مدينة السويداء.. معتقل كبير دون جدران

مدينة السويداء.. معتقل كبير دون جدران
القصص | 28 أبريل 2018
المعتقل الكبير، هكذا يصف أهالي السويداء حالهم في سوريا منذ سبع سنوات، فمنذ تزايد عدد المطلوبين للخدمة الإلزامية في جيش النظام السوري، ووقف تسريح الدورات التي كانت قبل العام 2011 في الخدمة أصلاً، وارتفاع أعداد الشباب الملحقين بالخدمة الإجبارية بصفة احتياط، فبات اليوم أكثر من 30 ألف مطلوب للخدمة العسكرية في محافظة السويداء.

(عمر).. شاب في الثلاثينات من العمر يقول "خلص العمر وانا بمكاني أريد أن أذهب إلى الجامعة مع أصدقائي وأسهر وأغني، كنت هناك لا أعرف من أخدم في الوطن، ما عاد في وطن ولم نعد نعرف عمن أو لماذا ندافع، لم أعد أحس بشيء، كانت أيامنا خالية من أي معنى سوى السلب والنهب، النصب الاحتيال".

ويتابع عمر "الكل يريد أن يفرض سلطته بالقوة ونحن يجب أن ننفذ.. خلال الأربع سنوات كنت أقول إن شاء لله هذا الشهر اتسرح ولكن في كل مرة أرى أنه من المستحيل أن أتسرح فقررت الذهاب إلى البيت وعدم الرجعة..".

إقرأ أيضاً: ماذا يحصل في السويداء؟

عمر لا يزال طالباً في السنة الدراسية الرابعة في كلية الإعلام، خدم أربع سنوات في الجيش تابع خلالها في الجامعة.

ويواجه اليوم الشاب العشريني تهمة الفرار العسكري من الخدمة الإجبارية بعد أن قرر عدم العودة إلى قطعته العسكرية.

ويقول عمر"بدأت منذ لحظة الفرار من الخدمة العسكرية أواجه مستقبلاً آخر، فأنا اليوم لن أكون قادراً على مغادرة المحافظة والتقدم للامتحانات الجامعية وهذا يعني لا أمل في التخرج من جامعتي".
يبحث عمر عن حلم جديد عسى أن يحققه في المكان الذي اختاره، هذا عدا عن الظروف النفسية المريعة التي مرّ ويمر بها.

وينص قانون العقوبات العسكري على حبس الفار من الخدمة الاجبارية من ثلاثة أشهر حتى ثلاث سنوات.
وإذا ارتكب الفعل في زمن الحرب تصل العقوبة إلى الأشغال الشاقة مدى الحياة.

الشاب (أكرم) كانت لديه مخاوف مختلفة جعلته فاراً عن الخدمة الاجبارية، ويقول عنها "منذ عام 2011 لم يتم تسريح أي دفعة، إضافةً إلى عدم وجود إجازات لمدة طويلة، وضعف الرواتب، وعدم وجود رعاية صحية مناسبة للجرحى وإهمال مصابي الحرب".

وفرّ حوالي خمسين شاباً في منتصف صيف عام 2015 من ثكنة سد العيّن، التي تعتبر مركزًا لتجميع الملتحقين بالخدمة العسكرية قبل فرزهم على قطاعات الجيش المختلفة، وتوجهوا إلى بلدة المزرعة لطلب الحماية من الشيخ وحيد البلعوس، الذي عرف بعدائه مع القوى الأمنية.

قد يهمك: أبواب سرّية.. وسيقان مكسورة.. مفاتيح الهرب من "العسكرية السورية"!

يذكر أن هذا الفرار جاء بعد ضمانات قدّمها مشايخ في السويداء بأن الخدمة ستكون داخل المحافظة وليس خارجها، وكان أهمها البيان الذي أصدره شيخ العقل حكمت الهجري، الذي تعهد أن يقضي من يقوم بتسليم نفسه من المتخلفين، خدمته داخل أراضي السويداء.

في عام 2015 أصدرت رئاسة مجلس الوزراء في حكومة النظام قراراً يقضي بفصل 54 موظفاً من الخريجين الجامعيين بين طبيب بشري وطبيب أسنان وموظفين في مديرية التربية وغيرهم، معظمهم من محافظة السويداء، وذلك بسبب تخلفهم عن أداء الخدمة الاحتياطية في صفوف قوات النظام، علماً أن بعضهم يتجاوز عمره الأربعين عاماً.

العديد من شباب السويداء لا يجدون نفعاً من الالتحاق بجيش النظام السوري ليس لعدم رغبتهم في خدمة الجيش أو خوفاً من الحرب والقتال، بل لعدم قناعتهم بهذه الحرب العبثية، ولرفضهم المشاركة في سفك الدماء السورية.

(فادي).. عمل موظفاً في مديرية التربية لسبع سنوات، قاموا باستدعائه إلى "الاحتياط" ليأتي فصله نتيجة رفضه الالتحاق، يقول "كنت أفكر أن أذهب ولكن من أجل من سأحارب، بالنهاية ستكون الحرب حتى الموت، فضّلت أن أخسر الوظيفة ولا أخسر حياتي".

ورغم حرية الحركة المتاحة للمطلوبين داخل السويداء إلا أنهم لا يستطيعون الخروج من المحافظة، أو إجراء أي معاملة قانونية ضمن دوائر حكومة النظام.

عشرات الآلاف من المطلوبين باتوا عاطلين عن العمل، ومن خلفهم آلاف من الأُسر ساء وضعها المادي، ملاحقة المتخلفين عن جيش النظام دفعت قسماً كبيراً من الشباب إلى السفر والهجرة هرباً من الوضع الاقتصادي المتردي ومن الخدمة الإلزامية، فيما بقي عدد كبير محتجز ضمن حدود مدينة السويداء الإدارية.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق