"أتمنى أن أُكمل تعليمي كي أصبح طبيباً"، يقول مهند الذي عاد إلى مدرسته في الرقة، بعد ثلاث سنوات من الانقطاع، بسبب إغلاق المدارس في ظل سيطرة تنظيم "داعش" على المدينة.
من المفترض أن يكون مهند (11 سنة من الرقة) في الصف الخامس الابتدائي، إلا أنه الآن في الصف الثالث، وعلى رغم ذلك يعبِّر لـ روزنة عن فرحه بالعودة إلى المدرسة قائلاً "الكتب التي ندرسها سهلة وأنا مرتاح جداً في المدرسة".
وتعتمد لجنة التربية والتعليم التابعة لـ "مجلس الرقة المدني"، وعدد من منظمات المجتمع المدني في الرقة، على برنامج "التعلُّم الذاتي" في تدريس الطلاب.
وقال حسين العلي من مدرسة طارق بن زياد للتعليم الأساسي، لـ روزنة، إن "الغاية من برنامج التعلم الذاتي معالجة حالات انقطاع الأطفال عن التعليم خلال سنوات الحرب"، لافتاً إلى أن "المنهاج ساعد المعلم والطالب معاً".
البرنامج هو منهاج تعليمي مكثف مقدم من منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسيف"، يهدف إلى اختصار السنة الدراسية الواحدة إلى مرحلة مدتها ستة أشهر، ينتقل فيها الطالب من صف إلى آخر، وبدأ تطبيقه في بداية السنة الدراسية الحالية، في أيلول 2018.
إقرأ أيضاً: التجنيد الإجباري.. كابوسٌ يلاحق شباب الرقة
وتعرضت مدارس الرقة لدمار كبير خلال المعارك الأخيرة في الرقة بين "قوات سوريا الديمقراطية" المدعومة من التحالف الدولي، وتنظيم داعش صيف عام 2017.
وحوَّل التنظيم معظم المدارس في الرقة إلى مقرات عسكرية وسجون، كما حرم الفتيات من التعليم، وكان يفرض تعليماً شرعياً على الذكور في المساجد.
وأشارت المعلمة رقية الموسى إلى أن "برنامج التعلم الذاتي يختلف عن التعليم الدراسي التقليدي، إذ يرتكز على أربع مواد أساسية تهم الطالب، وهي الرياضيات، واللغة العربية، والعلوم، واللغة الإنكليزية".
وأضافت أن "هذا المنهاج هو الأنسب لتعليم الأطفال حالياً، نتيجةً لظروف الحرب التي أثرت سلباً على العملية التربوية في الرقة".
وبعد طرد التنظيم من المدينة، بدأت لجنة التربية والتعليم التابعة لـ "مجلس الرقة المدني" بالتعاون مع عدد من منظمات المجتمع المدني، العمل على تأهيل المدارس المتضررة وترميمها بإمكانات محدودة.
إقرأ أيضاً: الزواج برجل أصغر سناً... حب أم ظروف عائلية؟
وقال أبو منذر (أبٌ لطفلين في المرحلة الابتدائية في الرقة) إن "على التحالف الدولي بذل المزيد من الجهد لدعم التعليم وإعمار المدارس المدمرة في الرقة، وإعادة تأهيل هذا الجيل الذي حرم من الجلوس على مقاعد الدراسة لخمس سنوات متتالية".
وأضاف أبو منذر أن "هناك ضعفاً في إمكانيات في المدارس وقلة في عددها، الأمر الذي أدى إلى عدم توفر بيئة دراسية جيدة للأطفال في الرقة"، على حد قوله.
(صور من مدارس في مدينة الرقة)
وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) أعلنت في 2015، أن حوالي 670 ألف طفل في سوريا حرموا من التعليم بعد أن أغلق عناصر تنظيم "داعش" مدارسهم إلى حين تغيير المناهج وفقا لعقيدة التنظيم.
في مخيم عين عيسى الواقع في ريف الرقة الشمالي، افتتحت منظمة "وفاق" مشروعاً تعليمياً وفق برنامج التعلم الذاتي، من أجل إعادة تعليم 1122 طالب وطالبة من أبناء النازحين في المخيم.
إقرأ أيضاً: من الرقة إلى دمشق.. رحلة مكلفة ومتعبة لعلاج مرضى السرطان
ويقول المدير التنفيذي في منظمة وفاق، إبراهيم الكواس، إن المنظمة افتتحت المركز من أجل تعليم أطفال النازحين الذين انقطعوا لسنوات عن المدارس، وذلك عبر محو أميتهم أولاً، ثم تدريسهم وفق منهاج التعلم الذاتي.
وبلغ عدد المدارس، التي افتتحتها لجنة التربية والتعليم (313) مدرسة في مدينة الرقة وريفها، تضم نحو (108000) طالب وطالبة، عادوا إلى مقاعد الدراسة من جديد بعد سنواتٍ من الانقطاع عنها.