في حماة.. "سيارات المدنيين ملك للدولة ولا يحق للمواطن الاعتراض"

في حماة.. "سيارات المدنيين ملك للدولة ولا يحق للمواطن الاعتراض"
القصص | 14 أغسطس 2018

شهدت خلال الآونة الأخيرة، مناطق متفرقة من مدينة حماة، الخاضعة لسيطرة النظام السوري، تزايداً ملحوظاً في حالات مصادرة السيارات الخاصة التابعة للمدنيين، وسطَ مخاوف يعيشها الأهالي تحول دون تمكنهم من مزاولة أعمالهم ومشاغلهم على هذه السيارات.

 
وتنتشر هذه الظاهرة، التي تُصادرُ فيها السيارات، خصوصاً منها المغلقة، والبيك آب والتي تستخدم لغايات الشحن تحت مصطلح "التعباية"، حيثُ تُرسل فيما بعد غالباً، إلى مناطق الاشتباكات والمناطق الساخنة عسكرياً، ولنقل الذخيرة والطعام، حسب شهادات حصلت عليها "روزنة" لمدنيين.
 
وبحسب مدنيين كانوا عرضةً، أو تعرضت سياراتهم للمصادرة، تحدثت إليهم "روزنة"، فإن دوريات في الشوارع الفرعية والرئيسية، يقوم بها عناصر الشبيحة، بهدف مصادرة سيارات من نوع "سوزوكي، وبيك آب، وسيارات الشحن" بشكل خاص، وأن المسؤولين غالباً هم عناصر المطار العسكري.
 
ويروي "محمد" وهو أبٌ لـ 3 أطفال لـ "روزنة"، قصة مصادرة عناصر من الشبيحة لسيارته من نوع "سوزوكي"، والتي تعتبر مصدر رزقه الوحيد، حيثُ يستخدمها في نقل البضائع للتجار.
 
وقال "محمد"، في أحد الأيام، وأنا أعمل على سيارتي، ظهرت أمامي دورية مشتركة كانت مختبئة بأحد الشوارع الفرعية، ليطلب عناصرها مني أوراق السيارة، قبل أن يأمروني بإعطاء مفاتيحها، لأحد العناصر، لينقل بها الذخائر إلى المطار". 
 

وحين عبر "محمد" عن اعتراضه تنفيذ طلب عنصر الدورية، أجابه أحد الضباط بأن "سيارات سوريا، للدولة، ولا يحق للمواطن الاعتراض، وإن خدمة الوطن فوق الجميع"، على حد وصفه.
 
وبعد أن ساءت حالته المادية، إثر مصادرة سيارته، تحول "محمد" إلى بائع عربة متجولة، بهدف تأمين لقمة عيشه مع أطفاله، وكذلك، المبلغ المالي، الذي قد يحتاج أن يدفعه لعناصر الشبيحة، عند طلبه منهم إعادة السيارة.
 
وبعد مرور أشهر عدة من فشل معظم محاولات "محمد" بالعثور على سيارته، والتي دفع خلالها مبالغ مالية طائلة للشرطة والشبيحة أملاً منه بالحصول على إجابة، اتصل به أحد العناصر في المطار، ليخبره بعودة سيارته قائلاً "أحضر الرافعة، والحلوان".
 
ويقول محمد، "كلفني الحلوان 10 آلاف ليرة سورية، فيما كانت أعطال السيارة بالغة، واضطرت دفع مبلغ قدره 50 ألف ليرة لإصلاحها".
 
وفي حادثة أخرى، كانت سيارة "رامي" من بين عدد كبير من سيارات البيك آب التي صادرها عناصر الشبيحة، أثناء مداهمتهم منطقة "سوق الهال" في المدينة.
 
ويقول "رامي" لـ "روزنة"، لقد ذهبت إلى المطار العسكري مراراً للسؤال عن مصير سيارتي دون جدوى، حيثُ قال لي أحد الضباط ذات مرة، أن السيارة أعجبت صديقه، وقد أرسلها له، وعندما يعيديها، ستعود ألي".
 
وبعد مرور ما يزيد عن عامٍ على تلك الحادثة، ومع فقدان "رامي" كافة خيوط الأمل في العثور على سيارته واستعادتها، وجدَّ في زيارة قام بها في إحدى المرات إلى مدينة "سَلميّة"، سيارةً مركونة معطلة على قارعة الطريق، تبين لاحقاً أنها سيارته.
 
وفي وقتٍ لا توجدُ فيه مدة محددة أو تقريبية لفترة احتجار هذه السيارات، فإن ما يحصل غالباً، هو إما أن تُعاد السيارات لأصحابها وهي في حالة مزرية، مليئة بالأعطال، أو أن يتم رميها على قارعة الطريق.
 
وفي بعض الحالات، يتمكن المدنيون من أصحاب السيارات المعرضة للمصادرة، من تجاوز الخطر، عبر دفع أموال مالية للعناصر، لكن الموقف الذي تعرض له "سعيد"، لم يكن ليُحسد عليه أبداً.
 

ويقول "سعيد" الذي يعمل في نقل البضائع في سيارته من نوع "سوزوكي" على خط حماة حمص، "كنت أسافر على ذلك الخط، عندما أوقفني حاجزٌ طيار، طلب مني عناصره أوراق السيارة، فحاولت سارعاً لعرض مبلغ مالي بسيط للحيلولة دون خسارة السيارة".
 
وبعد أن رفض الضابط العرض الذي تقدم به "سعيد"، طالبه بدفع 200 ألف ليرة سورية ليبقي على سيارته، في حين أوضح "سعيد"، دفعت المبلغ وقلبي يعتصر. لقد كنت أدخر هذه الأموال، لإجراء عملية جراحية لأحد أطفالي".
 
وأفاد أحمد لراديو روزنة: أنه تم اصطحاب والده مع السيارة التي يعمل عليها لمناطق الاشتباكات وفقد الاتصال معه وبعد مرور عدة سنوات على اختفاء والده مع سيارته تم إرسال خبر وفاته على جبهات ريف حماة إثر سقوط قذيفة على شاحنته المحملة بالذخيرة مما أدى إلى احتراقها ووفاته.
 
ولجأ عددٌ كبير من السوريين من أرباب العائلات محدودة الدخل، للعمل على السيارات الصغيرة، والسوزوكي والبيك آب، بسبب ارتفاع مستوى البطالة بشكل كبير جداً على إثر الظروف التي تعيشها البلاد.
 
يشارُ إلى أنه ورغم إصدار رئيس اللجنة الأمنية في حماة قراراً يقضي بإيقاف "التعبئة" وإعادة كافة السيارات المصادرة لأصحابها، شهد اليوم التالي للقرار، مصادرة خمسة سيارات سوزوكي من سوق الهال و3 سيارات على دوار القلعة، بحسب شهادات مدنيين.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق