هل خيّب مؤتمر برَوكسل الثالث للمانحين توقعات السوريين المشاركين؟

هل خيّب مؤتمر برَوكسل الثالث للمانحين توقعات السوريين المشاركين؟
القصص | 14 مارس 2019

 

شارك أكثر من 1000 شخص من داخل سوريا وخارجها كممثلين عن المنظمات غير الحكومية و المجتمع المدني في فعاليات مؤتمر"دعم سوريا و المنطقة" خلال يومي 12-13 آذار، وعلى الرغم من اختلاف الخلفيات السياسية للمشاركين و الخلاف على رؤية ما يحدث داخل البلاد، توافق المشاركون بالشعور بالخيبة نحوه.

العنوان سوريا.. والغائب الحاضر هم السوريون

خلال السنوات الماضية و مع كل اللقاءات والمؤتمرات التي دعت إليها الدول المانحة لمساعدة النازحين واللاجئين السوريين لم يتم دعوة أي طرف سوري سواء من المعارضة السياسية أو النظام السوري.
 
غياب الدور السوري في المؤتمر كان من النقاط التي توافق عليها المشاركون، أسعد العشي المدير التنفيذي لمنظمة بيتنا سوريا قال خلال حديثه لـ "راديو روزنة": "عندما نرى من هم المتكلمون في الجلسات المختلفة فلا نجد أشخاصاً سوريا إلا قلة قليلة، فهناك حديث عن سوريا ولكن ليس هناك حديث مع السوريين، من المضحك أن الفعاليات الجانبية للمؤتمر تأتي تحت عنوان أيام الحوار ولكنني أتساءل هو حوار من مع من، فمن الواضح لدي أنه حوار بين الأجانب عن سوريا، وليس حوار بين الأجانب والسوريين أو حتى بين السوريين أنفسهم".

للاستماع الى المقابلة الكاملة مع السيد أسعد العشي : 
 

مريانا العلي القادمة من مدينة حلب والتي استعاد النظام السوري السيطرة عليها، والعاملة في منظمات المجتمع المدني وافقت أسعد العشي القادم من مدينة غازي عينتاب التركية، و قالت نحن السوريون نتحاور بشكل أفضل و نتحدث مع بعضنا في أروقة المؤتمر لشكل بناء عما يحدث داخل الجلسات العامة.
 
 
السيدة مريانا العلي

تقول مريانا: "كنت اتمنى أن يكون مستوى الحوار أفضل من ذلك؛ لقد خيب آمالي، فنحن في لقاءاتنا كسوريين التي تحدث ضمن جلسات الحوار في بيروت أو حتى في عين عيسى أو عين العرب أو دمشق، فقد كانت تلك الحوارات أكثر جدية مما لقيته هنا في بروكسل، فكانت تطرح مواضيع قابلة للحديث بين جميع الأطراف".
 

يأتي المؤتمر هذا العام وسط توقعات بتعهد الدول المانحة بمبلغ و قدره 9 مليارات دولار حسب مطالبات الأمم المتحدة، حيث تسعى للحصول على نحو 5.5 مليار دولار (4.4 مليار يورو) لتغطية الاحتياجات المالية لسنة 2019 لمساعدة حوالي 5.6 مليون لاجئ سوري خارج بلدهم في تركيا ولبنان والأردن وفي العراق ومصر، في حين قدرت أنها تحتاج إلى 3.3 مليار دولار للنازحين داخل البلاد.

ولكن و مع كل مؤتمر جديد من مؤتمر المانحين تنخفض سقف التوقعات المأمولة منه، لكن رغم ذلك فقد أشار العشي أن النتائج كانت أدنى من توقعاتهم لهذا المؤتمر.

كما لفت العشي إلى أن التحديات تزداد فيما يتعلق بالاعتمادات المالية الدولية تجاه عمل منظمات المجتمع المدني السوري، منوهاً بأن الكتلة التمويلية تجاه القضية السورية في انخفاض، خاصة فيما يندرج ضمن إطار القطاع الإنساني و دعم الاستقرار.

وختم بالقول: "نحاول إيجاد بدائل والتي من ضمنها تكون حملات تبرع والتوجه للشراكات مع القطاع الخاص، وأيضا نتوجه لرجال الأعمال السوريين من أجل دفعهم للمشاركة مع المجتمع المدني السوري".
 
من داخل اروقة المؤتمر - بروكسل

بسام الرفاعي وهو ناشط في المجتمع المدني أشار الى انقسام واضح تعيشه الدول الاوروبية نحو اعادة العلاقات مع النظام السوري، وهو الامر الذي ينعكس أيضا على دعم منظمات المجتمع المدني، وقال:" الازمة السورية وصلت غلى عنق الزجاجة، و حاول المبعوث الاممي السابق ديمستورا على كسر الجليد دون ان يحقق انجازا كبيراً".
 
 
السيد بسام الرفاعي

وبين أن الدول الاوربية غير منية في عملية اعادة الاعمار داخل البلاد، وهي تخالف الرغبة لدى النظام السوري، و رغم طرح فكرة توطين اللاجئين السوريين في بعض البلدان الا ان هذه الرغبة تصطد ما بين سياسيتها الداخلية و الخارجية، و أشار إلى  خلاف اوروبي موجود اليوم  بين رغبة بعض الدول في انجاز تطبيع كامل مع النظام السوري و بين دعم القانون الامريكي" سيزر".

التعامل مع الداخل السوري كان مختلفا!

معظم التصريحات و الكلمات التي تحدث بها المعنيون الأمموين وجهت الشكر للدول المستضيفة للاجئين، و مع وضع اصرار الاتحاد الاوربي على ربط اعادة الاعمار داخل البلاد بالحل السياسي، يرى القادمون من المناطق التي يسيطر عليها النظام السروي بالتمييز في الحصول على الدعم الانساني، معتبرين أن التركيز على دعم البلدان المستضيفة لن يحل مشكلة اللاجئين والهجرة التي تتخوف منها أوروبا.

أنس الكردي، قدم من دمشق ، و بين في مداخلاته أنه طالما أن السوريون في داخل البلاد يعانون من الفاقة الاقتصادية والعوز، فإن موجات اللجوء لن تتوقف، و لن تحل مشكلة البلدان المستضيفة لللاجئين، لان موجات الهجرة ستبقى مستمرة.
 
 
السيد أنس الكردي

وأضاف بالقول: "هناك سياسة أوروبية واضحة تتمثل بعدم الانخراط مع دمشق، وعدم العمل بالمناطق التي تسيطر عليها الحكومة السورية إلا بالحد الأدنى وهو حد المساعدة الإغاثية، وهذه المساعدة قادرة على أن تُبقي الحياة ولكنها ليست قادرة على المضي قدما في الحياة الاجتماعية والاقتصادية نحو الأمام، بينما يتم التعامل مع دول الجوار باهتمام أكبر لدفع العجلة الاقتصادية".

قد يهمك أيضاً: بهدف جمع 5 مليارات دولار... انطلاق "مؤتمر المانحين الثالث" في بروكسل

كما اعتبر خلال حديثه لـ "روزنة" أن المؤتمر يرتبط بالحسابات السياسية للاتحاد الأوروبي، مبيناً بأنه كان يفضل أن يعالج المؤتمر قضايا المجتمع المدني بشكل حيادي ولكل السوريين و بمناطقهم المختلفة جميعها.، وتابع بالقول: "شعرنا أحيانا بعدم التوازن في المؤتمر ما بين التعامل مع القضايا، فكان التركيز على البعد الخارجي أكبر بكثير من البعد الداخلي".  

ماريانا العلي أيضا تقول " أشعر بأن حقنا مغبون في المؤتمر" معبرةً عن استيائها لاختلاف المعايير في التعاطي مع من يعيشون داخل سوريا ومن يعيش خارجها، وفق قولها.وأردفت : "كنت آمل أن يكون هناك عدالة في توزيع المتحدثين الرسميين، حيث لا يوجد أي متحدث رسمي ضمن متكلمي الجلسات الرئيسية من الداخل السوري".كما لفتت إلى أن الاتحاد الأوروبي لم تتغير لهجته منذ "بداية الحرب السورية وحتى الآن، فهم لا ينظرون بشكل جيد إلى المدنيين المتواجدين في الداخل السوري".
 

ماذا عن منطقة شمال شرق سوريا؟

أعلنت الولايات المتحدة الامريكية منذ عدة اساييع عن نهاية التنظيم من سوريا والعراق، و لم يعد لهم سوى بعض الجيوب الصغيرة التي تعمل قوات سوريا الديمقراطية على الانتهاؤ من عناصرهم فيها، وخاصة في مدينة دير الزور بعد مدينة الرقة التي كان التظيم يسميها عاصمة الخلافة.

فرهاد حمو، ناشط في المجتمع المدني قدم من المناطق الكردية، يقول: "لا يستطيع المؤتمر أن يغطي جميع المواضيع المطروحة في ظل وقت ضيق جدا، إلا أنه شدد على تسجيل مآخذ من قبل القادمين من منطقة شمال شرق سوريا حيث لم يطرح أي موضوع عن المنطقة أو عن منطقة عفرين على أجندة المؤتمر، معتقدا بأن ذلك يعود لأسباب سياسية و اهمها ان اوروبا لا تريد اثارة المشاكل مع تركيا، وهي ألتي تستضيف ما يقدر بنحو 3 ملايين سوري".
 
 
السيد فرهاد حمو
 
وأكد حمو خلال حديثه لـ "روزنة" أن منطقة شمال شرق سوريا باتت تعتبر من المناطق المستقرة في الداخل السوري، و مع بقاء السكان الاصليين فيها ، فهناك فرصة كبيرة للمساعدة في انماء هذه المناطق و الحفاظ على الكتلة البشرية فيها، من جانب إدخال المساعدات الإنسانية ودعم البنية التحتية والمنظمات المدنية هناك.

وختم بالقول: "نعتقد ان في المنطقة الشمالية الشرقية  مساحة جيدة للعمل المدني، والمنظمات الدولية لديهم إمكانية العمل في هذه المنطقة، ولكن الكثير من الدول الأوروبية تنأى بنفسها عن العمل في هذه المنطقة لأسباب سياسية".

مضيفاً: "لكننا ندعو هذه الدول لأن تتعامل مع المنظمات المدنية الموجودة هناك؛ أسوة بالمنظمات المدنية السورية الموجودة في مناطق أخرى من سوريا ولا تقصيها من المساعدات".

ومع نهاية أعمال اليوم الثاني من مؤتمر " دعم مستقبل سوريا و المنطقة" غادر معظم الناشطين في مجال حقوق الانسان والمجتمع المدني العاصمة البلجيكية، وعادوا عبر الطائرات الى داخل سوريا ومنهم الى بلدان اللجوء التي أتوا منهم و الجميع يحمل الخيبة في حقائب سفره من المؤتمر، ويقول من التقيناهم في هذا التقرير " أيسوريا التي يدعمها هذا المؤتمر".

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق