وُجدت المراهقة روعة (*اسم مستعار) مشنوقة في حمام منزلها، بإحدى قرى ريف ادلب شمال غربي سوريا، كما قال أقرباؤها لـ "روزنة" في شباط (فبراير) 2016.
تزوجت روعة قبل ثمانية أشهر من انتحارها، وهي لم تتجاوز السادسة عشرة من عمرها. "إنها فتاة خجولة وطيبة، شخصيتها محببة، قام أهلها بتزويجها من شاب متشدد من قريتها حاس، ليعلموا فيما بعد أنه منتسب لتنظيم الدول الاسلامية (داعش). ومع ذلك لم يتدخلوا بحياتها، ظناً منهم بأن ابنتهم على ما يرام" تقول عمّة روعة لنا، خلال كلامها عن حادثة انتحارها.
وتضيف السيدة، أنه في إحدى المرات، لم تعد تحتمل روعة تصرفات زوجها تجاهها، كمنعها الخروج من المنزل وضربها المبرح، وتشدده في أبسط الأمور، فلجأت إلى بيت أهلها مطالبة بالطلاق منه، لكن الأهل رفضوا فكرة الطلاق حتى وان كانت ابنتهم مظلومة. فكلمة "مطلقة" مرفوضة في معظم المجتمعات السورية، لا سيما الريفي منها.
وعندما رفض أهل روعة طلاقها، وضعوا اللوم عليها وأعادوها إلى بيت زوجها، وبحسب عمتها، "شعرت بالظلم وأنها وحيدة وأن لا أحد يشعر بمعاناتها.. فانتحرت".
وتزويج الفتيات القاصرات في ريف ادلب، والعديد من الأرياف السورية، ليس جديداً أو مستغرباً منذ ما قبل عام 2011. لكن في السابق كان المرجع الأول هو قانون الأحوال المدنية السوري المرتكز إلى الشريعة الإسلامية. فقد حدد المشرع السوري سن الزواج بـ18 عاماً للزوج، و17 عاماً للزوجة، مجيزاً للقاصر الطلب من القاضي إذن زواج قبل بلوغ السن القانونية. وعليه، يمكن للمراهق الذي أكمل سن الـ15 عاماً وللمراهقة التي أتمت الـ13 عاماً، الزواج، وفق شرطين الأول، أن يتبين القاضي صدق دعواهما، والثاني احتمال جسميهما.
أما حالياً، وفي مناطق سيطرة المعارضة السورية والفصائل الإسلامية وغيرها، فيكفي عقد عند هيئة شرعية، لإقرار الزواج، حتى لو كانت الفتاة تحت سن الـ17 عاماً. كما أن مسببات الزواج تغيرت وأعمار الفتيات إلى انخفاض.
فقد لعبت السلطة المستجدة لشبان الفصائل المسلحة، وانخراط كثيرين منهم في الأعمال العسكرية دوراً في تسريع الزيجات كما شكلت عامل ضغط وجذب للأهالي في آن واحد لتزويج فتياتهن.
"مروى" ابنة الـ13 عاماً، ليست تلميذة على مقاعد الدراسة وإنما "سيدة" متزوجة تعيش مع زوجها الذي يفوقها بـ 10 أعوام.
ملامح الطفولة طاغية على وجه مروى، ابنة كفرنبل بريف ادلب شمال غرب سوريا، حتى إجاباتها على أي سؤال يلفها حياء كبير واستعجال لإنهاء اللقاء واللحاق بأخوات زوجها اللواتي يلعبن في المطبخ.
بدأت المرحلة الجديدة من حياة تلك الطفلة، عندما تقدم أحد المقاتلين في الفصائل الإسلامية للزواج منها، فوافق الوالد سريعاً بسبب فقر الحال وانعدام الامن اصلاً.
وعُقد القران بـ"عقد شرعي"، والمعروف بسوريا "كتاب برّاني"، أي أنه يقتصر على أصحاب العلاقة ولا يدخل في السجلات الرسمية ثم تم تأكيده في المحاكم الشرعية التابعة لجيش الفتح المسيطر في المنطقة.
تجربة فوق طاقة القاصر!
تعرّف منظمة اليونيسيف التابعة للأمم المتحدة، زواج الأطفال، بأنه:" زواج رسمي أو اقتران غير رسمي قبل بلوغ سن 18 عاماً، وهو حقيقة واقعة بالنسبة للفتيان والفتيات، رغم أن الفتيات أكثر تضرراً بشكل غير متناسب".
فبات معلوماً أن الفتيات اللائي يتزوجن في سن مبكرة، غالباً ما يتركن التعليم ويصبحن حوامل، ما يهدد صحتهن الجسدية والنفسية. كما أن الازمات النفسية المرتبطة بالحمل والولادة تعتبر عنصراً هاماً لوفيات الفتيات اللائي تتراوح أعمارهن بين 15و19 عاماً في جميع أنحاء العالم بحسب "يونيسيف". ذلك أن الفتاة القاصر، وبسبب الزواج، والولادة في سن المراهقة، تطرأ على جسدها ونفسيتها تغييرات كبيرة، تسبب حالات اكتئاب، وإحساس بفقدان الشعور بأهمية الحياة، وبأن أعباءها من أولاد ومسؤوليات كبيرة عليها.
وفي سوريا، كثرت الظروف المساعدة على تزويج القاصرات، وتمكن معدا التحقيق من توثيق زواج 59 فتاة تحت سن الـ 17، في بقعة جغرافية لا يتجاوز عدد سكانها 70 ألفاً وهي قرى في ريف ادلب (كفرنبل، جبالا، معرة حرمة) فيما سجلت 6 حالات انتحار لقاصرات بعد زواجهن.
وإذ يصعب توثيق أسباب انتحار أولئك القاصرات، أو ربطها مباشرة بزواجهن حيث تغيب تقارير الطب الشرعي، مع غياب مؤسسات الدولة، من مخافر ومراكز طبية، يبقى اللافت أن العائلات نفسها هي من أقر بذلك، علماً إن المجتمع السوري يتحفظ عموماً عن حالات كهذه. فغالباً حين تقع حادثة انتحار وتكون "موثقة"، تحاول العائلات لفلفة الأمور والإيحاء بأن الوفاة جاءت طبيعية أو في حادثة ما، درءاً للوصمة الاجتماعية ولكن أيضاً لضمان دفن لائق لفقيدها.
صباح (اسم مستعار) (16 عاماً) ضحية أخرى لزواج غير مرغوب وفي سن صغيرة. فقد تم تزويجها رغماً عنها من أحد شبان قريتها كفرنبل بريف ادلب، وواجهت الكثير من المشاكل في حياتها الزوجية، إذ كانت ممنوعة من الخروج من المنزل أو الحديث مع أقربائها وأعمامها وأخوالها.
وتقول والدتها: "كانت ابنتي تحب الدراسة، ولكننا منعناها من إكمالها لانعدام الأمن والأمان، ولصغر سنها وجمالها قمنا بإقناعها بالزواج عندما تقدم شاب غني لخطبتها". وتضيف الأم "استدان والدها الفقير مبلغ مال من زوجها، ولم يستطع تسديد الدين، فتشاجرا وتضاربا وساءت العلاقة بين العائلتين".
وإذ لم تستطع الفتاة مواجهة المشكلة بين أهلها وزوجها، أقدمت على الانتحار بالأدوية على ما تروي الأم التي وجدت ابنتها وقد فارقت الحياة.
ويؤثر الزواج المبكر على الفتيات بشكلٍ كبير، حيث تجد الفتاة نفسها أمام مسؤوليات وواجبات كبيرة على سنّها.
المرشدة النفسية السورية فاتن السويد تقول: "زواج القاصرات كان موجوداً قبل الحرب، ولكنه زاد بشكل كبير خلالها لعدة أسباب، وهي الفقر والعوز، عدد العائلة الكبير وسط الظروف القاسية التي تشهدها البلاد، تفاقم البطالة، غياب المعيل، تدهور التعليم، منع الأهل لبناتهم من الخروج إلى أي مكان خوفاً من الاستهداف بالقصف أو الخطف، فكان الزواج المبكر أوفر الحلول". وعدا عن ازدياد حالات الطلاق نتيجة عدم وعي الفتاة بمسؤوليات الحياة الزوجية في حال كانت بسن صغير، تتشتت القاصرات المتزوجات
ويضطربن نفسياً، وبحسب السويد، "فقد وصل عدد المنتحرات القاصرات في ريف إدلب إلى أكثر من 25 حالة خمسة منهن في مدينة كفرنبل وحدها".
ما الذي يدفع الشخص للانتحار؟ تجيب السويد: "الاضطرابات النفسية، مثل الإكتئاب أو الانهيار النفسي في لحظات الأزمة، وعدم القدرة على التعامل مع ضغوطات الحياة، المعاناة من النزاعات والكوارث والعنف والشعور بالعزلة، المعاناة من أشكال التمييز المختلفة في المجتمعات، أو أن يكون هنالك حالات انتحار سابقة في العائلة".
وإذا كان من غير الممكن الحد من انتحار القاصرات بعد الزواج، أو الجزم بأن الزواج المبكر هو الدافع الاول للانتحار، إلا أن تلك الحالات تدق ناقوساً ما. وكحل احترازي ترى السويد أنه من الحل الأفضل التوقف عن تزويج الفتيات في هذه الأعمار الصغيرة عن طريق توعية الأهالي لمخاطر وعواقب ما يمكن أن يتعرضن له مستقبلاً.
ومن أخطر المصاعب التي تواجه القاصر في حياتها الزوجية، هي الحياة الجنسية التي لا تكون الفتاة مستعدة لها. ريما (17 عاماً)، تزوجت من شاب لا يكبرها بكثير، لكنه يعاني من تشوهات في وجهه وجسمه جراء حادث تعرض له في صغره، وهو ما لم
تستطع التأقلم معه أو تقبله.
أجبرت الفتاة على الزواج بسبب وضع عائلتها المادي، فالوالد متوف ولا يوجد معيل سوى الأم التي بالكاد تؤمن لأبنائها لقمة العيش من عملها في مكبس التين المجفف بقريتهم في ريف ادلب.
بعد فترة وجيزة، تركت ريما زوجها وعادت إلى منزل أمها لتوجد ميتة، "وقد انتحرت بالأدوية" بحسب الأهل أيضاً.
*كافة الاسماء المنشورة في هذا التحقيق مستعارة حفاظاً على خصوصية العائلات، ولكن الاسماء الحقيقية وسجلاتها موجودة لدى "روزنة".
تزوجت روعة قبل ثمانية أشهر من انتحارها، وهي لم تتجاوز السادسة عشرة من عمرها. "إنها فتاة خجولة وطيبة، شخصيتها محببة، قام أهلها بتزويجها من شاب متشدد من قريتها حاس، ليعلموا فيما بعد أنه منتسب لتنظيم الدول الاسلامية (داعش). ومع ذلك لم يتدخلوا بحياتها، ظناً منهم بأن ابنتهم على ما يرام" تقول عمّة روعة لنا، خلال كلامها عن حادثة انتحارها.
وتضيف السيدة، أنه في إحدى المرات، لم تعد تحتمل روعة تصرفات زوجها تجاهها، كمنعها الخروج من المنزل وضربها المبرح، وتشدده في أبسط الأمور، فلجأت إلى بيت أهلها مطالبة بالطلاق منه، لكن الأهل رفضوا فكرة الطلاق حتى وان كانت ابنتهم مظلومة. فكلمة "مطلقة" مرفوضة في معظم المجتمعات السورية، لا سيما الريفي منها.
وعندما رفض أهل روعة طلاقها، وضعوا اللوم عليها وأعادوها إلى بيت زوجها، وبحسب عمتها، "شعرت بالظلم وأنها وحيدة وأن لا أحد يشعر بمعاناتها.. فانتحرت".
وتزويج الفتيات القاصرات في ريف ادلب، والعديد من الأرياف السورية، ليس جديداً أو مستغرباً منذ ما قبل عام 2011. لكن في السابق كان المرجع الأول هو قانون الأحوال المدنية السوري المرتكز إلى الشريعة الإسلامية. فقد حدد المشرع السوري سن الزواج بـ18 عاماً للزوج، و17 عاماً للزوجة، مجيزاً للقاصر الطلب من القاضي إذن زواج قبل بلوغ السن القانونية. وعليه، يمكن للمراهق الذي أكمل سن الـ15 عاماً وللمراهقة التي أتمت الـ13 عاماً، الزواج، وفق شرطين الأول، أن يتبين القاضي صدق دعواهما، والثاني احتمال جسميهما.
أما حالياً، وفي مناطق سيطرة المعارضة السورية والفصائل الإسلامية وغيرها، فيكفي عقد عند هيئة شرعية، لإقرار الزواج، حتى لو كانت الفتاة تحت سن الـ17 عاماً. كما أن مسببات الزواج تغيرت وأعمار الفتيات إلى انخفاض.
فقد لعبت السلطة المستجدة لشبان الفصائل المسلحة، وانخراط كثيرين منهم في الأعمال العسكرية دوراً في تسريع الزيجات كما شكلت عامل ضغط وجذب للأهالي في آن واحد لتزويج فتياتهن.
"مروى" ابنة الـ13 عاماً، ليست تلميذة على مقاعد الدراسة وإنما "سيدة" متزوجة تعيش مع زوجها الذي يفوقها بـ 10 أعوام.
ملامح الطفولة طاغية على وجه مروى، ابنة كفرنبل بريف ادلب شمال غرب سوريا، حتى إجاباتها على أي سؤال يلفها حياء كبير واستعجال لإنهاء اللقاء واللحاق بأخوات زوجها اللواتي يلعبن في المطبخ.
بدأت المرحلة الجديدة من حياة تلك الطفلة، عندما تقدم أحد المقاتلين في الفصائل الإسلامية للزواج منها، فوافق الوالد سريعاً بسبب فقر الحال وانعدام الامن اصلاً.
وعُقد القران بـ"عقد شرعي"، والمعروف بسوريا "كتاب برّاني"، أي أنه يقتصر على أصحاب العلاقة ولا يدخل في السجلات الرسمية ثم تم تأكيده في المحاكم الشرعية التابعة لجيش الفتح المسيطر في المنطقة.
تجربة فوق طاقة القاصر!
تعرّف منظمة اليونيسيف التابعة للأمم المتحدة، زواج الأطفال، بأنه:" زواج رسمي أو اقتران غير رسمي قبل بلوغ سن 18 عاماً، وهو حقيقة واقعة بالنسبة للفتيان والفتيات، رغم أن الفتيات أكثر تضرراً بشكل غير متناسب".
فبات معلوماً أن الفتيات اللائي يتزوجن في سن مبكرة، غالباً ما يتركن التعليم ويصبحن حوامل، ما يهدد صحتهن الجسدية والنفسية. كما أن الازمات النفسية المرتبطة بالحمل والولادة تعتبر عنصراً هاماً لوفيات الفتيات اللائي تتراوح أعمارهن بين 15و19 عاماً في جميع أنحاء العالم بحسب "يونيسيف". ذلك أن الفتاة القاصر، وبسبب الزواج، والولادة في سن المراهقة، تطرأ على جسدها ونفسيتها تغييرات كبيرة، تسبب حالات اكتئاب، وإحساس بفقدان الشعور بأهمية الحياة، وبأن أعباءها من أولاد ومسؤوليات كبيرة عليها.
وفي سوريا، كثرت الظروف المساعدة على تزويج القاصرات، وتمكن معدا التحقيق من توثيق زواج 59 فتاة تحت سن الـ 17، في بقعة جغرافية لا يتجاوز عدد سكانها 70 ألفاً وهي قرى في ريف ادلب (كفرنبل، جبالا، معرة حرمة) فيما سجلت 6 حالات انتحار لقاصرات بعد زواجهن.
وإذ يصعب توثيق أسباب انتحار أولئك القاصرات، أو ربطها مباشرة بزواجهن حيث تغيب تقارير الطب الشرعي، مع غياب مؤسسات الدولة، من مخافر ومراكز طبية، يبقى اللافت أن العائلات نفسها هي من أقر بذلك، علماً إن المجتمع السوري يتحفظ عموماً عن حالات كهذه. فغالباً حين تقع حادثة انتحار وتكون "موثقة"، تحاول العائلات لفلفة الأمور والإيحاء بأن الوفاة جاءت طبيعية أو في حادثة ما، درءاً للوصمة الاجتماعية ولكن أيضاً لضمان دفن لائق لفقيدها.
صباح (اسم مستعار) (16 عاماً) ضحية أخرى لزواج غير مرغوب وفي سن صغيرة. فقد تم تزويجها رغماً عنها من أحد شبان قريتها كفرنبل بريف ادلب، وواجهت الكثير من المشاكل في حياتها الزوجية، إذ كانت ممنوعة من الخروج من المنزل أو الحديث مع أقربائها وأعمامها وأخوالها.
وتقول والدتها: "كانت ابنتي تحب الدراسة، ولكننا منعناها من إكمالها لانعدام الأمن والأمان، ولصغر سنها وجمالها قمنا بإقناعها بالزواج عندما تقدم شاب غني لخطبتها". وتضيف الأم "استدان والدها الفقير مبلغ مال من زوجها، ولم يستطع تسديد الدين، فتشاجرا وتضاربا وساءت العلاقة بين العائلتين".
وإذ لم تستطع الفتاة مواجهة المشكلة بين أهلها وزوجها، أقدمت على الانتحار بالأدوية على ما تروي الأم التي وجدت ابنتها وقد فارقت الحياة.
ويؤثر الزواج المبكر على الفتيات بشكلٍ كبير، حيث تجد الفتاة نفسها أمام مسؤوليات وواجبات كبيرة على سنّها.
المرشدة النفسية السورية فاتن السويد تقول: "زواج القاصرات كان موجوداً قبل الحرب، ولكنه زاد بشكل كبير خلالها لعدة أسباب، وهي الفقر والعوز، عدد العائلة الكبير وسط الظروف القاسية التي تشهدها البلاد، تفاقم البطالة، غياب المعيل، تدهور التعليم، منع الأهل لبناتهم من الخروج إلى أي مكان خوفاً من الاستهداف بالقصف أو الخطف، فكان الزواج المبكر أوفر الحلول". وعدا عن ازدياد حالات الطلاق نتيجة عدم وعي الفتاة بمسؤوليات الحياة الزوجية في حال كانت بسن صغير، تتشتت القاصرات المتزوجات
ويضطربن نفسياً، وبحسب السويد، "فقد وصل عدد المنتحرات القاصرات في ريف إدلب إلى أكثر من 25 حالة خمسة منهن في مدينة كفرنبل وحدها".
ما الذي يدفع الشخص للانتحار؟ تجيب السويد: "الاضطرابات النفسية، مثل الإكتئاب أو الانهيار النفسي في لحظات الأزمة، وعدم القدرة على التعامل مع ضغوطات الحياة، المعاناة من النزاعات والكوارث والعنف والشعور بالعزلة، المعاناة من أشكال التمييز المختلفة في المجتمعات، أو أن يكون هنالك حالات انتحار سابقة في العائلة".
وإذا كان من غير الممكن الحد من انتحار القاصرات بعد الزواج، أو الجزم بأن الزواج المبكر هو الدافع الاول للانتحار، إلا أن تلك الحالات تدق ناقوساً ما. وكحل احترازي ترى السويد أنه من الحل الأفضل التوقف عن تزويج الفتيات في هذه الأعمار الصغيرة عن طريق توعية الأهالي لمخاطر وعواقب ما يمكن أن يتعرضن له مستقبلاً.
ومن أخطر المصاعب التي تواجه القاصر في حياتها الزوجية، هي الحياة الجنسية التي لا تكون الفتاة مستعدة لها. ريما (17 عاماً)، تزوجت من شاب لا يكبرها بكثير، لكنه يعاني من تشوهات في وجهه وجسمه جراء حادث تعرض له في صغره، وهو ما لم
تستطع التأقلم معه أو تقبله.
أجبرت الفتاة على الزواج بسبب وضع عائلتها المادي، فالوالد متوف ولا يوجد معيل سوى الأم التي بالكاد تؤمن لأبنائها لقمة العيش من عملها في مكبس التين المجفف بقريتهم في ريف ادلب.
بعد فترة وجيزة، تركت ريما زوجها وعادت إلى منزل أمها لتوجد ميتة، "وقد انتحرت بالأدوية" بحسب الأهل أيضاً.
*كافة الاسماء المنشورة في هذا التحقيق مستعارة حفاظاً على خصوصية العائلات، ولكن الاسماء الحقيقية وسجلاتها موجودة لدى "روزنة".
الكلمات المفتاحية