يتعرض بعض اللاجئين السوريين في تركيا إلى مشاكل عديدة تواجههم بعد الموافقة على استئجارهم منزلاً.
تتمثل هذه المشاكل بتراكم فواتير سابقة على المستأجر القديم، أو ضرورة شراء الأثاث الموجود في المنزل بسعر أعلى من ثمنه الحقيقي، أو إيعازه بالخروج من المنزل بعد فترة، إضافة إلى عقبات أخرى، يقبل بها السوري -مرغماً- بحكم الضرورة.
أبو الجود، شاب سوري تعرض لإحدى هذه المشاكل، ورواها لـ"روزنة" قائلاً: "استأجرت منزلاً في حي تشارشي في مدينة غازي عنتاب بعد إبرام عقد مع صاحبه التركي، ليطلب مني مغادرته بعد أربعة أشهر من تاريخ توقيع العقد دون ذكر السبب".
وأردف: "بالطبع رفضت بحكم وجود عقد، ليتبيّن لي فيما بعد أن العقد غير مسجّل عند كاتب العدل وبالتالي العقد باطل، وهنا أجبرت على الخروج من المنزل".
وجود ديون متراكمة على مستأجر قديم
عدي، هو الآخر استأجر منزلاً في حي بايرام باشا بمدينة إسطنبول، ليفاجأ بمشكلة أخرى ذكرها لـ"روزنة" وقال: "ذهبت إلى أحد فروع البريد (بي ت ت) لأدفع فواتير منزلي لأول مرة منذ استئجاره، تفاجأت بوجود ديون سابقة على المستأجر القديم، تمثلت بقيمة 286 ليرة تركية لفاتورة الكهرباء، و235 ليرة تركية لفاتورة الغاز، أما بالنسبة للماء فوجدت تراكماً بمبلغ 140 ليرة تركية".
وأضاف: "السبب يعود لعدم قدرتي على إغلاق العدادت القديمة وتفعيلها على اسمي مجدداً، نظراً لعدم حوزتي بطاقة الحماية المؤقتة (الكملك)، مع العلم أنه لايوجد إجبار من قبل الجابي باستلام المستحقات مباشرة، بل يمكن دفعها فيما بعد مالم تتجاوز قيمة التأمين المدفوع لدوائر الكهرباء والماء والغاز، هنا يتم قطعها عن المنزل".

وسبق أن أصدرت وكالة الأناضول تقريراً بيّنت فيه عدد المشتركين غير الشرعيين في الكهرباء، والذي تجاوز 2 مليون مشترك -أي 4.6% من عدد المشتركين الإجمالي- وشددت على أن هؤلاء المشتركين هم عرضة لخطر سداد دين شخص آخر على فواتير الكهرباء، عند مغادرة المنزل دون إلغاء الاشتراك.
ويتم تحذير المستهلكين غير الشرعيين أولاً بإلغاء الاشتراك عند اكتشافه، في حين يتم منح المستهلك 15 يومًا لتسديد التزاماته، وسيتم إلغاء تنشيط الاشتراك خلال الفترة المحددة مع دفع 5 أضعاف سعر الفاتورة، كما لن يتم وصل الكهرباء مجدداً إلى المنزل حتى دفع كامل الرسوم المترتبة.
اقرأ أيضاً: ما أبرز المشاكل القانونية التي تواجه اللاجئين السوريين في تركيا؟
شراء عفش المنزل بأسعار باهظة
طارق، والذي يعمل في مجال العقارات في ولاية إسطنبول تحدث لـ"روزنة" عن مشكلة ثالثة من نوعها تواجه السوريين، فقال: "كل سوري يريد الخروج من منزله القديم للانتقال إلى منزل جديد أو أي مكان آخر، يعمل على بيع الأثاث الموجود في منزله إلى المستأجر الجديد بأثمان باهظة تتجاوز سعرها الحقيقي بأضعاف مضاعفة، كي يستعيد قيمة الكمسيون (مبلغ السمسرة) المدفوع للمكتب العقاري، وتعويض التأمين الذي لن يحصل عليه من صاحب المنزل بحكم خروجه منه قبل انتهاء مدة العقد".
الحلول القانونية لهذه المشاكل
قانونياً، أوضح المحامي "مجد طباع" لـ"روزنة" كيف يمكن للمستأجر أن يتلافى هذه المشاكل، ملخصاً إياها بمعرفة المستأجر ماله وماعليه في بنود عقد الإيجار.
ونوه طباع إلى وجوب تدوين قيمة الإيجار في العقد والزيادة التي ستطرأ عليه فيما بعد -والتي تكون سنوية بمعدل 8 إلى 15 في المئة".
وأشار طباع إلى أنه لايحق لصاحب البيت إخراج المستأجر إلا بدعوى قانونية من خلال اعتراف جميع جيرانه بإزعاجهم، إذ يتم تقديم البلاغ للشرطة وهي التي تقوم بإخلاء المنزل لصاحبه، إلا في حال أراد صاحبه الزواج فيه أو تقديمه لابنه المتزوج، أما الأقارب من الدرجة البعيدة فلا يحق لهم إخراج المستأجر مهما كانت الأسباب".
وتابع: "لا يصح الإمضاء على عقد الإيجار إلا من صاحب البيت أو وكيله القانوني، ومايشهده السوريون من توقيع ابن أو زوجة صاحب المنزل فهذا عقد باطل".
وعن المستحقات المالية القديمة المتراكمة على ذمة صاحب المستأجر القديم، أكد "طباع" أنه يجب استخراج وثيقة تسمى "براءة ذمة" من قبل المستأجر القديم، تعطى من دوائر الكهرباء والماء والغاز لإثبات عدم وجود أي ديون سابقة، وفي حال أراد المستأجر الجديد إبقاء العدادات مفتوحة على الاسم القديم، يجب كتابة قيمة الديون المتراكمة في العقد حتى لايضيع حقه لاحقاً.
مشاكل كثيرة تجعل هم السوري لا يقتصر على إيجاد منزل للإيجار فحسب، بل يتعدى لمرحلة ما بعد إقامته فيه، ما لم يتم إجراء الأمور القانونية كافة، والتي تسمح له بعيش هنيء داخل بيته الجديد.
وتستضيف تركيا نحو 3.5 مليون لاجئ سوري، موزعين على مدن وبلدات في مناطق متفرقة من البلاد، أبرزها: "عينتاب، هاتاي، أورفا، واسطنبول"، فيما يعيش 250 ألف منهم في مخيمات قريبة من الحدود التركية مع سوريا جنوب البلاد، حيث فرّ معظمهم هربًا من الحرب الدائرة في بلادهم.
الكلمات المفتاحية