في اليوم العالمي للعمل الإنساني: مخاطر الحرب ما زالت تلاحق المنظمات الإغاثية بسوريا

في اليوم العالمي للعمل الإنساني: مخاطر الحرب ما زالت تلاحق المنظمات الإغاثية بسوريا
القصص | 19 أغسطس 2018

خلال سبع سنوات مضت، تكبّد الناشطون والمتطوعون والمنظمات الإنسانية الإغاثية مخاطر كثيرة في سوريا لأسباب عديدة منها القصف والحصار واختلاف مناطق السيطرة العسكرية بين الأطراف المتنازعة في جميع المناطق السورية، والتي تهجّر على إثرها آلاف المدنيين، وذلك في سبيل إيصال المساعدات المعنوية والمادية، إن كانت طبية أو غذائية، أو حتى تعليمية، وإنقاذ أرواح الكثيرين، إلا أن العديد من المنظمات الإنسانية ومتطوعيها مازالوا يقومون بنشاطاتهم، متحدين معظم تلك المخاطر.


القصف الجوي أكبر عائق أمام إيصال المساعدات

تتعمّد قوات النظام استهداف المنشآت الطبية بشكل دائم كما تحول دون وصول المساعدات الطبية والغذائية إلى المناطق المحاصرة، حيث أكدت الأمم المتحدة في تقرير لها، أن الهجمات التي استهدفت المنشآت الطبية في سوريا عام 2018 بلغت معدلات قياسية منذ بداية الثورة السورية، حيث أسفرت هذه الهجمات عن 98 حالة وفاة و135 إصابة.

يقول الطبيب أحمد منصور،من منظمة "سوريا للإغاثة والتنمية srd" الطبية لراديو روزنة، أن الطيران والقصف الجوي من أكثر الصعوبات التي يواجهونها، مؤكداً استهداف النظام وروسيا لأكثر من مركز ومشفى تابع لهم خلال الأعوام السابقة، ليتجهوا إلى أماكن أكثر أماناً.

فيما يسبب القصف أيضاً خسارة أو "هجرة" العنصر البشري الطبي، وبالتالي الخدمة المقّدمة للمرضى والمصابين، وهو ما يؤكده منصور، إذ يوضح "بسبب الخطف والأوضاع الأمنية المتردية، هاجر الكثير من الأطباء إلى خارج سوريا، الأمر الذي أدى لصعوبة تأمين الكوادر الطبية، وذلك يعتبر مشكلة رئيسية".

عملت منظمة "سوريا للإغاثة والتنمية srd" الطبية عبر منشآتها في ريف حماة الشمالي، وريف إدلب الغربي والجنوبي وريف حلب، إلى عفرين، على تغطية الحالات الطبية الباردة والمستعجلة قدر المستطاع منذ عام 2013، وخاصة خلال حملات التهجير في ريف دمشق ودرعا وحمص.

اقرأ أيضاً: غوتيريس يدعو لمحاسبة مستهدفي المنشآت الطبية في سوريا

إلا أن مرحلة الحصار التي تقع ما قبل التهجير في معظم حالات سورية، احتاجت أيضاً إلى عناية وتقديم مساعدات وخدمات، وهو ما يشرح عنه عضو إدارة فريق ملهم التطوعي ملهم أبو شعر ، إذ يقول لـراديو روزنة "قسم حملات الاستجابة والحملات الإنسانية من أكثر الأقسام خطورة وصعوبة للفريق، حيث نفّذ عدة حملات استجابة إنسانية بمناطق محاصرة مثل الغوطة الشرقية، وحلب ومضايا وريف حمص، فيما كان المتطوعين في المناطق المحاصرة خلال القصف الجوي يعملون على إيصال المساعدات إلى المدنيين في الأقبية والملاجئ، معرّضين أنفسهم للموت، للتخفيف قدر الإمكان من معاناة المدنيين.".

ووثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مقتل 112 عنصرا من الكوادر الطبية وفرق الدفاع المدني ومنظمة "الهلال الأحمر"، و243 اعتداء على مراكز حيوية على يد مختلف القوى العسكرية المتواجدة في سوريا خلال عام 2017.

الدعم بين التوقف والاستمرار

يقلق هاجس توقّف الدعم، الكثير من المنظمات السورية المعينة بالإغاثة وتقديم الخدمات للسوريين، وهو ما يؤكد عليه الطبيب أحمد منصور إذ يقول "الكثير من المنظمات العالمية توقف عملها لأسباب خاصة أو دولية، أو بسبب تدخل العسكرة في بعض الأمور" مضيفاً  لافتاً إلى أن مشاريع منظمة "سوريا للإغاثة والتنمية" في ازدياد نتيجة نجاح النشاطات والتقارير المضبوطة المرفوعة للداعم، الأمر الذي يزيد الدعم وبالتالي زيادة عدد المشاريع التابعة للمنظمة، حيث وصل عدد المستفيدين من المنظمة سنوياً بين 700 إلى مليون نسمة.

فيما يختلف الموضوع بالنسبة لفريق ملهم التطوعي، إذ يقوم الفريق الذي أسسه عام 2012، طلاب جامعيين متطوعين، بالاعتماد على التبرعات الفردية، وهو ما يقول عنه ملهم أبو شعر " نحن كفريق لم نعتمد على المنظمات المانحة والداعمة، وإنما كان اعتمادنا على التبرّع الفردي منذ تأسيس الفريق، الأمر الذي لم يؤثر على عملنا شيئاً، وإنما زاد وتوسّع لتوسُّع نشاطات المنظمة التطوعية".

ويضيف أبو شعر، من عام 2016، تم إطلاق الموقع الأول من نوعه في الوطن العربي لجمع التبرعات الإلكترونية، وكانت كل الأموال التي تم جمعها للسوريين في الداخل السوري وفي دول اللجوء عبارة عن تبرعات فردية، لم يكن للمتطوعين أي نسبة فيها، الأمر الذي أعطى مصداقية للفريق بموضوع الدعم.

واستطاع فريق ملهم التطوعي الوصول إلى نحو مليون مستفيد منذ تأسيسه، إضافة إلى أكثر من 4 آلاف حالة طبية، وأكثر من 1500 كفالة يتيم، فضلاً عن وجود مراكز تعليمية تخدم أكثر من 1400 طالب، و180 طالب جامعي تمت كفالة دراستهم إلى الآن، بحسب أبو الشعر، وهو يشغل مدير قسم التعليم في المنظمة.

مخاوف وعقبات

إلا أن الفريق واجه عقبة في موضوع التبرعات الإلكترونية – كما يوضّح أبو شعر – عبر إيقاف برنامج الباي بال في تركيا مثلاً أو تغيير بعض القوانين "لكن على مستوى المتبرعين لم توجد أية مشاكل" لافتاً إلى أن "جميع طلبات الكفالة التي انتشرت على الموقع تم مساعدتها".

كذلك من بعض الصعوبات التي واجهت المنظمة المرخّصة حالياً، الأمور القانونية والترخيص المتعلق بالدول المستضيفة، مشيراً إلى أنهم رخصوا الفريق بأكثر من دولة حول العالم كمنظمة لجمع التبرعات بشكل رسمي.

اقرأ أيضاً: دراسة: الرعاية الصحية في سوريا باتت "سلاح حرب"

فيما يؤكد أبو الشعر أن مخاوفهم على عكس باقي المنظمات الإنسانية التي تعتمد على دعم دولي خارجي والذي انقطع عن كثير، وتكمن في إظهار حجم الكارثة والمعاناة الحقيقية للشعب السوري.

وأشار إلى أنه بعد سبع سنوات من الثورة السورية، آلاف المدنيين خسروا منازلهم، وآلاف المهجرين، إضافة لآلاف الإعاقات، ومئات الآلاف بدون معيل، الأمر الذي يزيد المسؤولية وحجم الكارثة مع كل يوم زائد من عمر الثورة.

التحديات في إيصال معاناة المدنيين إلى الجهات الداعمة

مع الكم الهائل من الكوارث التي تترافق مع قصف النظام للمناطق المأهولة بالسكان، تكمن مهمة المنظمات الإنسانية بإيصال معاناة هؤلاء المدنيين، إلى الداعمين أو العاملين المتبرعين مع المنظمة للفت نظرهم، من أجل الاستمرار في العمل دون كلل أو ملل، وللحديث عن المعتقلين، والمصابين وكل ما يدور داخل سوريا من أحداث.

يوضح ملهم أبو شعر "الحاجة موجودة، فنحن مسؤولون عن مئات آلاف الناس وإيصال أصواتهم إلى الخارج، لنخفف عنهم قدر المستطاع".

ويشير أبو الشعر إلى أن كثير من أهالينا في الداخل السوري فقدت ثقتها بالمنظمات بسبب نماذج سيئة خلال سنوات الثورة، من سوء التعامل مع الأفراد، إلى استخدام المناصب الوظيفية في استغلال لقمة عيش المحتاجين، مبيّناً أن هذه الصورة عكست بشكل سلبي على عمل المنظمات الإنسانية ككل، لكن على حد قوله يوجد الجانب الإيجابي والسلبي في آن معاً.

تبقى المهمّة الموكلة للمنظّمات العاملة في الحقل الإنساني في سوريا كبيرة، بالرغم من تقلّص المساحة التي تسيطر عليها المعارضة السورية، إذ مازال هنالك سوريون كثر في الداخل السوري ودول اللجوء بحاجة إلى دعم لا يتوفّر لهم من أي جهة أخرى.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق