رمضان السوريين في الأردن... مواجع يضاعفها تردي الوضع المادي

رمضان السوريين في الأردن... مواجع يضاعفها تردي الوضع المادي
القصص | 31 مايو 2019

حلَّ شهر رمضان هذه السنة على بعض اللاجئين السوريين في الأردن للمرة الثامنة، حاملاً معه ذكرياتٍ وآمال بالعودة ذات يوم إلى سوريا، والتخلّص من المعاناة التي يعيشونها في بلدٍ يشهد ظروفاً اقتصادية صعبة، وفرص عمل شحيحة زادت من مأساتهم.

 
تقول السيدة أم سامر (اسم مستعار)، 43 عاماً، لـ"روزنة": إنها اضطرّت للاستدانة لحين موعد صرف البطاقة الأممية المخصّصة للاجئين"الكوبونات" بداية الشهر القادم، لتشتري ما تصنع به طعاماً لأطفالها الثلاثة، فهي المعيل الوحيد لهم، بعد أن قرّر زوجها الذهاب إلى سوريا سنة 2016 للمجيء بأمه التي بقيت وحيدةً بعد وفاة أبيه، لكنه اختفى عقِب شهرين.
 
تعيش أم سامر في شقةٍ متواضعة قرب شارع الجامعة في مدينة إربد مع ضَّرتها، حيث تمكنت خلال السنوات السبع الماضية من لجوئها إلى الأردن أن تشتري بعض الأثاث الذي يبدو أنه أصبح بحاجة للتجديد لكنه يقضي الحاجة، حسب تعبيرها.
 
وبحسب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، يعيش في محافظة إربد، شمال الأردن، 137,539 لاجئاً مسجلاً لديها، فيما تقول إحصائيات حكومية إن عدد السوريين نحو 250 ألفاً، حيث يقطن معظمهم في مركز المدينة.
 
وكشف رئيس بلدية إربد الكبرى حسين بني هاني في وقت سابق هذا الشهر عن توقف المساعدات الدولية والمحلية عن اللاجئين السوريين في إربد.
 
وترى أم سامر، أنّ حالها أفضل من حال كثير من جيرانها السوريين، مشيرةً إلى منازلهم من نافذة المطبخ، فهي بحسب ما تقول:  "استطاعت اليوم شراء نصف دجاجة للإفطار مع أفراد عائلتها البالغ عددهم خمسة أشخاص، فيما يعيش 3 عائلات في شقة أصغر قليلا ً من شقتها من دون معيل، وتضيف "في بيوت ما بيعلم فيها غير الله".
 
 
في رمضان العام الماضي كانت أم سامر تعمل كمتطوعة في إحدى المنظمات، وتتقاضى 13 ديناراً عن اليوم، أي ما يعادل 18.38 دولاراً،  لكن حل رمضان هذا العام ّ عليها وهي من دون عمل، فهي بحاجة إلى 140 ديناراً (197 دولارا) شهرياً كبدل لإيجار البيت، قبل أن تفكّر في أي شيء آخر، بعد أن كانت تعيش في بيتها مع زوجها وموظفة في مدرسة حكومية في سوريا، وفق ما تقول.
 
وتترقب أم سامر العيد بجو من القلق والحزن، فهي كما تقول غير قادرة على شراء كسوة العيد لأطفالها، وتضيف " كل ما يقرب العيد بحزن، جد كنت أحس بالعيد غير بسوريا، بجوز لأنه الأولاد بصيروا يسمعوا كلام، وأني ما بتحمل أشوف ابني محتاج شي، شو ذنبهم ناس تعيش أفضل منهم".

اقرأ أيضاً: الطقوس الرمضانية حلم السوري المفقود في زمن الحرب!

وتستثمر أم سامر شرفة منزلها الصغيرة بزراعة بعض أصناف الخضروات معتمدة على طريقة الزراعة من دون تربة، لتؤمن بعض احتياجاتها اليومية، بينما تبيع ما يزيد لجيرانها أحياناً، فقد وجدت في ذلك وسيلة لتأمين جزء من إيجار المنزل والتخفيف من احتياجات منزلها، في ظل شح المساعدات الإنسانية، فهي لم تتلق أي مساعدة سوى المساعدات الغذائية المقدمة من برنامج الأغذية العالمي بقيمة 60 ديناراً شهريا، لكنها تصرفها نقداً لتكمل ما يبقى عليها من إيجار البيت.
 
ويبلغ متوسّط دخل الأسرة السنوي للاجئين في عمان وإربد والزرقاء حوالي 3 آلاف دينار أردني (4240 دولاراً) ، في حين يبلغ ألفاً في المفرق والمخيمات، ويدفع 98% منهم ما يتراوح من 120 ديناراً إلى 140 ديناراً شهريا لإيجار المنزل، فيما أن 22 في المئة من الأسر السورية ترأسها نساء، وفق دراسة أعدتها مؤسسة فافو النرويجية.
 
قبل موعد الإفطار بقليل جلست العائلة في منتصف غرفة المعيشة أو ما يسمونها "الصالون"، بانتظار موعد الأذان، وتقول وفاء، الابنة الأكبر، (17سنة ) وتعاني من تكسر بصفائح الدم، إنه لم يبق من مذاق رمضان سوى الجلوس حول المائدة، التي كانت تحتوي على طبق من الملوخية وثلاث قطع من الدجاج إلى جانب طبق من السلطة، وانتظار الأذان.
 
ورغم أن بعض الطقوس الرمضانية أحضرها السوريون معهم إلى الأردن، إلا أنّ أم سامر تستذكر حينما كانت تحضِّر وجبة الإفطار في منزلها بدرعا وتقول" كنت أطبخ بنفَس أكثر من هون وأعمل أكثر من أكلة ونجيب عرق سوس وتمر هندي وحلو بأشكاله بدون ما أفكر قديش صرفت ".
 
وتضيف أم سامر، "كنا نقعد على البرندة لما يكون الجو دافي، كانت حياتنا غير، كنَّا مرتاحين ماديا ًونفسياً، اليوم زوجي مش مبين من 3 سنين وابن ضرتي يلي أنا ربيته هاجر إلى السويد، صار رمضان مثل أي يوم عادي ما في شي مميز".
 
 
أجواء رمضانية في مخيم الزعتري

قبل موعد الإفطار بحوالي ساعة يشهد سوق مخيم الزعتري حركة نشطة على محلات عصائر وحلويات، تجسد عادات وتقاليد سورية حافظ عليها السوريون، فعند دخولك إلى شارع الشانزليزيه في المخيم، تقع عينك على بائع العرق سوس والتمر الهندي الذي يرتدي اللباس الدمشقي القديم وينادي لجذب انتباه الناس، وبالقرب منه بائع القطايف.  
 
ويرى أبو حسين، من ريف دمشق ويقيم في المخيم، أن السوريين حافظوا على أجواء رمضان في المخيم كوجود المسحراتي وبعض العادات الاجتماعية مثل "السكبة ولمة العيلة والعزايم"، إضافة إلى الأناشيد الدينية في السوق.
 
    
ولم يغب الحكواتي، الذي ارتبط اسمه بالمقاهي الدمشقية القديمة، عن أمسيات رمضان في المخيم، حيث يروي قصصاً عن القناعة والتميز وأخرى من التاريخ، لكن وجوده يقتصر على نشاطات المنظمات لعدم وجود مقاهي في المخيم.
 
ويبلغ عدد اللاجئين السوريين المقيمين في الأردن، نحو 1.3 مليون شخص، بينهم 665 ألف مسجلين لدى مفوضية شؤون اللاجئين للأمم المتحدة، بحسب إحصاءات الحكومة الأردنية.
 

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق