بصمت مطبق، وهواجس من الخوف، يستعد مسيحيو محافظة إدلب للاحتفال بأعياد الميلاد ورأس السنة لهذا العام.
وغابت الزينة والألوان من المنازل و الكنائس منذ أن دخلت الفصائل العسكرية المحسوبة على تنظيم القاعدة كهيئة تحرير الشام وتنظيم داعش وجند الأقصى إلى المدينة، حيث قام تنظيم داعش بتكسير الصلبان والتماثيل بكنيسة الروم الأرثوذكس في قرية الغسانية في كانون الأول 2013.
و يتوزع المسيحيون في مدينة إدلب “حي وسط المدينة”، جسر الشغور “حي المسيحية في الجسر”، قرية الجديدة، قرية اليعقوبية، بلدة القنية، قرية الغسانية “أنزيك”، قرية حلوز.
خوف من الاحتفال
أم جورج احدى بنات بلدة القنية بريف ادلب ذات الأغلبية المسيحية قالت لـ روزنة؛ سنحتفل بعيد الميلاد لكن بـ سرية كبيرة كما نحتفل منذ عدة أعوام.
وأشارت المرأة السبعينية أن سبب احتفالهم بالسر هو خوفهم من "هيئة تحرير الشام" (النصرة سابقاً).
وتعرض أولاد أم جورج للملاحقة من قبل النظام السوري بسبب مشاركتهم بـ المظاهرت المناهضة للنظام لكنها احتفلت مع عائلتها بأعياد رأس السنة أثناء سيطرة الجيش الحر على المنطقة، وبعد خروج الجيش الحر توالت الفصائل المتطرفة على المنطقة ما جعلها تحتفل خفيةً.
تتحدث ريما ذات الثلاثين ربيعا في مدينة ادلب لنا عن خوفها من الاحتفال بعيد ميلاد السيد المسيح: "لا احتفال هذا العام ولا بالأعوام التي خلت؛ بسبب الخوف والحذر من الفصائل المتشددة المتواجدة في المحافظة".
وتقول ريما: "العيد ليس فقط شجرة ميلاد وقداس، العيد هو أن تجتمع العائلة كلها في منزلنا وعلى مائدة واحدة، أما الآن فالتشتت والهجرة قد سرقت منا بهجة الأعياد".
الاختطاف مصير مرتقب
في الثاني والعشرين من نيسان عام 2013. اختطفت عصبة الأنصار(هي مجموعة مسلّحة مستقلّة ظاهريّاً تابعة لهيئة تحرير الشام. يقع مقرّها الأساسي في ترمانين وتابعة لمحافظة إدلب، وتبعد حوالى 30 كلم عن مدينة حلب)، ويتزعمها الشيخ صالح الأقرع الملقب بأبو سعيد) المطران يوحنا إبراهيم مع المطران بولس يازجي، لينضما إلى قائمة الرهبان المختطفين مع الكاهنَين المخطوفين ميشال كيال وإسحاق معوض.
الخماسيني أبو سركيس من سكان قرية الغسانية بريف جسر الشغور شمال إدلب، يخشى من الاعتقال على يد الفصائل المتطرفة إذا ما احتفل علانية.
أبو سركيس يقول لروزنة: "لم نحتفل على العلن منذ عدة أعوام، خطر الاعتقال أو المسائلة من قبل بعض الفصائل مثل التركستان و تحرير الشام يُشكل هاجساً كبيرا لدينا، رغم أنهم لم يعتقلوا أي أحد منناً مسبقاً لكن هذا لا ينفي الحذر والحيطة منهم، فهم ليسوا مثل الجيش الحر الذي يمكن أن يتفهم عادتنا و طقوسنا الدينية".
تتذكر أم جوني طقوس عيد الميلاد قبل سنوات خلت قائلة؛ كنا نجهز شجرة عيد الميلاد و نعمل على تزيينها بالأضواء قبل عدة أيام من رأس السنة، وتردف؛ حين ننتهي من الطقوس الدينية يستقبلنا "أب الكنيسة" ضمن صالة كبيرة نجتمع ضمنها مع الأقارب والأصدقاء، معتبرةً أنه الشيئ الرئيسي في العيد.
وأدى مسيحيو محافظة إدلب في الريف الغربي لـ المحافظة، مع مطلع شهر نيسان من العام الجاري، قداس عيد الفصح في دير القديس يوسف في بلدة القنية في ريف جسر الشغورفي ظل سيطرة تحرير الشام والحزب التركستاني على المنطقة.
وتتبع قرية القنية تتبع ناحية الجانودية بمنطقة جسر الشغور في محافظة إدلب، و بلغ عدد سكانها 587 نسمة في عام 2014.
أضواء الميلاد صناعة محلية
تفتقر محافظة ادلب الى محالات بيع مستلزمات الزينة الخاصة بأعياد الميلاد ورأس السنة وأهمها شجرة عيد الميلاد، فيلجأ مسيحيي المحافظة إلى صنع مستلزمات الاحتفال بأنفسهم.
تحايلت أم جورج على هذا الوضع، حيث دفعت بابنها الأكبر لقطع رأس شجرة السرو الموجوده في حديقة منزلها، لتجعل منها شجرة عيد ميلاد.
وابتكرت أم جورج زينة الشجرة، لتتحايل على أنوار الطاقة البديلة الملونة من الـ LID، ذلك لصعوبة الحصول على الكهرباء في أواخر الليل، لتحويل نور شجرة الميلاد إلى الطاقة المستخرجة من بطاريات السيارات.
انتهاكات من كل الأطراف
تعرض المسيحيون لانتهاكات واسعة تماما كما حصل لأخوتهم من الطوائف الاخرى في المحافظة، حيث قصف النظام أماكن تواجد المسيحيين أكثر من مرة.
قد يهمك أيضاً: "تحرير الشام" تستهدف أملاك المسيحيين بإدلب.. و"حكومة الإنقاذ" تبرِّر
وكانت روزنة قد نقلت في خبر سابق مطالبة "تحرير الشام" مالكي وقاطني العقارات العائدة ملكيتها لأهالي الديانة المسيحية في مدينة إدلب، تسليمها لـ حكومة الإنقاذ التابعة لها.
ووجهت تحرير الشام بلاغات لمراجعة مكاتبها في إدلب تفضي بتسليم هذه العقارات لـ حكومة الإنقاذ، معتبرةً املاكهم املاك (نصارى).
ويتوزع المسيحيون في مدينة ادلب وبعض القرى في المحافظة مثل جسر الشغور و قرية الجديدة وقرية اليعقوبية وبلدة القنية وقرية الغسانية و قرية حلوز، وهاجرت الغالبية العظمة منهم على خلفية القصف وتصاعد وتيرة الحرب الدائرة في البلاد.