أصدرت وزارة العمل والتنمية الاجتماعية السعودية، بتاريخ 20-04-2017 قراراً يقضي بـ"قَصر العمل في المراكز التجاريّة المغلقة (المولات) بالمملكة على السعوديين والسعوديّات فقط"، هذا القرار جاء فرصة ذهبيّة انتظرها السعوديّون منذ سنواتٍ -حسب وصفهم على وسائل التواصل الاجتماعي- كونه يعمل حاليّاً في هذه المراكز حوالي (300) ألف سعوديّ فقط مُقابل (1.2) مليون عاملٍ أجنبيّ، وحسب خُبراءٍ اقتصاديّين، تمكّن هؤلاء الوافدون من تحويل نحو (700) مليار ريالٍ إلى بلدانهم خلال سبع سنواتٍ، بمُعدّل (26) مليار سنويّاً.. ومن المتوقع أن تقفز أرقام التوظيف إلى أكثر من (مليون) سعودي خلال الأشهر القليلة المُقبلة بعد تطبيق القرار الجديد.
وسيتم تطبيق القرار وِفق جدولٍ زمني، واستراتيجيّة مكانية، مع تسهيلاتٍ لتحفيز التنفيذ، يُحدّدها وزير العمل (علي الغفيض) في وقت لاحق، حسب مُعطيات سوق العمل وبيانات طالبي العمل.. حيث ستُلزم بالقرار كلّ الشركات العاملة في المراكز التجاريّة سواءً سعودية أو عالمية، مع عروض تُشجّع القطاع الخاص على التنفيذ، بتقديم الإعفاءات الضريبية والجُمركية، مقابل قيام الشركات بتدريب وتأهيل الشباب السعوديّ للعمل في المجال.
وفي توضيح تفاصيل القرار، أعلن المُتحدث الرسمي لوزارة العمل (خالد أبا الخيل) عبر حسابه على موقع "تويتر" أن: "القرار الوزاري نص على الالتزام بقرارات (التأنيث)، بالنسبة للأنشطة والمحلات التي صدرت قرارات بـ(تأنيثها)، والتي تُمثّل معظم الأنشطة الموجودة في المراكز التجاريّة، كما نصّ على وجوب الالتزام بشروط عمل المرأة".. وأضاف لاحقاً في تصريحاتٍ للإعلام، أنّ: "الوزارة ستقوم بالتنسيق مع لِجان التوطين في مناطق المملكة، بشأن خطط التنفيذ المُقرّرة ومواعيد تطبيقها، وفقاً لما تُقدمه من معطيات السوق وبيانات طالبي العمل".
اقرأ أيضاً: السعودية تقدم إغراءات لترحيل المخالفين.. وللسوريين "استثناءات"
تحدّثنا مع (أمّ أحمد - 25 عاماً)، موظّفةً في أحد متاجر(سيكريت) للملابس النسائيّة، والتي بدأت تبحث عن بديلٍ لعملها منذ الآن، فتقول: "عمل المرأة في (السعوديّة) وخصوصاً الأجنبيات محدود وصعب، فلا يمكنها العمل إلّا في مجال العائلات والنساء، وحركة خروجها صعبةٌ لحدٍّ مّا، كذلك لا يرضى الجميع تشغيل غير السعوديّات في ظلّ مثل هذه القرارات، و.. فكّرتُ بالاستمرار في عملي كبائعةٍ ومسوّقةٍ لكن من المنزل وعلى الهاتف كما تفعل أخواتٌ سورياتٌ كثيراتٌ، ريثما أعثر على عملٍ آخر أكثر استقراراً".
وانتشرت توقّعات مُحللين اقتصاديّين سعوديّن تتكهّن بأنْ يبدأ تطبيق القرار مَطْلع العام الهجريّ القادم الموافق لتاريخ 21-09-2017، من خلال منح مُهلة للمراكز التجاريّة، كي تقوم بتسريح موظّفيها الأجانب وإحلال سعوديّين مكانهم، وأكّد ذلك كلام رئيس اللجنة السعوديّة لسوق العمل (منصور الشثري)، الذي استشهد بقرارٍ سابقٍ صدر بـ"توطين المولات في منطقة (القصيم)، وإمهالها مدّة ستّة شهورٍ للتنفيذ".
ولم يشمل القرار جميع قطّاعات (البيع بالتجزئة) الذي يُشكّل الوافدون الأجانب خُمس قوّة العمل فيه، فقد نفدَت من خانة قرار "السَعْوَدة" المذكور المحالّ والمراكز الصغيرة خارج نطاق المراكز الكُبرى، إذ سيقتصر تطبيقه على المراكز التجاريّة المغلقة، فيما سيبقى مسموحاً للوافدين الأجانب العمل في القطّاع خارج "المولات".. وبذلك، يتوقع المُحلّلون الاقتصاديّون أن تُتاح أمام السعوديّون أكثر من (35) ألف فرصة عملٍ جديدةٍ.
كذلك (سعيد الحمصيّ - 37 عاماً) أب ومُعيلٌ لأهله، تخوَّف من تَبِعات هذا القرار، فهو يعمل كـ"مدير صالة عَرْض" في متجرٍ للمفروشات ضمن أحد المولات منذ خمس سنواتٍ حين قدِم المملكة بزيارة لأول مرّة ولم يُغادرها؛ يقول: "تكمن المشكلة في أنّ فرص العمل ضمن محالّ البيع خارج المولات قليلةٌ جدّاً.. فمن جهةٍ أولى ستكون مساحة العرض والطلب في المحالّ أصغر من المولات وبالتالي لا تحتاج موظّفين كُثُر، ومن جهةٍ أخرى غالباً ما يتواجد صاحب المُلْك على رأس عمله وصندوق ماله فيكون عمل الموظّف محدوداً جداً تحت يده والراتب محدودٌ كذلك".. وقد ذكر (سعيد) تحصيله لحوالي 6000 إلى 7000 ريالٍ شهريّاً، بعمله دوامَين صباحاً ومساءاً مع نسبةٍ تزداد على مبيعاته، وهو مبلغ يُعتبَر جيداً جدّاً لوافد دون إقامة بوضعه، لكن بعد القرار والتسريح يتخوّف ألّا يُحصّل نصف هذا الدَّخْل شهريّاً.
يُذكر أنّ قرار "سَعْودة وظائف المراكز التجاريّة" يأتي ضمن جُملة قراراتٍ تبنّتها البرامج السعوديّة الوطنيّة: (التحوُّل الوطني-2020)، و(رؤية المملكة-2030)، التي جعلت "السَّعْوَدة" أو "توطين الوظائف" هدفاً لها، في ظلّ ضغوطٍ تُمارسها القِوى الاقتصاديّة السعوديّة المُختصّة، من أجل تقليص الاعتماد على العمالة الوافدة، التي تُشكل (42%) من فرص العمل بالسوق السعوديّ الحكومي والخاص.
يمكنكم الاستماع للبث المباشر عبر الضغط (هنا)