السعودية: للسوريين حصراً.. الإعفاء من موافقة "الكفيل" حال انتهاء عقد العمل

السعودية: للسوريين حصراً.. الإعفاء من موافقة "الكفيل" حال انتهاء عقد العمل
تحقيقات | 16 مايو 2017

منذ سنوات، والقانون السعوديّ يُبقي العامل الأجنبي الوافد تحت رحمة صاحب العمل "الكفيل"، حتى انتهت هذه المُعاناة بالنسبة للوافدين السوريّين -على الأقل- منتصف الشهر الجاري، عندما صرح مصدر مسؤول في وزارة العمل السعودية بأنه: "يمكن للعَمَالة السورية نقل خدماتها دون موافقة صاحب العمل، وذلك في حال انتهاء العقد، أو إنهاء العلاقة التعاقدية من قبل صاحب العمل".. وبذلك أصبح من السهل على العامل السوريّ التحرُّك في سوق العمل اليوم، لإيجاد عمل أفضل دون تقييد من أعماله السابقة.

(أم هشام) لم يتسفِد زوجها من القرار المذكور رُغم ارتباط عمله الحاليّ بالكفيل السعوديّ، والسبب أنّ عقد الكفالة الذي وقّعه لم يكتف بتشغيله فقط بل أيضاً بتوفير تأشيرة زيارةٍ له ولعائلته أيضاً، وبالتالي تمدمد احتكار الكفيل من ربّ العائلة العامل إلى العائلة بأكملها، فتقول: "دخلنا السعوديّة من اليمن، وكان شرط الدخول هو إحضار كفيلٍ سعوديٍّ ينقلنا عبر الحدود.. استطعنا إيجاد سعودي يكفل دخولنا وإقامتنا مقابل أن يعمل زوجي وهو طبيبٌ لديه في مستوصفه الخاص، فوافقنا معتقدين أنّ الخير جاء بالعمل والسكن معاً، لكنّ الواقع كان عكس توقّعاتنا، حين بدأ الكفيل يتهرّب من شروط العقد، ويتلكّك في دفع الرواتب الشهريّة لزوجي، وأعطانا سكناً أقلّ من متواضعٍ بل سيّءٍ!! .. تحمّلنا الوضع بينما يعثر زوجي على عملٍ أفضل، لكنّ الكفيل السعودي رفض نقل الكفالة أو فضّ العقد ولو بمقابلٍ مالي، وتفاقمت مشاكلنا بعد صدور قرارٍ حكومي يقضي بحضور الكفيل السعوديّ شخصياً ليمدّد زياراتنا، بعدما كان بإمكاننا تمديد الزيارات بأنفسنا.. وما زلنا لليوم نُلاحق هذا الكفيل عبثاً، ولا فائدة من قرار نقل الكفالة هذا طالما أنّ تأشيرات الزيارة الخاصّة بعائلتنا على كفالته أيضاً".

اقرأ أيضاً: "السَّعْوَدَة" تغلق أبواب المولات في وجه العمال والموظفين الأجانب

في السياق نفسه، أعلنت وزارة العمل عبر موقعها الإلكترونيّ تأكيداً على أنّه: "يحُقّ للعمالة الوافدة التي انتهت رُخَص عملها ولم يتمّ تجديدها أن تنقل خدماتها دون موافقة صاحب العمل، بغض النظر عن نطاق عمل المنشأة، لكن شرط أن تكون المنقول لها الخدمات بنطاقٍ آمنٍ (بلاتيني، أخضر)".. والمقصود بالشرط الأخير؛ أن تكون المُنشأة التي يرغب العامل الأجنبيّ بنقل خدماته إليها دون موافقة (الكفيل)، من المُنشآت ذات الأداء العالي أو الممتاز، حسب تصنيف برنامج (نطاقات)، الذي أطلقته وزارة العمل عام (2012)، وحدّدت وِفْقه فئاتٍ للمُنشآت، هي (البلاتيني الممتاز، الأخضر، الأصفر، والأحمر)، حيث يُعتَبَر (البلاتينيّ، والأخضر) هُما الأعلى توطيناً بينها.

بالنسبة لموضوع تصنيف المنشآت حسب النطاقات المذكورة، فوفق حديث مُسجّل لخبير سعودي ضمن وزارة التجارة عام (2016)، فإنّ: "استقطاب غير السعوديّين لمنشآت النطاق البلاتينيّ يتم عبر الاستقدام الإلكتروني الرسمي، فبعد أنْ تُجري المنشأة المعنيّة مقابلات عمل واختبارات توظيف ضمن شروط تحدّدها بنفسها، يتمّ تعيين أسماء المقبولين وطلب تأشيراتٍ جديدةٍ لمهنٍ محدّدةٍ منهم يُسمّيها صاحب المُنشأة السعوديّ حصراً، وفق شروطٍ ملكيّةٍ.. أنْ يُراعى استثناء المِهَن المُستَثناة بقرارات مجلس الوزراء، وأن يحافظ الكيان على مستواه في نفس النطاق الممتاز بعد مَنْح التأشيرات، مع تحديد عدد التأشيرات الجديدة التي ستُمنح بناءً على عدد التأشيرات الممنوحة سابقاً، حتّى في حال عدم وصول الوافدين السابقين إلى المملكة؛ مع الانتباه إلى أنّ طلب التأشيرات الجديدة عبر الموقع لن يتمّ إلّا بعد تحويل مبلغ (2000) ريالٍ عن كلّ تأشيرة".

لكنّ هذه العمليّة الإلكترونيّة تمّ إيقافها خلال عام (2016)، وأصبحت محكومةً بحضور لجنة كَشْفٍ من قبل وزارة العمل، تأتي إلى المُنشأة للتأكّد من التزامها بالحِسْبة الصحيحة لعدد الموظّفين الأجانب مُقابل الموظّفين السعوديّين على أرض الواقع.

(عبد العزيز و.) - مهندسٌ مدنيّ، من الوافدين السوريّين الذين دخلوا المملكة للعمل ضمن شركته منذ سبع سنواتٍ، تحدّث لنا عن الميّزات التي يتمتّع بها كعاملٍ مُسجّلٍ في مُنشأةٍ من فئة (الأخضر)، فيقول: "أوّل ميّزةٍ، إمكانيّة تغيير المهنة المُسجّلة على الإقامة كما تحتاج الشركة، لكن باستثناء المهن المخصّصة للسعوديّين، فأنا دخلتُ باسم (رسّامٍ هندسيٍّ) لأوّل مرّةٍ، بعدها جدّدتُ جواز سفري وإقامتي وغيّرت المهنة لـ(مهندس ميدانيّ)، حيث غيّرت المنشأة مهامي الوظيفيّة.. وثاني ميّزةٍ، إمكانيّة تجديد تصريح العمل الخاصّ بي ولو تبقّى في إقامتي ثلاثة شهورٍ فقط".

وتوظّف (عبد العزيز) في شركته الحاليّة عام (2011)، عند حضور لجنة مهندسينَ خبراء من جنسيّاتٍ مختلفةٍ إلى مدينة (دمشق) بُغية إجراء المقابلات، لكنّه يقول أنّ: "هذا الوضع كان مُتاحاً قبل اندلاع الحرب في سوريا، أمّا اليوم لم تعُد هذه الفرص موجودةً مع ارتفاع عدد اللاجئين والوافدين، وتعقيد إجراءات الحصول على تأشيرةٍ للمملكة مهما كان نوعها".

كما أشار المصدر المسؤول إلى أنّه لن يتمّ التراجع عن الرُخصة السنويّة للعامل، والمُقدَّرة بـ2400 ريالٍ كمقابلٍ ماليٍّ للعمل المبذول، والذي بدأ تنفيذه في مثل هذا التوقيت من العام الماضي، لكنّه أعفى المنشآت التوظيفيّة عن لزوم دفع هذا المقابل الماليّ، في حال كان عدد العَمَالة الأجنبيّة مُساوياً أو أقلّ من متوسّط عدد العمالة الوطنيّة في المُنشأة.

قد يهمك.. السعودية تقدم إغراءات لترحيل المخالفين.. وللسوريين "استثناءات"

وفي هذا الصّدد، تحدّث نائب وزير العمل السعوديّ مفرِج الحقباني بأنّ: "أيّ خَلَلٍ يُتيح للعامل فسخ العقد بينه وبين صاحب العمل أيّاً كان نطاق المنشأة، سيمنح صاحب العمل مدّة ستة أشهرٍ قبل انتهاء رخصة عمله لتجديدها، وفي الوقت نفسه.. سيمنح العامل الذي لم يتمّ تجديد رخصته مدّة شهرٍ واحدٍ للبحث عن صاحب عملٍ جديدٍ للاستفادة من خدماته، أو ستُرفَع بيانات العامل إلى وزارة الداخليّة لاتخاذ الإجراء اللازم".

يُذكر أنّ الحملات السابقة لتصحيح أوضاع العُمّال الوافدين في الأعوام الماضية، انتهت بترحيل أكثر من (مليون) عاملٍ وافدٍ من المُخالفين، مُقابل تصحيح أوضاع (4 ملايين) آخرين بنقل كفالاتهم أو تعديل المُسمّى المهنيّ لهم.. وتستمرّ حملات (العمل) لتسوية أوضاع الوافدين في ظلّ انتقاداتٍ مستمرّةٍ للوزارة، بأنّها عاجزةٌ عن تأمين وظائفَ مناسبةٍ للخرّيجين من المواطنين السعوديّين.

يمكنكم الاستماع للبث المباشر عبر الضغط (هنا)


نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق