أمهات تتعرضن للاستغلال.. اللقمة بطعم الدم

أمهات تتعرضن للاستغلال.. اللقمة بطعم الدم
القصص | 21 مارس 2018

استمرار الحرب في سوريا على مدى سبع سنوات أدى لمقتل واعتقال عدد كبير من الأزواج، وهذا ما زاد من عدد الأرامل والنساء الوحيدات، وجدت المرأة السورية خاصة في ريف إدلب نفسها في مكان المعيل للأسرة في أوضاع صعبة يسودها انعدام الأمن والاستقرار الذي رافقه شبه انعدام لفرص العمل، يضاف إلى كل ذلك العادات والتقاليد البالية التي راحت ترصد تحركاتها.

 

إقرأ أيضاً: ماراتون سوري لأمهات وحيدات!


رانية الحسين (24 عاماً) من ريف إدلب، أم لثلاثة أطفال أحدهم معاق منذ الولادة، رانية غدت المعيلة الوحيدة لأطفالها بعد وفاة زوجها أثناء القصف على مدينتها كفرنبل.

عانت الكثير من المتاعب حتى استطاعت الحصول على وظيفة مناسبة في إحدى رياض الأطفال، حيث تروي تفاصيل ما مرت به قائلة: "لم يكن من السهل إقناع أهلي وأخوتي بضرورة العمل لأعيل نفسي وأطفالي، إذ أنهم يعتبرون بأن عمل المرأة الصغيرة في مجتمعنا نوع من العار".

وتضيف أنه كان عليها حزم موقفها منذ البداية، إذ لا يمكنها أن تعيش عالة على أحد تنتظر من يتصدق عليها وعلى أبنائها وخاصة وأن أوضاع أهلها المادية ليست بالجيدة على حد وصفها.

نجحت رانية في إيجاد وظيفة معلمة بروضة أطفال بمساعدة إحدى صديقاتها، وهي اليوم تعمل من أجل تأمين قوتها وقوت أطفالها بعيداً عن ضغط المجتمع وكلام الناس "فالوضع الذي نعيشه يفرض علينا التأقلم مع حياة جديدة، نحن نريد أن نعيش بعيداً عن عادات مجتمعنا وتقاليده المتشددة "، توضح رانية.

قد يهمك: أمهات خسرن أولادهن.. وحصلن على "علم"!


زيادة عدد النساء الأرامل العاملات في ريف إدلب جعل الطلب على العمل كبيراً، ما جعلهن عرضة للغبن في مسألة أجور النساء العاملات من خلال استغلال جهودهن بأجور زهيدة،

تشكو ماجدة العيسى (40عاماً)، هذا الحال قائلةً: "فقدت زوجي منذ أكثر من ثلاث سنوات إثر القصف التي تعرضت له قريتي البارة من قبل طائرات النظام، وأنا منذ ذلك الحين أعمل من أجل إعالة أولادي الستة، وقد اخترت الأعمال الزراعية كوني لا أتقن غيرها".

تجتهد ماجدة في جني محاصيل البطاطا وزرع البذار وتقليب التربة مع سيدات أخريات، ولكنها تعاني من قلة الأجرة قياساً مع عملها الشاق، غير أنها مضطرة للقبول فهي ترى بأن الأجرة القليلة تبقى أفضل من لا شيء، وتشعر بالسعادة عندما نستطيع إحضار بعض الطعام لأبنائها في نهاية يوم عمل شاق.

إقرأ أيضاً: سيدة من الغوطة: طفلي في حضني يقول "لح موت من بردي"


عصام الابن الأكبر لماجدة ويبلغ من العمر (13عاماً) فخور بوالدته، التي تحتمل أعباء كبيرة من أجله وأجل أخوته، فيقول معبراً ولمعة الدموع في عينيه عطفاً على حال أمه
"حاولت أن أترك المدرسة وأن أبحث عن عمل أستطيع من خلاله مساعدة والدتي ببعض النفقات ولكنها لم تقبل وأصرت على أن أكمل دراستي، غير أنني أخرج للعمل معها أثناء العطل.. علِّي أقدم لها بعض المساعدة".

في الوقت الذي يحتفل فيه العالم بعيد الأم، تعيش أمهات ريف إدلب معارك مختلفة عن التي تدور في سوريا، فالحياة اليومية بالنسبة لهنّ حرب من نوع أخر، والتأقلم مع وضعهن وحياتهن الجديدة التي فرضت عليهن أن يأخذن دور الأب والأم والمعيل وسط دوامة مجتمع لا يرحم.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق