"كورونا" يحرم مرضى الشمال السوري من العلاج الطارئ في تركيا

"كورونا" يحرم مرضى الشمال السوري من العلاج الطارئ في تركيا
التقارير | 15 مايو 2020
 أحمد حاج حمدو

أدّى تفشّي فيروس "كورونا" في سوريا، والمخاوف من وجوده في الشمال السوري، إلى حرمان مرضى سوريين من الحصول على العلاج الطارئ في تركيا، وهو ما أسفر عن وفاة بعض المرضى خلال انتظار السماح لهم بالدخول إلى تركيا.


وفي ظل ضعف الإمكانات الطبّية للمستشفيات في الشمال السوري، وعدم قدرتها على تقديم الرعاية الطبّية لجميع المرضى، أصبحت تركيا خلال السنوات الماضية المنفذ الوحيد لهؤلاء المرضى للدخول وتلقّي العلاج، وهو الأمر الذي لم يعد متاحًا في زمن "كورونا".
 
إغلاق على عبور المرضى
 
حتّى الآن، تدخل السلطات التركية حالات "استثنائية" للحصول على العلاج، وذلك بعد أن يتم تداول قصّتها على نطاق واسع في وسائل الإعلام ووسائط التواصل الاجتماعي التركية والسورية، غير أن دخول جميع الحالات التي تحتاج العلاج الإسعافي لم يعد ممكنًا الآن.

في الثالث عشر من شهر آذار/ مارس الماضي، بعد يومين على تسجيل أوّل إصابة بالفيروس التاجي في تركيا، أغلقت السلطات معبر "باب الهوى" الحدودي أمام عبور المدنيين، وحدّدت فقط عبور الشاحنات التجارية والإغاثية، إضافةً إلى الحالات الطبّية الإسعافية المستعجلة، وفق بيان نشره "معبر باب الهوى".

اقرأ أيضًا: للسوريين في تركيا... رلبط لتسجيل العائلات المتضررة من كورونا

بعد ستة أيام، أغلقت السلطات التركي معبري باب السلامة" و"الراعي" بشكلٍ كامل كحال إغلاق معبر باب الهوى.

وخلال تلك الفترة كانت جميع الحالات الطبّية المستعجلة والإسعافية تدخل إلى تركيا، مع تأجيل دخول "الحالات الطبّية الباردة".

غير أن الحكومة التركية، أوقفت في 26 آذار /مارس، دخول الحالات الإسعافية أيضًا، وذلك وفقًا لما ذكر مدير العلاقات العامة في معبر باب الهوى الحدودي مازن علوش، بعد بلاغ رسمي تركي إلى المنظومات الإسعافية في الشمال السوري، بعدم استقبال الجانب التركي أية حالة صحية للداخل التركي حتى لو كانت إسعافية.
 
بانتظار العلاج
 
تمكّن الطفل ربيع عبدو السلوم (10 سنوات) الذي يعاني من انسداد فتحة القلب، من الدخول إلى تركيا لإجراء العمل الجراحي، وذلك بعد مناشدات واسعة من المنظمات السورية والناشطين للحكومة التركية.

ولكن بالمقابل، لم ينجُ شابٌّ آخر من مرض "انسداد صمّامات القلب"، حيث توفّي بعد مناشدات وجّهها ناشطون إلى الحكومة التركية، والتي وافقت مؤخّرًا على إدخاله على أن يدخل في 29 أبريل الماضي، ولكنّه توفّي قبل موعد دخوله.

اقرأ أيضًا: للسوريين في تركيا.. تأجيل دفع الفواتير لثلاثة أشهر بسبب كورونا

في مدينة سرمين في ريف إدلب، ما زالت عائلة الطفل السوري عبد الرزاق محمد ديب تنتظر إدخال طفلهم إلى تركيا.

وفقد عبد الرزاق (10 سنوات) نسبة 90% من بصره، وذلك بعد أن قصف الطيران شارعًا قرب منزله فلم يعد يبصر النور بسبب الصدمة التي تعرّض له.

على إثر ذلك، اضطر والده أن يجري له عملًا جراحيًا في داخل سوريا ولكن لم يكتب بهذا العمل النجاح، والطفل الآن مازال بحاجة للدخول إلى تركيا لتلقّي العلاج.
 
إدخال حالات "استثنائية"
 
يُشرف على عملية إدخال المرضى السوريين إلى تركيا "مكتب التنسيق الطبي" التابع لمعبر باب الهوى الحدودي.

يقيّم المكتب الحالات على أساسين، إمّا ساخنة إسعافية كالحروق وأمراض القلب وحوادث السير والأطفال الخدّج وهذه بحاجة لتدخّل إسعافي عاجل، أو حالات باردة مثل تركيب الأطراف والأمراض المزمنة غير الإسعافية.

وعن طريق هذه اللجنة، كانت الحالات الإسعافية (الساخنة) تدخل الأراضي التركية بعد ترتيبات طبّية بشكلٍ مباشر، في حين أن الحالات الباردة تدخل ضمن نظام الانتظار الالكتروني ليأتي دورها.

يقول مازن علوش، مدير العلاقات والإعلام في معبر باب الهوى لـ "روزنة": "خلال عام 2019 دخل عبر معبر باب الهوى وحده، ما يزيد عن 10 آلاف مريض لتلقي العلاج في تركيا، موضحًا أن الحالات توزّعت بين 3942 حالة إسعاف، و2014 حالة  مرضى سرطان و1972 مرض قلبي و470 حالة عصبية و52 حالة لتركيب أطراف و1440 حالة مختلفة.

أما في الربع الأول من العام الحالي فدخل عن طريق ذات المعبر، نحو 900 حالة إسعاف وما يقارب 1700 حالات مرضية "باردة"، ودخل في الأيام الأولى من ششهر نيسان 15 حالة إسعاف قبل أن يتم إيقاف دخول الحالات.

يوضّح علوش، أن الحالات الإسعافية توقّف دخولها منذ 26 آذار وحتّى 22 نيسان حيث دخل طفل بحالة إسعافية، وذلك بعد مناشدات للسلطات التركية، لافتًا إلى أن الدخول حاليًا ليس لجميع الحالات الإسعافية، وإنّما لمن نتواصل مع السلطات التركية لأجله أو تُدشّن حملات إعلامية لإدخاله، ويجب أن يكون في حالة خطرة حتّى يتم إدخاله.

وختم أن الوضع "مأساوي" في مستشفيات الشمال السوري، التي لا تستطيع التعامل مع كل الحالات المرضية.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق