أثار هبوط قيمة الليرة التركية مخاوف لدى أغلبية السوريين المقيمين على الأراضي التركية، إذ بدأت الأسواق تشهد ارتفاعاً في أسعار السلع الأساسية، ورافق ذلك ارتفاع في بدلات إيجار المنازل، وسط توقعات بارتفاع أسعار المحروقات وأجور النقل، في حال لم تستقر الليرة.
وهبطت قيمة الليرة التركية الأسبوع الماضي، بشكل كبير أمام الدولار لتسجل 4.92 ليرة للدولار الواحد، وذلك بعد استقرار لمدة أشهر على سعر 3.8 ليرة للدولار.
أبو محمود، عامل، قال لـ روزنة إن "تراجع الليرة أثَّر بشكل كبير على المستوى المعيشي لأسرته"، موضحاً أنه "بات يحتاج حالياً لنحو 100 ليرة تركية كمصروف يومي لأسرته، بعد أن كانت الـ 50 ليرة تكفي".
وأبدى أبو محمود، تخوفاً من تأثر عمله بانخفاض سعر الليرة التركية، وما تبعه من توقف لبعض الورشات والمعامل السورية، ووصف أثر بقائه شهراً في تركيا دون عمل بأنه "خربان بيت".

وقال مدير التسويق في "روزنة" خالد الأغا إن "كثير من السوريين في تركيا لا يملكون قوة شرائية كبيرة، وبالتالي هم مضطرون إلى شراء حاجياتهم بشكل شبه يومي، أي أنهم سيكونون المتضرر الأول من تراجع قيمة الليرة، وما يتبعها من ارتفاع الأسعار".
وأضاف أن "الأسعار في الأسواق التركية لم تشهد تغيراً مباشراً بالتزامن مع تراجع الليرة"، مشيراً إلى أن "المستهلك سيلحظ ارتفاع أسعار أغلبية المواد بعد نحو شهر في حال لم تعد قيمة الليرة إلى ما كانت عليه".
ويبلغ متوسط دخل معظم العمال السوريين الشهري في تركيا بين 1000 ليرة و2200 ليرة، في حين يصل بدل آجار المنزل للسوريين في المدن التركية إلى 800 ليرة، الأمر الذي يحتم عمل فردين أو ثلاثة من الأسرة الواحدة.
إقرأ أيضاً: تعديل "شهادات" السوريين.. مدخل لسوق العمل التركي
ولا يحصل السوريون الذين يعيشون في المدن التركية وتقدر أعدادهم بنحو 2.8 مليون شخص، على مساعدات إنسانية تكفيهم معيشتهم، إذ توزع على نسبة قليلة منهم مساعدات مادية تصل إلى 800 ليرة شهرياً.
ويعيش نحو 400 ألف سوري في مخيمات أعدتها لهم الحكومة التركية بالتعاون مع منظمات دولية، وتنتشر تلك المخيمات قرب الحدود السورية.
توقف شبه تام لنشاط الصناعيين والتجار السوريين بتركيا
قال مدير شركة البركة حسين المحيميد في غازي عنتاب، لـ روزنة أن "تراجع قيمة الليرة التركية أدى إلى توقف شبه تام لنشاط التجار والمستثمرين السوريين في تركيا"، موضحاً أن "الكثير من الصناعيين السوريين يفضلون تجميد أنشطتهم المالية إلى حين ثبات سعر الليرة".
وأضاف أن "التاجر الذي يستورد المواد من خارج تركيا أي بالدولار يخشى من خسائر كبيرة، لأن التكلفة باتت مع تراجع قيمة الليرة، أكبر من سعر المنتج في السوق التركي".
ماذا عن تأثر البضائع الداخلة من تركيا إلى سوريا؟
وقال مدير المكتب الإعلامي في معبر باب الهوى، مازن علوش لـ روزنة، إن الحركة التجارية على المعبر تأثر بشكل إيجابي مع تراجع قيمة الليرة التركية.
وأوضح أن عدد السيارات الشاحنة المحملة بالسلع، التي تدخل سوريا يومياً من تركيا ارتفع خلال الـ 15 يومياً الأخيرة وبلغ عدد السيارات التي تمر بالمعبر يوميا بنحو 300 سيارة.
كما رجَّح المحيميد، أن يؤثر تراجع قيمة الليرة التركية إيجاباً على الأسواق في الداخل السوري، لان قيمة البضاعة الداخلة من تركيا تدفع بالدولار، أي أن التاجر بات بإمكانه شراء كميات أكبر بنفس السعر.

وتنتشر البضائع التركية بشكل كبير في شمال سوريا وبخاصة المناطق المحاذية للحدود التركية بريفي حلب وإدلب، إذ تعتبر تركيا هي المنفذ التجاري الوحيد لتلك المناطق.
ويربط تركيا بالحدود السورية 3 معابر جميعهاً تضم خطاً تجاريا وهي، باب السلامة، باب الهوى، وافتتح مؤخراً معبر جرابلس.
وكانت الليرة التركية تسجل 2 ليرة أمام الدولار أواخر 2013، وفي عام 2014 وصلت إلى 2.5، وتجاوزت الـ 3 ليرات في 2015، وواصلت تراجعها بعد محاولة الانقلاب في تموز 2016.
وعود حكومية بتعافي الليرة
واتخذت الحكومة التركية عدة إجراءات بعد التراجع الكبير لقيمة الليرة، إذ رفع البنك المركزي التركي سعر فائدة الإقراض من 13.5% إلى 16.5%، الأمر الذي أدى لتعافي الليرة جزئياً.
كما وعد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان باتخاذ إجراءات بعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية القادمة لمكافحة التضخم وتعزيز العملية الوطنية، إذ وصل معدل التضخم في تركيا إلى 10.85% في نيسان الماضي مقارنة بنيسان 2017، وذلك رغم نمو الاقتصاد التركي بنسبة 7% العام الماضي.
قد يهمك: هل أنت مريض وتود الصيام؟..إليك هذه النصائح
ويبقى التساؤل هل يشكل العامل الاقتصادي دافعاً لعودة اللاجئين السوريين من تركيا إلى سوريا، أم أن عودتهم مرتبطة بالوضع السياسي في سوريا وفي تركيا خاصةً؟