قال مسؤول في القوات الكردية، إن مئات المقاتلين الأجانب المعتقلين لدى "قوات سوريا الديمقراطية" يشكلون "قنبلة موقوتة" للمنطقة والعالم، واعتبر بقاءهم في سوريا خطأ كبير، وربما يهددون الغرب في حال في لم تبذل بلدانهم جهداً لاستعادتهم.
وأوضح عبد الكريم عمر أحد مسؤولي شؤون العلاقات الخارجية في "قوات سوريا الديمقراطية"، أن الأخيرة تحتجز نحو 800 مقاتل أجنبي، إضافة إلى نحو 700 زوجة و1500 طفل في المخيمات، حيث يصل عشرات المقاتلين وعائلاتهم يومياً إلى المنطقة، بحسب رويترز.
المحامي عبد المنعم قشقش قال لـ"روزنة"، إنه لمعرفة مدى إمكانية اندماج مقاتلي تنظيم "الدولة الإسلامية" في المجتمع أم لا، يجب علينا أولاً معرفة أسباب انضمامهم إلى التنظيم.
وأوضح أن البحث عن وظيفة أو عمل قد يدفع إلى الانضمام مع تنظيم داعش، فكثيراً من المقاتلين يتنقلون من فصيل لآخر لأسباب كثيرة، والسبب المادي هو الأساسي في انضمام أي مقاتل مع أي فصيل.
وأشار إلى أنه من المعروف عن تنظيم "داعش" في المناطق التي سيطر عليها أنه قام بالتضييق على السوريين من أجل دفعهم إلى التجنيد معه، مضيفاً، أن بعض الفصائل تريد زيادة قدراتها على التأثير، فتستقطب دائماً ذوي الخبرات العسكرية.
وأكد قشقش على ضرورة وجود برامج إرشادية وتثقيفية لدمج مقاتلي داعش في المجتمع، وهي برامج دمج متخصصة لمعرفة أسباب الانضمام إلى التنظيم، ومعرفة الفكر الذي يحمله المقاتل، ومعرفة ما إذا كان يمكن أن يتخلى عن الأفكار التي تبناها حين دخوله إلى التنظيم.
وأضاف أنه يجب تمكين الشخص من كل مقومات الحياة من مسكن ودراسة وعمل، وفي حال عدم وجود مثل تلك البرامج المتخصصة بالدمج، يتحول المقاتلون المنضمون سابقاً لداعش إلى تنظيم آخر، يمارسون نشاطهم الإرهابي في مكان آخر، وبالتالي يشكلون قنبلة موقوتة، بحسب قشقش.
اقرأ أيضاً: "سوريا الديمقراطية" تستأنف الهجوم على داعش في الباغوز
وخرج من الباغوز حوالي 40 ألف مدني بينهم رجال ونساء وأطفال من جنسيات مختلفة ، على مدار ثلاثة أشهر بينهم نحو 15 ألف شخص منذ أن أعلنت قوات سوريا الديمقراطية عن هجومها الأخير على الباغوز في التاسع من شباط"، بحسب ما أكد مصطفى بالي مدير المكتب الإعلامي لـ"قوات سوريا الديمقراطية" لوكالة فرانس برس نهاية شهر شباط الماضي.
أما من الناحية القانونية، أكد المحامي قشقش أنه لا يمكن إفلات أي شخص أثبت عليه أنه ارتكب انتهاكات أو جرائم حرب في سوريا من العقاب والمحاسبة العادلة بحسب الجرم المرتكب.
ولفت المحامي إلى وجود مخيمات إيواء واحتجاز أطفال ونساء مقاتلي عناصر داعش، وشدد أيضاً على ضرورة دمج النساء المنضمات إلى التنظيم سابقاً، في المجتمع.
ودعا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في وقت سابق البلدان الأوروبية لبذل المزيد من الجهد لاستعادة مقاتليهم، إلا أن الدول الأوروبية تقول إنه يتعين التحقيق مع المقاتلين وملاحقتهم قضائياً لدى عودتهم.
المحامية علا خطاب، قالت لـ"روزنة" إنه يجب التفريق بين نوعين من الأشخاص المنتمين لتنظيم "الدولة الإسلامية"، المقاتلون المنخرطين بشكل مباشر في القتال، والأشخاص المنتمين للتنظيم والموجودون في مناطق سيطرته.
وأضافت، أن المقاتلين الذين شاركوا بالأعمال القتالية يجب محاكمتهم ومحاسبتهم، لدمجهم بالمجتمع بعد المحاسبة، إضافة لدمج الذين لم يشاركوا بالأعمال القتالية.
وقال مدير المركز الإعلامي لقوات سوريا الديمقراطية، مصطفى بالي، إنه من المتوقع استكمال إجلاء المدنيين من آخر جيب لتنظيم داعش شرق دير الزور، موضحاً أن "القوات ستشتبك بعدها مع من تبقى من مقاتلي التنظيم المختبئين هناك"، بحسب وكالة فرانس برس.
وكانت الأمم المتحدة أعربت مؤخراً عن قلقها البالغ حيال وجود نحو 200 عائلة محاصرة في منطقة سيطرة التنظيم في الباغوز.
وأشارت خطاب إلى وجود برنامج "حياة" تقوم به الحكومة الألمانية لدمج المقاتلين العائدين من تنظيم "داعش"، يقوم بدراسة كل حالة على حدة مع عائلاتهم، وأسباب انضمامهم للتنظيم، لدمجهم بالمجتمع.
قد يهمك: شعبان: الأكراد قاتلوا في شرق سوريا بأوامر أميركية
كما لفتت إلى وجود "برامج نزع السلاح والتسريح وإعادة الدمج" برعاية الأمم المتحدة في البلاد الخارجة من الحروب، موضحة أنها برامج تثقيفية توعوية تعليمية، متخصصة بإدماج الشخص بالمجتمع المدني.
وتحتل ألمانيا المرتبة الثالثة من حيث عدد المقاتلين المنضمين لصفوف تنظيم "داعش" في أوروبا بعد فرنسا وبلجيكا، إذ تقول الأجهزة الأمنية أن ثلث هؤلاء المقاتلين الذين سافروا إلى سوريا عادوا إلى ألمانيا، وأنهم رغم خطورتهم يصعب على القضاء إثبات جرائم أخرى في حقهم، باستثناء جريمة الانتماء لمنظمات إرهابية، بحسب مقال نشرته "BBC".
وتطبق الدنمارك برنامجاً مشتركاً مع المجتمع الدولي، يعمل على دراسة لحالات العائدين من مناطق الصراع، ومحاكمة من تورط منهم في القتل، مع السعي إلى إعادة إدماج البقية عبر إرشادهم وتثقيفهم وتمكينهم من كل مقومات العيش الكريم مثل توفير العمل والمسكن والدراسة.
وفيما يتعلق بالنساء الخارجات من مناطق تنظيم "داعش"، اللواتي عملن بالأمور اللوجستية والصحية ضمن سياق جهادي، شددت خطاب على ضرورة دمجهن بالمجتمع، وبخاصة في منظمات المجتمع المدني النسائية.
وقالت الناشطة منى الفريج لـ"روزنة"، إن تنظيم داعش يعتبر أكثر تنظيم شكّل خطورة على الثورة السورية وسوريا والناشطين، لذلك ليس من السهل دمجهم بالمجتمع، وخاصة المقاتلين القادة، إذ يجب محاكمتهم ومعاقبتهم، كل شخص بحسب تصنيفه، فمنهم من انضم للتنظيم ولم يشارك في القتال.
وأشارت إلى أن أطفال مقاتلي داعش من الممكن وبسهولة دمجهم في المجتمع والتخلص من أفكارهم التطرفية.

وفيما يتعلق بالنساء اللواتي كن زوجات لمقاتلي عناصر داعش، يجب علينا معرفة أسباب انضمامهن للتنظيم وزواجهن من مقاتليه، هل أجبرن على ذلك، أم أن السبب كان مادياً، ومن ثم يتم العمل على دمجهن مع الأطفال، بحسب خطاب.
وتنتظر "قسد" إنهاء عمليات إجلاء المدنيين واستعادة مقاتليها المعتقلين لدى تنظيم "داعش" لاتخاذ قرار اقتحام الجيب الأخير للتنظيم في الباغوز شرق دير الزور، وتراوحت تقديرات "قسد" لأعداد المحاصرين في الباغوز بين المئات والآلاف استناداً لقاعدة بيانتها المحدثة تبعاً لشهادات الخارجين.
اقرأ أيضاً: الباغوز... تباطؤ الهجوم مع مغادرة الآلاف بينهم عناصر من داعش
وأجرت "روزنة" استطلاع رأي حول هذه القضية، وطرحت السؤال " هل يمكن إعادة دمج مقاتلي داعش السوريين ضمن المجتمع؟ ولماذا؟" على شريحة مستطلعة في مدينة اسطنبول التركية، وفي ريف حماة والحسكة والرقة في سوريا، وقال بعضهم، إن الذين لم يشاركوا في القتال ولم تتلطخ أيديهم بالدماء من الممكن دمجهم بالمجتمع لأنهم أولاً وأخيراً سوريون، فيما قال آخرون إنه لا يمكن تقبلهم بالمجتمع بعد ارتكابهم الجرائم، ويجب محاسبتهم ومعاقبتهم.
واعتبر آخرون أنه لا يمكن دمجهم بالمجتمع ولن يستطيعوا التعايش لأن لديهم أفكاراً متطرفة، أما فيما لو تخلوا عن أفكارهم ومبادئهم المتطرفة والعقائد التي حملوها، فيمكن عندئذ دمجهم.
وأشار آخرون إلى أن الثورة السورية استوعبت الكثير من المنشقين عن النظام السوري وأثبتوا صدقهم وصلاحهم، ويمكن أيضاً استيعاب مقاتلي داعش ودمجهم من جديد.
وأطلقت "قوات سوريا الديمقراطية" المدعومة من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، في الـ 9 من شباط الماضي، ما وصفتها بالمعركة الأخيرة ضد تنظيم داعش" شرقي سوريا.
يشار إلى أن "قوات سوريا الديمقراطية" سيطرت على معقل تنظيم "داعش" الأبرز في مدينة الرقة، بدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن، بعد أن شنت هجوماً استمر نحو أربعة أشهر بين حزيران/يونيو وتشرين الأول/أكتوبر عام 2017.
واعتقلت "قسد" وقوى الأمن الداخلي التابع لمجلس الرقة المدني، بعد سيطرتها على الرقة، الآلاف من العناصر الذين انضموا للتنظيم، معظمهم كانوا مقاتلين محليين ينحدرون من سوريا، لكن عشائر عربية وشخصيات مجتمعية من أبناء الرقة تدخلت للإفراج عن كل شخص لم يتورط في القتل، أو ارتكب جرائم ولم يتسبب في تهجير المدنيين.
لكن لا توجد إحصاءات رسمية حول عدد المفرج عنهم، أو عدد الذين لا يزالون في السجون بتهمة الانتساب للتنظيم المتطرف.
الكلمات المفتاحية