مصرف سوريا المركزي يعفش الحوالات المالية من السوريين

مصرف سوريا المركزي يعفش الحوالات المالية من السوريين
التقارير | 22 يونيو 2020 | أحمد نذير - آلاء محمد

يبحث السوريون عن خيارات وحلول بديلة لإيصال الحوالات المالية إلى أسرهم داخل سوريا، لا سيما بعد تقييد حكومة النظام السوري إجراءات تحويل الأموال، وتحديد سعر صرف دولار الحوالات بأقل من نصف سعره المتداول.


ورصدت "روزنة" عدداً من الطرق التي يعتمدها السوريون في تحويل أموالهم إلى ذويهم في مناطق سيطرة النظام السوري، وكان أبرزها "التسليم باليد".


حوالات "التسليم باليد"… ملاحقة أمنية وملاذٌ لا بد منه 


ولـ "التسليم باليد" طريقتان، الأول عبر العلاقات الشخصية، أي أن يقوم السوري في الخارج بتسليم مبلغ الحوالة إلى صديقه (الذي يعيش خارج سوريا ايضاً) ليقوم أحد أقارب الأخير بتسليم قيمة المبلغ داخل سوريا.

والطريقة الثانية لـ "التسليم باليد" تتبعها مكاتب الحوالات المنتشرة في البلدان التي يعيش فيها السوريون، إذ تتم عبر تجار يعيشون داخل سوريا، مقابل وضع قيمة الحوالة في حسابات بنكية لأولئك خارج سوريا.

وأشار عدد من السوريين في الداخل اتصلت بهم "روزنة"، إلى أن أجهزة النظام السورية الأمنية تعمل على ملاحقة عمليات "تسليم الحوالات باليد"، إذ أنها تنصب كمائن في أماكن عامة من الممكن أن يتفق على تسليم الحوالات فيها، موضحين أن اعتقالات طالت عدداً من الأشخاص أثناء تسليم وتسلُّم الحوالة.

وكان رئيس النظام السوري بشار الأسد، أصدر في كانون الثاني 2020، مرسوماً يقضي بمنع التداول بغير الليرة السورية، وفرض غرامات وعقوبات وصلت إلى الأشغال الشاقة لمدة لا تقل عن سبع سنوات.

اقرأ أيضاً: من يربح الدولار في سوريا؟

وأكد الخبير الاقتصادي سمير خراط، أن أفضل طريقة لتحويل الأموال إلى سوريا حالياً هي من شخص إلى شخص.

ونصح خراط السوريين، في تصريح لـ "روزنة" بعدم الإنتظار في حال كان هناك نية بتحويل مبالغ مالية للأقارب، لأن وضع الليرة السورية لن يستقر قريباً، وعدم بيع الذهب إلا للضرورة القصوى، وادخاره لوقت الحاجة، على حد قوله.

أما بالنسبة للمناطق التي لا تخضع للنظام السوري شمالي وشرقي سوريا، فإن عمليات تحويل الأموال تجري بسلاسة أكثر ولا تخضع لقيود المصرف المركزي، وتتم في الأغلب عبر مكاتب تحويل خاصة منتشرة في تلك المناطق.


رغم رفع سعر صرف دولار الحوالات… خسارة أكثر من نصف قيمتها! 


رفع "مصرف سورية المركزي" في الـ 17 من حزيران 2020، أسعار صرف الدولار، وسعر صرف دولار الحوالات القادمة من خارج سوريا، لتصبح 1250 ليرة للدولار الواحد بعد أن كان بـ 700 ليرة.



ومع السعر الجديد للحوالات، لا يزال سعر صرف الدولار أقل من السعر المتداول بأكثر من النصف، إذ يقترب الدولار الواحد من 3000 ليرة سورية.

وبحسبة بسيطة، إن أراد شخص تحويل  200 دولار من خارج سوريا إلى ذويه في الداخل، عبر شركات حوالات يعتمدها المصرف المركزي، فإن المبلغ الذي يصل يقدر بـ 2500 ليرة سورية، فيما تصل قيمة 200 دولار في السوق إلى نحو 6000 ليرة سورية.

وأغلق المركزي في الثاني من حزيران 2020، ست شركات تحويل أموال، وهي الحافظ وإرسال، وفرعون، وشامنا، وآراك، وماس، بحجة أنها تخالف تعليمات المركزي، وتُسلِّم حوالات مجهولة المصدر.



وكان يعتمد سوريون كثر، على إرسال حوالات من مكاتب خارج سوريا، إلى عدة شركات حوالات في الداخل، بطريقة يتفق عليها وفضلت المكاتب التي تواصلت معهم روزنة على عدم الكشف عنها.

وتصل الحوالة إلى المستلم على أنها "حوالة داخلية"، وبالتالي تصل بسعر الصرف المتداول (ليس السعر المحدد من المركزي). 


حلول مؤقتة لإرسال الحوالات لا تخلو من المخاطرة


جربت كاتيا، سيدة سورية تعيش في اسطنبول، أكثر من مكتب صرافة، وحاولت أن ترسل عن طريق شركة ويسترن يونيون ولكن الحوالة ستصل من خلال البنك المركزي، وهذا سيؤدي إلى خسارة مايقارب نصف الحوالة، لذلك تراجعت عن الإرسال.

وقالت لـ روزنة "حاولت إرسال مبلغ قيمته 300 ألف سوري، ولكن مكتب الصرافة قال إنهم لا يرسلون أقل من 500 ألف، والتسليم سيكون من شخص إلى آخر وليس عن طريق مكتب".

اقرأ أيضاً: "أيام سوداء" تنتظر الليرة السورية لهذه الأسباب

أمل فتاة تقيم في دمشق تقول لـ روزنة، "استملت الأسبوع الماضي حوالة من تركيا، وكان الاستلام عن طريق شخص قابلته في أحد المحلات، ولم يكن عن طريق مكتب".

أما خلدون من دمشق فيقول "طلبت من أخي إرسال حوالة مالية إلى القامشلي التابعة للإدارة الذاتية شمال شرقي سوريا، وسافرت من دمشق إلى القامشلي لاستلامها، بهذا أكون حافظت على المبلغ بدون أن أخسر نصفه عن طريق المصرف المركزي".


الحوالات عصب حياة معظم السوريين في الداخل 


تعتمد الكثير من العائلات على المبالغ المالية التي يرسلها أبناؤهم أو أقاربهم، حيث تقول منار المحمد، وهي  أرملة وأم لطفلين "أخوي وأختي بتركيا يبعتولي كل شهر مبلغ أصرفه و اطعمي ولادي، وحالياً بعد انخفاض الليرة حتى المبلغ ما عاد يكفيني... أسعار كلشي نار".

أم عمر من محافظة درعا تعيش مع ابنتيها الأرملتين وأطفالهما، تقول لـ روزنة "صرلي خمس سنين عايشة ع الحوالات من ولادي بألمانيا، شو بقدرو يبعتولي ومدبرين حالنا فيهن أكل وشرب ومصروف لهؤلاء اليتامى".

وتمثل الحوالات المالية، التي يرسلها السوريون إلى ذويهم في الداخل، طوق نجاة حقيقي للأسر السورية حالياً، في ظل غلاء المعيشة وهبوط الليرة، بحسب الخبيرة الاقتصادية رشا سيروب، في تصريح لصحيفة (الوطن).

استطلاع رأي لسوريين يعيشون في مناطق خارج سيطرة النظام عن احتمال التعامل بغير الليرة السورية

ويبلغ متوسط دخل الموظف في مناطق سيطرة النظام، 60 ألف ليرة شهرياً، في ظل ارتفاع كبيرة ومتكرر في الأسعار، إذ لا يكفي الراتب تكاليف المعيشة لبضعة ايام، أو بدل إيجار منزل صغير في ضواحي المدن وفي الأرياف.

ولا توجد حالياً، أرقام موثقة تبين قيمة الحوالات المالية الوارد إلى سوريا، إلا أن "البنك الدولي" ذكر في عام 2016 أم حجم الحوالات إلى سوريا بلغ 1.6 مليار دولار، أي حوالي 4.5 ملايين دولار يومياً، في حين أكد أصحاب مكاتب تحويل أن الرقم أكثر من ذلك بأضعاف، وذلك بسبب اعتماد طرق تحويل غير معلنة.

يشار إلى أن انهيار الليرة السورية مقابل العملات الأجنبية وارتفاع الأسعار، أدى إلى خروج مظاهرات في العديد من مناطق سيطرة النظام، وأبرزها في محافظة السويداء، حيث طالب المتظاهرون بتحسين الظروف المعيشية وحملت الحكومة السورية مسؤولية تدهور الظروف، كما رفعوا شعارات طالبت بتغيير النظام السوري وعلى رأسه بشار الأسد.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق