ماذا يحصل في السويداء؟

ماذا يحصل في السويداء؟
تحقيقات | 31 مارس 2018
تباينت ردود الأفعال على تشكيل "قوات شيخ الكرامة" في السويداء، ودعوتها إلى الثأر لقتلى تفجيري 2015، وعلى رأسهم زعيم حركة "مشايخ الكرامة" الشيخ وحيد البلعوس.

وترافق الإعلان عن تشكيل "قوات شيخ الكرامة"، مع نشر القائمين على التشكيل تسجيلاً يظهر اعترافات لشخص يدعى أحمد جعفر الملقب بـ "أبو ياسين" بعد خطفه على طريق القريا -العفينة بريف السويداء، كما اعترفت الحركة بتصفية "أبو ياسين"، ووجدت جثَّته مرمية في ساحة المشنقة وسط السويداء.

وأشار "أبو ياسين" في اعترافاته إلى تورط الأمن العسكري في السويداء وحزب الله اللبناني في قضية اغتيال الشيخ وحيد البلعوس في أيلول 2015، عبر تفجيرين أوقعا عشرات القتلى والجرحى.

ما هي علاقة "قوات شيخ الكرامة" بحركة "مشايخ الكرامة"؟

بعد استهداف موكب الشيخ وحيد البلعوس وعدداً من رفاقه بالتفجير عام 2015، استلم قيادة "مشايخ الكرامة" بعد ذلك أخوه المصاب، ومن ثم ذهبت القيادة إلى الشيخ يحيى الحجار، ومنذ ذلك الحين لم يعد يُسمع عن الحركة أي نشاط كسابق عهدها بل أصبحت في حالة مهادنة مع السلطة،  وما حصل حديثاً هو محاولة إحياء للحركة وإعادة الروح لها من قبل أبناء الشيخ وحيد البلعوس.

ويأتي إعلان المجموعة مسؤوليتها عن عملية خطف "أبو ياسين" ومن ثم تصفيته، في سياق السعي لإثبات وجود الحركة واستمرار حضورها في شؤون المحافظة وفي متابعة قضية الثأر لقتلى الحركة، الذين قضوا في تفجير 2015 حسب بيات تأسيس الحركة.

"أبو ياسين".. من هو؟ وماذا عن ارتباطاته بالأمن العسكري وحزب الله؟

ينحدر أبو ياسين من (بصرى الشام) في ريف درعا، ويقيم في مزرعة بقرية حوط بريف السويداء منذ العام 2013 وقام بشراء آلاف الدونمات من الأراضي في المحافظة بالإضافة إلى بعض العقارات في المدينة.

ومن المعروف عنه بين أهالي السويداء إدارته لشبكة تهريب مخدرات كبيرة من لبنان والأردن إلى السويداء، وارتباطه بحزب الله، حيث تم اقتحام مزرعته عام 2015 من قبل فصائل محلية ليجدوا فيها كمية كبيرة من المخدرات وتم إلقاء القبض على ابنه لتطلق القوات الأمنية سراحه بعد ساعات قليلة.

كما يعتبر "أبو ياسين" من الشخصيات المقربة من العميد وفيق ناصر رئيس فرع الأمن العسكري في المنطقة الجنوبية.

ويتهم أهالٍ من السويداء العميد ناصر بدعم انتشار المخدرات وعمليات الخطف والسرقة في المحافظة والتغطية على القائمين عليها وكذلك مسؤوليته عن تفجيري السويداء عام 2015.

وتم نقل العميد ناصر من السويداء إلى حماه بداية العام الحالي، تلاها توقيف عدد من الشخصيات في فرع الأمن العسكري في السويداء، التي تُعتبر بمثابة أذرع لـ ناصر، ومسؤولة عن عمليات ترويج مخدرات وخطف والعديد من القضايا الجرمية.

وقبل ذلك بأسابيع قليلة، سقط أحد أهم معاوني رئيس الفرع صريعاً بعد إطلاق النار عليه من قبل مجهولين أمام منزله بالقرب من الفرع نفسه، ويدعى "أبو حبيب".

وقال "أبو ياسين" في اعترافات ضمن الفيديو المنشور،  أن "أبو حبيب" كان له دور في التنسيق لتفجيري عام 2015، بالإضافة إلى أسماء أخرى تم ذكرها في الفيديو تابعة لحزب الله حسب قول "أبو ياسين".

توقيت العملية والمعلومات عن التحضير لملف الجنوب بعد الغوطة

يثير توقيت العملية وعودة الحياة لحركة مشايخ الكرامة بعض التساؤلات لدى أهالي السويداء، حول قدرة المجموعة التي تبنَّت العملية على القيام بها، رغم ما تحتاجه لعمل ميداني ومراقبة وغيره.

ويتوقع عدد من الأهالي أن العملية ربما تكون أكبر من ذلك وتأتي في سياق التحضير لملف الجنوب الذي يُتوقع فتحه بعد ملف الغوطة، وعليه تأتي حادثة "أبو ياسين"، في سياق التصارع على النفوذ في السويداء بين الحلفاء المتحكمين بالأرض السورية والمهتمين بملفها.

إلا أن الحركة لا تزال تلقى اهتمام شريحة واسعة من السكان المحليين في السويداء خاصة بوقوفها إلى جانب الشباب الذين يرفضون الالتحاق بالخدمة العسكرية في جيش النظام.

ردود فعل الأهالي وأجهزة أمن النظام على التشكيل الجديد

سامر (اسم مستعار)، أحد أبناء السويداء، يقول لـ روزنة "قبل فترة شاهدنا جهة مسلحة خطفت عدد من الشبان وقتلتهم تحت ذريعة اعترافهم بجريمتهم وتم لفلفة الموضوع لاحقاً بعد ذكر اسم وفيق ناصر".

وتساءل سامر "هل نرى السيناريو نفسه مجدداً؟.. مللنا هذه الأفلام التي لا تنتهي ونريد أن نعيش بسلام"، وشبَّه ما يجري بأنه "تصفية حسابات".

ولم تُظهر الأجهزة الأمنية التابعة للنظام السوري ردة فعل واضحة على الموضوع حتى الآن.

في حين، صدر بيان عن دار الطائفة الدرزية، موقعاً باسم اثنين من مشايخ العقل الثلاثة في المحافظة في الـ 28 من آذار الجاري، ندد بعمليات الخطف والسرقة وأكد على "الحرم الديني والاجتماعي لكل من يتورط بالخطف والسلب والنهب وارتكاب الأمور المخالفة للقانون والأمور الدينية وأمن الوطن" على حد تعبير البيان.

ورأى كثير من الأهالي أن عملية تصفية أبو ياسين، هي خطوة جيدة على طريق محاربة مهربي المخدرات إلى السويداء، والقصاص من مخربي أمنها، وهو ما كان يقوم به "أبو ياسين".

في المقابل، تخوف آخرون من تبعات تلك العملية وما قد تجلبه من متاعب لسكان المحافظة وإثارة فتنة، على حد تعبير عدد من الأهالي.

وأشار الأهالي إلى أن الموضوع يجب أن يختص به القضاء المدني فهو المخول بمحاسبة الخارجين عن القانون وليس فصائل مسلحة عينت نفسها بنفسها قد تفتح الباب للفوضى أكثر.

وبخاصة بعد مهاجمة مجموعة من نفس أعضاء الحركة (قوات شيخ الكرامة) وعلى رأسهم ليث البلعوس ابن الشيخ وحيد البلعوس لمنزل أحد الشيوخ نتيجة خلاف وقع بينهم في الـ 27 من آذار الجاري حول قضية اختطاف شاب من المدينة.

يذكر أن محافظة السويداء شهدت خلال السنوات الأخيرة حالة من الانفلات الأمني، كان نتيجتها تزايد حالات الخطف والسرقة والمشاجرات المسلحة، التي تتكرر بشكل شبه يومي.
 

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق