تستمر معاناة سكان مدينة الرقة مع انقطاع التيار الكهربائي منذ أكثر من عامين بسبب المعارك بين داعش و قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، حيث يعتمد سكان المدينة على الاشتراك بمولدات الكهرباء المعروفة بـ "الأمبيرات"، والتي كثيراً ما تتعرض للأعطال وخاصة في فصل الصيف.
وتسببت المعارك بين الطرفين في سد الفرات بمدينة الطبقة غربي الرقة؛ بانقطاع الكهرباء عن مدينة الرقة أواخر شهر آذار 2017، حيث أسفرت المعارك عن أضرار كبيرة في مرافق الطاقة الكهربائية من محطات توليد ومحولات وشبكات.
الأمبيرات لا تفي بالغرض
أبو محمد (33 سنة) سائق سيارة أجرة من سكان الرقة، لا يكاد يصل إلى بيته ليرتاح في الظهيرة إلا وتنقطع الكهرباء التي تولدها "الأمبيرات"، والذي قال لـ"روزنة": "إن هذا الأمر أتعب الأهالي كثيراً، وبخاصةً في فصل الصيف حيث تتكرر أعطال المولدات".
وتابع أبو محمد: "منذ سنتين ونحن نعاني من انقطاع الكهرباء، والبديل هي الأمبيرات، ولكنها لا تفي بالغرض وبخاصةً في فصل الصيف حيث تنقطع في الظهيرة في ظل الأجواء الحارة دون وجود بديل، ولا تستطيع أن تشغّل مروحة أو غيرها".
وأضاف بأن " أصحاب المولدات لا يعوضون الانقطاع وهدفهم الوحيد جمع المال"، وطالب أبو محمد المسؤولين بالإسراع في إيصال الكهرباء إلى المدينة.

13 مليون دولار تكلفة إعادة الكهرباء!
وعقب سيطرة "قسد" على محافظة الرقة تم إصلاح الأعطال في سد الفرات، وعادت الكهرباء إلى الريف، ولكنها لم تصل إلى المدينة لغاية الآن.
وقال المهندس عيسى الحسن مدير مكتب الكهرباء التابع لـ"مجلس الرقة المدني" لـ"روزنة": إن إيصال الكهرباء للمدينة أمر في غاية الصعوبة حالياً، حيث أن نسبة الأضرار في قطاع الكهرباء بالرقة بلغت أكثر من 97%، وتصل تكلفة إعادة الخدمات الكهربائية للمدينة إلى نحو "13" مليون دولار أميركي.
وأضاف الحسن: " منذ تأسيس مجلس الرقة المدني في نيسان 2017، بدأت لجنة الطاقة والاتصالات بالعمل لإيصال الكهرباء إلى الريف، وتم إنجاز العمل، وحالياً الريف كاملاً يغذى بالطاقة الكهربائية".
وأشار الحسن فيما يتعلق بإيصال الكهرباء إلى المدينة، إلى أنّ "الأمر ليس سهلاً وذلك لما وصل له القطاع من أضرار خلال السنوات الماضية، والصعوبات تكمن في أن إعادة تأهيل الكهرباء بحاجة إلى تكاليف وإمكانات كبيرة جداً وآليات".
اقرأ أيضاً: ثلاثة هواجس تعصف قلوب المدنيين في الرقة
وتابع "كخطوة أولى لإدخال الكهرباء لمدينة الرقة تم إنارة حيي المشلب والمختلطة والمنطقة الصناعية أقصى شرق المدينة، وذلك عن طريق تجهيز "11" مركزاً باستطاعات مختلفة تبدأ من 400 كيلو فولت أمبير إلى 1000 كيلو فولت أمبير، والعمل جار حالياً حسب الإمكانات على صيانة محطة رقة 4 والتي تغذي 65 % من مدينة الرقة".
وأردف "أيضاً العمل جارٍ على تجهيز المحطة الرئيسية استعداداً لتغذية الأحياء الشمالية من مدينة الرقة في حال توفر الدعم والإمكانات، كما أنه تم الاقتراب من الانتهاء من مشروع تنفيذ دارة مزدوجة "20 كيلو فولت" تعبر نهر الفرات قادمة من الضفة الجنوبية للنهر بجانب الجسر الجديد لتغذية حي الدرعية، وهناك دراسات حالياً لتغذية أحياء المدينة بالطاقة الكهربائية قريباً بانتظار التمويل من عدة منظمات دولية".

وتلزم بلدية الرقة أصحاب مولدات الأمبيرات بتسعيرة موحدة تبلغ "600" ليرة أسبوعياً مقابل الأمبير الواحد، لقاء تشغيل "11" ساعة على فترتين بشكل يومي.
ويشير علي المصطفى مدير قسم الأمبيرات في البلدية إلى أنهم يقومون بدعم أصحاب المولدات بمادة المازوت بسعر "55" ليرة سورية لليتر الواحد، ويقول لـ"روزنة": "نقوم بمراقبة مولدات الأمبيرات بشكل مستمر والتأكد من إيصال الطاقة الكهربائية للمشتركين بالشكل السليم، ونحن على أتم الاستعداد لتلبية شكاوي المواطنين، وعدد المولدات في الرقة يكفي لتغطية جميع أحيائها".
أسباب أعطال المولدات
ولكن لأصحاب مولدات "الأمبيرات" رأي آخر، حيث يعتبر فراس الجاسم صاحب إحدى تلك المولدات في حي الدرعية أن المازوت "المدعوم" الذي تقدمه لهم "الإدارة الذاتية" هو السبب في تكرار أعطال المولدات، نظراً لرداءته، حيث يكون أحياناً مخلوطاً بمادة "الكاز" ما يؤدي لخسائر يتعرض لها أصحاب المولدات بسبب غلاء تكاليف قطع الغيار والصيانة على حد قوله.
قد يهمك: أربع سنوات مرت على الرقة..وهذا كل ما جرى!
وقال فراس الجاسم: "التسعيرة التي ألزمتنا بها البلدية لا تتناسب مع المصاريف الكثيرة للمولدات، وخاصةً مع الارتفاع المستمر لسعر صرف الدولار الأميركي، عندما حددوا تسعيرة الأمبير الواحد بـ "600" ليرة سورية كان سعر صرف الدولار مقابل الليرة السورية "420"، أما اليوم وصل سعر صرف الدولار إلى ما يناهز "600" ليرة، كما أن المازوت المدعوم الذي يتحدثون عنه سيء الجودة، وأيضاً قطع الغيار غير متوفرة بالرقة ونقوم باستيرادها من خارج مناطق الإدارة الذاتية بأسعار باهظة، ونحن نطالب البلدية بزيادة التسعيرة أو تحسين جودة المازوت المقدم إلينا".
ورغم وجود سد الفرات أكبر سدود سوريا في الرقة، والذي كان يولد نحو مليارين ونصف كيلو واط سنوياً من الطاقة الكهربائية، تظل مدينة الرقة دون كهرباء للعام الثالث على التوالي بانتظار الدعم لإعادة الكهرباء وإنهاء معاناة السكان.
الكلمات المفتاحية