تنتشر في إدلب وريفها شمال سوريا، لعبة إلكترونية جديدة معروفة باسم بوبجي PUBG، وتنقل اللاعبين إلى ساحات معارك افتراضية بمختلف أنواع الأسلحة، وتلقى اللعبة رواجاً كبيراً بين المدنيين والعسكريين، ووصل الشباب هناك إلى حد إدمانها.
"عشرون دقيقة من اللعب تحولني من إنسان يخشى الرصاص إلى مقاتل وسط معركة"، يقول اللاعب عامر خميس (أحد شباب إدلب) لـ"روزنة".
وأضاف خميس، "أمضي نحو 9 ساعات من اليوم في لعب البوبجي... أتحمس لا شعورياً وكأنني انتقلت إلى ساحة المعركة وحياتي في خطر، والرابح من يصمد إلى النهاية".
و"بلاير أنونز باتل غراوندز والمعروفة بـبوبجي – pubg"، هي لعبة "أكشن" يصل عدد اللاعبين فيها في الجولة الواحدة إلى 100، والهدف منها هو القتال، أما الرابح فهو من يصمد حتى نهاية المعركة.
محمد بسمايس (شاب من إدلب) قال لـ"روزنة"، إنه "يعيش في واقع خطر في إدلب فلن يتأثر بواقع اللعبة الافتراضي مهما كانت خطورته"، لافتاً إلى أنه "يهرب من واقعه إلى عالم افتراضي بغرض التسلية".
حسن الجسري، وهو مقاتل في صفوف فصيل معارض، ويمضي 12 ساعة يومياً في لعب البوبجي، قال لـ"روزنة": "لم يتبق معارك حقيقية ضد النظام، فلجأنا إلى المعارك الافتراضية، لعلها تخفف شوقنا لسنوات خلت كنا نخوض فيها معارك حقيقية".
وتنتشر صالات الألعاب في إدلب بشكل كبير، على رغم تعرض أصحابها لمضايقات من الفصائل المسلحة، وشكاوى الأهالي من ضجيج اللاعبين.
صاحب إحدى صالات الألعاب الإلكترونية في إدلب، ويدعى طه إدريس، أوضح لـ"روزنة"، أنه "يلاحق إصدار الألعاب الإلكترونية الشهيرة، التي تتأخر للوصول الى الشباب السوري دوماً، فيقوم بشراء النسخة الأصلية منها ثم يتعلمها كي يعلمها للشبان".
وأضاف أن "لعبة بوبجي هي مجرد لعبة في النهاية، ويلمع نجمها لمدة معينة، لتأتي لعبة جديدة تسبقها شهرةً، فتنسى تلك اللعبة كما نسيت لعبة Counter Strike حين انتشرت بوبجي".
إقرأ أيضاً: "كلاشنكوف" و"بامباكشن" وجبات سوريَّة بطعم الحرب!
وعن المردود المادي، أشار إدريس إلى أنه "كان يجني يومياً نحو 25000 ليرة سورية، أي ما يعادل 50 دولاراً، قبل أن تطلق اللعبة تطبيقاً خاصاً بها على الهواتف المحمولة، إذ هبط الدخل إلى النصف بسبب التطبيق، الذي يُمكِّن اللاعبين من اللعب في منازلهم ومجاناً".
وقال رغيد علواني، أحد لاعبي البوبجي، إنه كان ينفق 3 آلاف ليرة يومياً (6 دولارات) على اللعب في الصالة، قبل أن يكون للعبة تطبيق على الهواتف الذكية، إذ بات اللعب شبه مجاني، على حد قوله.
وعن الأثر النفسي للعبة، قال الطبيب النفسي جلال نوفل لـ"روزنة"، إن "المعارك الافتراضية تمنح تحكماً افتراضياً غير متاح في الواقع، أي انتصارات افتراضية في واقع مخنوق بالهزائم".
وأوضح أن "النظام والفصائل المتقاتلة في إدلب، يحرمون الناس من إدارة حياتهم الواقعية، والتحكم بشروط الحياة، والموت، ويسلبونهم إمكان تحديد مصائرهم، وفي هذه الشروط يسود انغلاق الأفق من دون إمكانية متاحة للخروج منه إلا بالموت أو الهروب".
ولفت إلى أن "الأطفال والشبان يحاولون الهروب من الواقع عبر تحكم افتراضي، ولا يستطيع أحد تقديم مغريات أفضل بديلة لوقف إدمان التحكم، الذي هو أحد أهم مساعي البشر".
ونشرت (وكالة ستيب الإخبارية) صورة قالت إنها لفتوى صادرة عن عبد الله المحيسني، أحد شرعيي "هيئة تحرير الشام"، يحرم فيها لعبة بوبجي.
وجاء في الفتوى أن "لعبة بوبجي فيها العديد من المنكرات، وتفتح باب كبير للفتنة، كما تسببت بطلاق العديد من الأزواج بسبب الاختلاط المحرم".
كما أكد المعالج النفسي، صافي بخصو، لـ"روزنة" أن "لهذه الألعاب تأثيراً سلبياً كبيراً على عقول المراهقين والشباب وتكوينهم النفسي على المدى البعيد".
وأضاف أن "الشباب والمراهقين قد يحاولون تطبيق تكتيكات اللعبة وخططها على أرض الواقع، بخاصة بعد انتشار السلاح شمال سوريا، وسهولة الحصول عليه"، مشيراً إلى أن "الإدمان على اللعبة قد يؤدي إلى مشكلات عائلية، وعدم متابعة التحصيل العلمي".
إقرأ أيضاً: فتوى الزواج في أوروبا.. "يلي إيدو بالمي مو متل الإيدو بالنار"
وبإمكان لاعبي بوبجي، اختيار اللعب منفردين، أو في فريق صغير من 4 لاعبين كحدٍ أقصى، وفي الحالتين الشخص، الذي يبقى حياً حتى نهاية المعركة يكون هو الرابح، وتبدأ الجولة بهبوط اللاعبين من طائرة عبر مظلات ليحطّوا في ساحة المعركة، وتظهر الأماكن، والأسلحة، وحتى الأشخاص بشكل يلامس الواقع.