تمتلئ صفحات الفيسبوك الخاصة بالسوريين المناهضين للنظام السوري بمئات صور الشبان المعتقلين والذين ارتقوا في سجون المخابرات السورية.
ورغم عدم وجود قائمة واضحة بالأسماء، ينتشر بين الصفحات عبر وسائل التواصل الاجتماعي الأخبار المتناقلة عن تسليم البلديات قوائم للمعتقلين الذين قضوا. ولعل أكثر الصدمات كانت هو الحديث عن تسليم قوائم تحوي أسماءَ ألف شخصٍ من منطقة داريا وحدها.
وأعلنت صفحة تنسيقية أهالي داريا في الشتات عن توثيق أسماء 68 شخصاً استلم ذووهم وثائق تؤكد وفاتهم تحت التعذيب في سجون النظام منهم 7 نُفذ بحقهم حكم الإعدام في سجن صيدنايا العسكري بتاريخ 15-1-2013.
ونقلت الصفحة عبر الفيس بوك عن مصادر من السجل المدني في داريا أن النظام السوري قام بإرسال قائمة فيها بين 950 و 1000 اسماً، ارتقوا تحت التعذيب على أن يكون هُناك قائمة ثانية سترسل بعد فترة.
وحسب الصفحة فقد "بلغ عدد المعتقلين قبل استصدار إخراجات القيد 2809 معتقل موثقين بالاسم، بالإضافة إلى 122 مفقود، إلا أننا نتوقع أن الرقم هو بحدود 3400 معتقل".
وبلغ عدد سكان داريا حسب الإحصاء المنجز في عام 2007 ، 255 ألف نسمة، قبل أن تشهد أولى مظاهراتها ضد النظام السوري يوم الجمعة في الخامس والعشرين من شهر آذار 2011.
وبتاريخ الـ 23 من شهر تموز الجاري، تم الإعلان عن قائمة أخرى تم تسليمها الى دائرة النفوس في مدينة يبرود بالقلمون تضم 30 اسماً.
اقرأ ايضاً: داريا تنعي الناشط السلمي يحيى شربجي و شقيقه معن
ووفق ما نقل موقع "صوت العاصمة" الإخباري، فإن القوائم تم تعليقها في دائرة نفوس يبرود، الاثنين 23 من تموز، وعليها إشارات بضرورة مراجعة الدائرة لاستكمال معاملة الوفاة.
ونقل الموقع عن شهود عيان، أن تاريخ وفاة المعتقلين تعود إلى عامي 2014 و2015، وتعود أسباب الوفاة حسب ما تم ذكره إلى عوارض صحية، أبرزها "السكتة القلبية".
وكشف عن عدد كبير من جثث ضحايا التعذيب في مجموعة الصور المعروفة باسم صور"سيزر" ،إضافة إلى تأسيس رابطة عائلات قيصر والتي تعمل على تحقيق عدد من الأهداف منها تسليم رفات الضحايا وإعادة دفنهم بشكل لائق يحترم الكرامة الإنسانية ومشاعر أهاليهم ووفق شعائرهم الخاصة.
شهادات وفاة من دون جثث
وأطلق نشطاء وحقوقيون سوريون، وثيقة حقوقية تطالب بتسليم جثامين المتوفين أو المقتولين تحت التعذيب في سجون النظام السوري إلى ذويهم، بالتزامن مع مواصلة النظام السوري الكشف عن قوائم من المعتقلين الذين قضوا في سجونه، من دون تسليم أي جثة حتى الآن إلى أسرته.
ويعمد النظام السوري إلى تسليم شهادات الوفاة من دون تسليم أي جثة، وانما فقط يعمد إلى نشر قوائم اسمية، يمكن لأهالي المعتقلين استخراج قيد للشخص المعتقل حتى يتبين أن النظام السوري قد وفاه ضمن السجلات المدنية.
اقرأ ايضاً: وثيقة قانوينة تطالب بتسليم جثامين المقتولين في سجون النظام إلى ذويهم
وبين الحقوقي "بسام الأحمد" لراديو روزنة أن هذه الوثيقة موجهة إلى طيف واسع من المستهدفين، مثل الشركاء والمنظمات السورية الفاعلة، والدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي، والمبعوث الأممي إلى سورية، إضافة إلى عدد من اللجان والمنظمات الحقوقية، لافتاً إلى وجود محاولات للتحشيد بهدف إنضمام عدد من المنظمات الحقوقية الفاعلة للتوقيع عليها.
