبرون أمورهم بأعمال إضافية مثل الدروس الخاصة، إضافة إلى الاعتماد على تحويلات أقاربهم المغتربين بالعملة الأجنبية، ما قد يساهم في دعمهم معيشياً.
الزيادة حفاظاً على كرامة المعلم
نقيب معلمي سوريا، وحيد زعل، قال في شباط العام الماضي، إن وزارتي التربية والمالية اقتربتا من التوصل إلى إقرار رفع تعويض طبيعة العمل للمدرسين، من 7 في المئة إلى 30 في المئة، وفق صحيفة "الوطن".
ويأتي المرسوم وفق زعل، في إطار محاربة عمل المعلمين في معاهد غير مرخصة ومخالفة، والدروس الخاصة. وأضاف : "لا نقبل أن يمارس المعلم مهنة سائق تكسي أو بائع خضروات، بل يجب أن يمارس مهنته كمدرس لكن ضمن إطار منظم ومؤسسات مرخصة".
ولا يمكن لتعويض طبيعة العمل أن يحد من توجه المعلمين إلى إيجاد أعمال إضافية في ظل تدني الرواتب عموماً، وارتفاع كلفة المعيشة، حيث باتت العائلة بحاجة الى حد أدنى شهري بقيمة 300 ألف ليرة سورية لتغطية نفقاتها الأساسية، وفق ما تقول جودي السيد، وهي معلمة مقيمة في دمشق، لـ"روزنة"، وهي أم لطفلتين في الثالثة والخامسة.
وتضيف السيد أنه كان يبلغ تعويض العمل للمعلمين نسبة 7 في المئة أي ما يعادل 3 آلاف ليرة سورية، فيما يعادل حالياً حوالي 7500 ليرة سورية بشكل تقريبي مهما كان تاريخ تعيينهم، فيما الإداريين الزيادة على راتبهم حالياً ستكون حوالي ألفي ليرة سورية، وفق فهمهم للقرار الجديد.
ماذا يعني بدل طبيعة عمل؟
ووفق المادة 98 من القانون رقم 50 والصادر عام 2004، الذي يحدد نظام العاملين الأساسي في الدولة، يمنح تعويض طبيعة العمل والاختصاص للعاملين لقاء الطبيعة الخاصة لوظائفهم وصعوبة الإقامة في منطقة عملهم، والمخاطر التي يتحملونها في العمل، والإجهاد الجسماني أو الفكري المتميز الذي تتطلبه الوظيفة، والعمل الفني المتخصص.
قد يهمك: ارتفاع أسعار الخبز في مناطق النظام السوري إلى الضعف

ووفق القانون فإنه "لا يجب أن يتجاوز تعويض طبيعة العمل والاختصاص مهما تعددت أنواعه الممنوحة للعامل الواحد 40 في المئة من الأجر بتاريخ أداء العمل".
ويعاني جميع السوريين من تدهور الوضع المعيشي، بسبب انهيار قيمة الليرة السورية، التي تجاوزت حاجز الـ 3 آلاف منتصف شهر حزيران الماضي مقابل الدولار الأميركي، ما أدى إلى ارتفاع كبير للأسعار في الأسواق. كما رفعت مؤخراً حكومة النظام السوري أسعار المواد الغذائية ولا سيما الخبز إلى الضعف، فضلاً عن رفع أسعار المحروقات ، ما فاقم الوضع المعيشي بشكل كبير.
الكلمات المفتاحية