كما أشار الحقوقي السوري إلى أن الهدف من إصدار الوثيقة هو تضمين ملف المعتقلين والمختفين ضمن أي مفاوضات سلام مقبلة سواء في أستانة وسوتشي، أو أي اجتماعات أخرى، منوهاً إلى تزامن إطلاق الوثيقة مع موعد اجتماع أستانة المقبل الذي يعقد نهاية الشهر الجاري، ومع توجه وفد من الأمم المتحدة خاص لمتابعة ملف المعتقلين والمفقودين في السجون السورية.
لقاء مع الحقوقي السوري "بسام الأحمد"
وضمت القوائم التي سلمها النظام السوري، أسماء بأوائل الناشطين السلميين، ومنهم "يحيى شربجي ومجد خولاني وشقيقه عبد العزيز، ومازن شربجي" بالإضافة إلى آخرين.
ولم يشفع لهؤلاء الناشطين ما تم توثيقه عن نداءاتهم بالحفاظ على سلمية المظاهرات ورفض السلاح، والتأكيد على ضرورة الحراك المدني الخالي من العنف.
وكتب مجد الخولاني قبل اعتقاله، "دماء السوريين محرمة ولو كانوا من الجيش أو الأمن".
"يحيى شربجي" والذي وثقت مشاهد الفيديو العديد من المحاضرات والنداءات بضرورة الحفاظ على السملية ورفض السلاح، ارتقى يوم 15-1-2013 أي بعد نحو شهر تقريباً من وفاة "معن" بتاريخ الـ 13-12-2013.
آخر ظهور ليحيى كان في السادس من شهر حزيران من عام 2012 في إدارة المخابرات الجوية حسب منظمة "العفو" الدولية.
ومن أبرز الجمل التي كان يرددها يحيى، "أن أكون مقتولاً خير من أكون قاتلاً.."، وبهذا السرد كان يحاول إقناع المشاركين في الثورة السورية من عدم الانجرار وراء العمل المسلح.
عدم تسليم الجثث لا يعفي من المسؤولية
ويقول مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان "فضل عبد الغني"، لا يمكن اعتبار تسليم شهادة الوفاة وتوفية المعتقلين في دوائر النفوس تخفيفاً من مسؤولية النظام السوري القانونية.
وأضاف "عبد الغني" في اتصال هاتفي مع راديو روزنة بأن النظام السوري يسير وفق منهج للوصول إلى تبييض السجون، وهي خطوة لا تعفي النظام أبدا من المساءلة، حتى لو كتب الطبيب الشرعي التابع للنظام بأن المعتقل توفي نتيجة سكتة قلبية، حيث لا يوجد قضاء مستقل يثبت ذلك.
وعن المختفين قسرياً يرى "عبد الغني" أن عدم تسليم النظام للجثة هو إدانة للنظام، وهو عدم الكشف عن مصير المعتقل، وبالتالي يمكن طرح التساؤل المشروع، "كيف مات ولدي عندك وأنت كنت تخفي وتنكر وجوده لديك؟!".
عبد الغني ناشد عبر روزنة أهالي المعتقلين والمختفين ممن تبلغوا بوفاة ابنهم أو لم يتبلغوا بعد، ناشدهم مراسلةَ المنظمات ومن بينها الشبكة السورية لحقوق الإنسان، بكل ما يملكونه من وثائق، ومعلومات، ليتم لاحقاً محاسبة المجرمين.
لمتابعة كامل اللقاء: حقوقي: اخفاء جثث المعتقلين في السجون لا يعفي النظام السوري من المسؤولية
و سبق أن أعلنت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" أنها وثَّقت مقتل أكثر من 13 ألف شخص في سوريا بسبب التعذيب منذ آذار 2011، أغلبيتهم قضى على يد قوات النظام السوري.
وحول المعتقلين، أشار تقرير الشبكة إلى أن "ما لا يقل عن 121 ألف شخص لا يزالون قيد الاعتقال التعسفي أو الاختفاء القسري منذ آذار 2011، حوالي 87 في المئة منهم لدى النظام السوري".
ونال احالة ملف المعتقلين من نقاشات جولات جنيف إلى محادثات استانا تخوف حقوقيين و عاملين في حقوق الانسان من تحول الملف إلى ملف تفاوض بيد العسكريين بدل ان يكون خاضعاً لمقررات الامم المتحدة.
وحسب تصريحات لأحمد طعمة رئيس وفد المعارضة غلى استانا أن أول تحرك جدي واضح المعالم في ملف المعتقلين كان في الاجتماع المنعقد بتاريخ في 21 كانون الأول 2017، وان النتائج المترقبة في هذا الملف ارتبط باللقاء الدولي بين الدول الضامنة وهي تركيا و روسيا وايران والذي يفترض انه وضع الاليات التنفيذية لانجازه.